[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
أكثر من مئتي ألف قتيل في سوريا إضافة الى خراب عميم، وأكثر من مليون عراقي قتلهم الاحتلال الأميركي وما بعده، وعشرات الآلاف من الليبيين والحبل على الجرار، وعشرات الآلاف من اللبنانيين ايضا منذ ان وقعت حربهم الداخلية والى الآن، ومئات الآلاف من الفلسطينيين .. وقبل هذا وذاك مليون جزائري سطرت دماؤهم قصة نيل الاستقلال الوطني في أبهى صوره ... وما زلنا ننتظر الأكثر سواء في تلك الأقطار أو في غيرها.
عالم من الدماء لن يجف، فكلما انتقلنا من مرحلة، واجهتنا أخرى أبشع منها وأصعب، وكلما اعتقدنا أننا فزنا بأمل الهدوء، وجدنا أنفسنا وسط أزمة وأزمات .. لايبدو أن تاريخا مريحا ينتظر المنطقة والعرب تحديدا، بل إن الأبشع ماعلقنا به منذ سنوات قليلة، سوف يضطرنا ايضا الى بذل المزيد من الدماء .. فليس هنالك فرصة للخلاص بالمجان او بالإقناع، ومن يقنع إرهابا تم مسح عقله وليس يعرف سوى السكين أو الرصاصة، كأنما جاء هؤلاء من كوكب آخر، كأهم ليسوا بشرا سويا تشبه أجسادهم بقية أجساد أهل الأرض.
سنظل نقول بحكم معرفتنا لعدونا التاريخي إسرائيل، أن الأمل ضئيل في تحقيق تهدئة في المنطقة أو في إنجاز أي تعريف جديد قائم على ايجاد فرص مختلفة لأمة واعدة. لقد وضعت إسرائيل ومعها تم محاصرة الأمة بأشكال مختلفة من أجل تفتيت عضدها وإبقائها حائرة منهوكة منهوبة مدمرة الروح والوجدان.
وجدت إسرائيل كي لايكون هنالك وطن عربي يعيش مجده الميمون، ويطرح قدراته العقلية المتطورة بدل ان يتلقى قدرات الآخرين، وأن يبتدع بدل أن يعيش على الإبداع القادم من بعيد، وان يظل مرهونا بلقمة قمحه، وان تسرق خيراته، وان يحتل عقله فيعيش جسدا بلا روح .. من المؤسف ان ليس إسرائيل على هذه القوة المدبرة، بل هو الهزال العربي، مضاف اليه مساعدات الغرب لإبقاء العرب على الصورة التي شرحنا.
لن يتوقف شلال الدم العربي، قدر صعب لكنه في حدود معاناة امة مطهر لابد منه .. لهذا تنقسم شعوبنا في خياراتها، بين من يصمد بوجه الرياح العاتية ويقرر الدفاع عن وجود امته، وبين من يأخذ طريقه نحو عالم آخر معتبرا ان الفوز بهذه الطريقة منجاة لشخصه مهما كانت حاجة الوطن اليه، ومهما استصرخت فيه الأمة من همم.
ومثلما قرر أعداؤنا قتلنا ومحاصرتنا وإفسادنا وسلب خيرنا العميم وإبهار أجيالنا بقشورهم وسطحياتهم .. فإن شعوبنا ما زالت حاضرة في الميدان .. ليس أقلها ما يفعله السوريون وما ارتضوه من صمود وممانعة ومقاتلة .. وهو حال أهل فلسطين الذين ببتدعون كل يوم اشكالا من التعبير النضالي، وبقية اهل الأمة الذين لهم مواعيدهم الخاصة في الدفاع عن وجودهم بطرقهم المختلفة.
كل هذا يتطلب وقتا طويلا وصراعا مفتوحا بلا نهاية، ولن يكون هنالك مفاجآت اذا ما كان كل عربي مستعدا للمنازلة. نحن الآن في قمة الهجوم علينا لتحطيم ليس الاقتصاد والمال والمدن وكل شاهد على حضارتنا، بل سحق النفوس قبلها من اجل ان يتحول العربي الى مسخ قابل للعيش كما هي أرادتهم.
لن نقول إن الأمة بخير، لكنها مليئة بالقدرات التي تجعل الصراع ضدها مختبرا لقوتها المتوفرة بين أيدي شعوبها. وليكون معلوما أن لا خلاص إلا بزوال إسرائيل.