[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ماذا لو عادت المعادلة الذهبية مصر وسوريا في هذا المناخ العربي اللامطمئن إطلاقا؟ .. وماذا لو أضفنا إليها إيران ليتكون الثلاثي الأكبر في تاريخ المنطقة والأكثر قدرة والممتلئ عافية وإمكانيات، إضافة إلى تعداده السكاني؟
في رأس ما هو مطلوب من أجل عودة الروح إلى المنطقة أن تعود مصر إلى دورها الريادي الذي خسرته منذ أن حطت روحها وأقدامها وجسدها في كامب ديفيد .. تلك الاتفاقية خلعت مصر من حقيقتها الجغرافية، ومن ريادتها للعالم العربي، بل من سموها في أن تكون رائدة إسلامية، وإفريقية.
الكل بانتظار أي المكان الذي تتبوأه الكنانة، وأي الموقع الذي ستحققه .. لا بد مهما طال سفر القاهرة عن إخوانها العرب أن تستقر على قاعدة ما كان .. عندما نتطلع في أرشيف مصر الذهبي الذي عاشته منذ الخمسينات وحتى رحيل الزعيم عبدالناصر، سنجد كم الفوارق بين ذاك الزمن وبين اليوم، بين أن تكون مجمعا لأقوى الأوراق بين أيديك وحاضرا في المكونات الكبرى للكرة الأرضية، وبين أن تكون خاسرا للذات المصرية التي نسيها المصريون في غمرة حالة الموات التي استقرت في عهد حسني مبارك، وأسست لها كامب ديفيد كل البدايات السقيمة.
نضيف معلومة للذين لا يعرفون أن في مصر جيشين هما الثاني والثالث، فأين يكون الجيش الأول؟ .. الجواب ببساطة هو الجيش العربي السوري. ما زالت مصر إلى اليوم ترفض تسمية الجيش الأول كي لا تسقط عمرا ذهبيا وورديا من عمر قوتها العسكرية والشعبية فظلت على التسمية التي أطلقت إبان الوحدة مع سوريا بجعل الجيش العربي السوري حاملا لشعار الأول. هي المعادلة الصميمية التي عاشتها القاهرة ودمشق، ورغم الانفصال اللئيم ظلتا على أمل اللقاء من جديد، وكلما اقتربتا، منذ أيام صلاح الأيوبي، حققتا نجاحات باهرة .. أليسا كما أطلق على علاقتهما الوطيدة أنهما حقيقة الأمن القومي العربي وأنهما كالطائر الذي لا يمكنه الطيران إلا بجناحين.
ننتظر مصر، الرقم الصعب في المعادلة تلك والتي على أساسها تبنى واقعية محور كبير يخلص المنطقة من لعب الصغار الذين ظنوا مجرد تلزيم أميركا لهم بإدارة شؤون الأزمات أو الأحداث في منطقة ساخنة، إن صار لهم أنياب، فيما هي أسنان بعمر الحليب لا أكثر. وأما المعادلة المطلوبة، فهي محور كبير يضم مصر وسوريا وإيران، الثلاثي الذي ينظلق من تاريخ وماضٍ وقوة حضور ومناعة، وليس أولئك الذين لا يملكون سوى بعض الذكريات البسيطة عن عالم كانوا فيه خلال القرن العشرين فقط.
عودة مصر بعد غيابها القسري، سيكون له انعكاساته الكبيرة على المنطقة وعلى سياسة المحاور، فتكون فيه قائدا كعادتها، أمة في شعب، قوة تكتمل من خلالها روح العروبة التي قادتها القاهرة في عز الأزمات وصنعت من خلالها ثورة الأمل .. وحدها القاهرة لن تتعرف على هذا العرين كونه ملكها الدائم، لسوف تدخله لتغير من خلاله أمورا كثيرة ..
هل يتحقق الوعد؟ .. أغلب الظن أن أية قيادة مصرية سوف تراعي تشابكها مع محور كهذا، خصوصا وأنه أثبت مناعته في وجه أكبر عاصفة من المؤامرات عليه .. ثم أليس هو امتدادا لليد الروسية القوية التي تحنو عليه، وبالتالي تحتضنه، وهي الخارجة من غبار السقوط المدوي للاتحاد السوفييتي، على أمل أن تعود إلى عهده؟