**
بالكلمة السامية افتتح حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مجلس عمان، وباختصار للكلمات بعث الدفء فيه. أي عالم هذا الذي أرساه جلالته ليعيش عمرا مدويا بالحقيقة الساطعة التي تمت في رحلة عمان إلى العملقة.
لقد دعا جلالته المجلس الجديد لبذل الجهود في دفع مسيرة التنمية الشاملة، وهو ما كان دائما الشغل الشاغل لجلالته، والمحور الذي تتجدد فيه دائما دم هذا المجلس. وجاءت كلمته السامية موجزة اللفظ شاملة المعنى، مؤكدة ما أنجز على أرض عُمان الماجدة، مُعظِّمةً شأنه وأهمية الحفاظ عليه، مُوجِّهةً عزائم الرجال نحو أماناتها ومسؤولياتها الوطنية. وأهمية تضافر الجهود وتكاتفها، والعمل بروح الفريق الواحد من أجل مواصلة مسيرة البناء والتنمية الشاملة والمستدامة، والاستمرار في إضافة لبنات جديدة في بناء الوطن الشامخ، حيث تحديات المرحلة ومقتضياتها تستدعي توافر الإرادة والعزم والصبر والجد والاجتهاد.
إن هذا المجلس بدمائه الجديدة بمثابة العقل الذي يراهن عليه الشعب وقائدة بأن يرفد الأداء الحكومي بالأفكار التي من شأنها دفع عجلة التنمية بالوتيرة التي تمكنها من تجاوز كل المستجدات المعيقة، إضافة الى إغناء التجربة العمانية الشوروية من خلال ترسيخ الفكر الحواري بينه وبين الشعب وبينه وبين الحكومة وأجهزة الدولة المختلفة.
فمن دلالات تلك التجربة، أنها قدمت للشعب العماني ماهو أرقى أشكال التعبير الديمقراطي والاهتمام المطلق بحاجاته، ودفعت مسيرة المرأة إلى الأمام، وحققت رغبات كل مواطن بالعيش الكريم، وساهمت بترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية.
وحين يدعو جلالته ـ حفظه الله ـ إلى هذا المفهوم، فتراه يعرف أي شعب هو شعبه، وأي انتماء ينتمي إليه مخلصو هذا الوطن العزيز. المسألة باختصار كتابة الجزء الآخر من التاريخ الناصع، بدءا من الحلم الذي تحقق إلى ما لانهاية من محققات عمانية. وأما الحلم فهوعمان اليوم، ذلك الازدهار العملاق، وتلك المواصفات الخالدة، والعرق الذي سيظل يدلل على تعب العماني في تحقيق غايات نهضته والجهد الجبار الذهني والبدني الذي بذله قائد مسيرة النهضة المباركة.
أجمل ما تحقق أنه بات واقعا، لكن الأجمل يعني المستقبل بطبيعته. فالعماني برعاية جلالته قادر على مواصلة مسيرة النهضة بكفاءته المعهودة، ولديه المزيد من العزم على رعاية ما توفره يداه وما يجترحه عقله. أن الحياة في بلادنا اليوم لمن وهبها تضحياته من أجل وطن حر ليظل الشعب سعيدا كما وعد جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ في أول خطاب له في 23يوليو 1970م" أيها الشعب .. سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل.."
إن أقل ما يقال في هذه المناسبة المتجددة إنها عنوان دائم وثابت في حياة وطن طموح يسعى فيه أبناؤه دائما من أجل غد أفضل. لقد بات هذا الغد هو المصطلح المجمع عليه، ومن كان له هذا التفكير وهذه الرؤية سيفتح عينيه ليرى وطنا بشاكلة عمان، البهجة فيها سباقة.
لا يكفي الشكر لجلالته على مامنحه من وقت لهذا المجلس لأنه منح عمان عمرا وخبرة وعرقا وكتب الأمل لها منذ لحظاته الأولى، ومن يسترحع بيانه الاول يعرف انه رأى عمان كيف ستكون عليه بعد عشرات السنين، فالرجال الخالدون هم من يصنعون اللحظة بعمر مديد، يرون آخر شرقطة نور لا يراها آخرون.
وبإذن الله وبالرعاية السامية سيكون هذا المجلس بالدماء الجديدة، كما أراده دائما جلالته، من الشعب وإلى الشعب، وخلية عمل دؤوب، فالمطلوب الدائم أن تظل بلادنا على ألقها وعلى الشكل والمضمون اللذين إرادهما جلالته. على روح النهضة التي خطت تجربتها بنجاح دائم، فأينعت كل هذا المحقق، وكان لها في كل يوم إضافة لا تتوقف.