[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” إن غض الحكومات الغربية الطرف عن منظمات بلافتات إسلامية روجت لأفكار أدت إلى سفر العديد من أبناء هذه الدول للقتال في العراق وسوريا والذين حتى وان كانوا من أبناء المهاجرين الا أنهم جيل نشأ وترعرع في هذه البلدان أوجد قنبلة موقوتة تهدد أوروبا حال عودة هؤلاء بعد أن حولتهم المعارك الى آلات للقتل والتفجير.”
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان ما تعرضت له العاصمة الفرنسية باريس ليلة السبت الماضي من تفجيرات إرهابية غير مسبوقة فإن التعامل مع هذه الجريمة يستدعي بدوره مراجعة جادة وغير مسبوقة للسياسات الغربية التي لها دور أساسي في إذكاء نيران إرهاب اكتوت به منطقتنا قبل أن يمتد اللهيب إلى أوروبا.
فإعلان فرنسا حالة الطوارئ وإغلاق الحدود هو أمر طبيعي ومطلوب بعيد التفجيرات الدامية التي تبناها "داعش" وأسفرت (حتى كتابة هذه السطور) عن مقتل 128 شخصا وإصابة نحو 200 آخرين بجروح.
وإن كانت هذه الهجمات التي شملت عدة مواقع في باريس اضافة الى مسرح باتكلان الذي شهد وحده مقتل أكثر من 100 شخص بعد احتجاز رهائن تبعه اقتحام تؤكد وجود تخطيط محكم للإرهابيين فإنها أيضا تعكس بالتأكيد تقصيرا أمنيا واستخباراتيا لدى أجهزة الأمن الفرنسية بشكل خاص والأوروبية بشكل عام.
فيما يخص التقصير الأمني فالمتعارف عليه أن أية منظومة أمنية مهما بلغت قوتها فإنها تحوي بين جنباتها ثغرات والتحقيق في هذه الثغرات ومعالجتها أمر يقع على عاتق هذه الأجهزة بالدرجة الأولى.
أما التخطيط المحكم من قبل الإرهابيين الذين استطاعوا تنفيذ عمليات إرهابية متزامنة طالت إحداها (ونعني هنا الانفجار الذي وقع قرب الاستاد خلال مباراة ودية بين فرنسا وألمانيا) مكانا يتواجد فيه الرئيس الفرنسي نفسه يتحمل مسؤوليته كل من دعم جماعات إرهابية سواء أن كانت صريحة أو تدعي الوسطية والاعتدال. هذا الدعم للإرهاب لا يقتصر على التمويل والتسليح والتدريب والسلاح بل يبدأ بالتعاطف أو التبرير وحتى التضخيم من قدرات هذا الإرهاب بل وتمني نجاح مقاصده.
أما المحك الرئيسي لجهود محاربة الإرهاب فانها تتمثل في اعادة النظر في سياسات أدت إلى تمدده حتى وصل الى من ظنوا أنهم بتوطينه في بلدان أخرى هم بمنأى عن ضرباته .. فواهم من يظن أن من يربي الأفاعي ويطلقها ضد الآخر هو بمأمن عن سمومها.
إن غض الحكومات الغربية الطرف عن منظمات بلافتات اسلامية روجت لأفكار أدت الى سفر العديد من أبناء هذه الدول للقتال في العراق وسوريا والذين حتى وان كانوا من أبناء المهاجرين الا أنهم جيل نشأ وترعرع في هذه البلدان أوجد قنبلة موقوتة تهدد أوروبا حال عودة هؤلاء بعد أن حولتهم المعارك الى آلات للقتل والتفجير.
هذه المنظمات والجماعات تحظى أصولها في البلدان العربية بدعم غير محدود من الغرب حتى أن أي تعامل أمني معها يقابل بالاحتجاج والاستنكار سواء على الصعيد الرسمي للدول الغربية أو عبر بيانات جماعاتها الحقوقية التي تصمت تماما عند ممارسة هذه الجماعات لأعمال إرهابية.
وبحسب تقرير صادر عن المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية فإن عدد الفرنسيين الذين التحقوا بداعش يبلغ 1500 شخص، يوجد نصفهم في سوريا والعراق وتشير تقارير أخرى إلى أن العشرات منهم قرروا العودة إلى فرنسا، لتأسيس ولايات جديدة داخل فرنسا، ويكونوا أداة التنظيم فيها.
لم يكن امتداد الإرهاب ليكون ممكنا بهذه الصورة لولا خلخلة السياسات الغربية لاستقرار البلدان التي تعتبرها أوروبا حاليا ملاذا أمنا للإرهابيين ولن يوقف هذا الامتداد الا بتعاون جاد لمحاربة الإرهاب .. تعاون يبدأ بمعاقبة الممولين والداعمين وعدم فتح المنافذ الاعلامية للمؤيدين والمبررين ناهيك عن استضافة بعض هذه المنافذ لزعماء الإرهاب.