[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
يوم غد الثامن عشر من نوفمبر يوم مجيد للسلطنة، ولكل من يقيم على هذه الأرض الطيبة التي تحتفي هذه الأيام بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد.
فهو مجد لم يلبسه شعراء المدح على عمان وتاريخها كصفة ثناء، بل حقيقة ماثلة يتلمسها كل متابع لمسيرة تطور الدول والشعوب، وذلك في وقت رسخ فيه معنى ومفهوم بناء الدول للأكاديميين بأنه عملية طويلة ومعقدة تحتاج دهوراً لبناء الدول وكياناتها، غير انها تبدو استثناء في الحالة العمانية، كون المجد معنى هو عزة ورفعة استندت على المكارم المأثورة والمتوارثة عن الآباء.
وعليه حق لعمان أن تحتفل بيوم مجدها لما تميزت به من تواصل حضاري بين ماضيها التليد وحاضرها النابض بالحياة المتجددة، ومستقبلها المبشر بالإشراق ارتكازاً على ما اتبعته من نموذح تنمية مستدامة راعت فيها حقوق أجيال الغد .
ان ماتعيشه عمان من مجد ليس محصورا في نواتج جهود التنمية المتعلقة بتطوير البنية التحتية التي تشمل على تشييد ورصف الطرق ووضع الأسس والمعايير الخاصة بتسيير الحياة الاقتصادية بمختلف مجالاتها التجارية والقانونية فحسب ، بل أولت بناء الإنسان الأولوية القصوى باعتباره هدف التنمية وأداتها أيضا ، فتوسعت الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية التي نافست أكثر دول العالم تطوراً في توفير الخدمات الصحية على وجه الخصوص، وذلك تأكيداً على مقولة قديمة مفادها بأن العقل السليم في الجسم السليم .. حيث إن العقل الانساني هو الذي يقوم بعمليات التنمية.
وفي سياق بناء الإنسان أيضا من حق عمان ان تحتفي بمجدها غداً، كونها تمكنت خلال سنوات معدودة أن تهيئ كافة السبل لبناء انسان قناعاته مشبعة بكافة قيم التسامح والتعايش السلمي والهمة والعزم والقدرة على التكيف مع مقتضيات الحياة العصرية بشخصية متمسكة بالقيم الأخلاقية القويمة دون غلو أو تطرف، ومقتدرة على التكيف مع مستجدات الحياة دون انحلال وتفسخ، ومتطلعة للغد دون تسرع.
وكنتيجة لكل ذلك تمكنت عمان، وبفعل تعاطي انسانها مع محيطه اليومي أن تتبوأ مكانتها التي تستحقها في منظومة المجتمع الدولي، فأصبحت بذلك رقماً يحظى بأخذه في الحسبان كلما كانت هناك حاجة للحنكة في التعامل مع القضايا التي تهم السلام والتعايش السلمي وحقن الدماء، فامتد المجد العماني وتمدد من الداخل العماني الى مختلف انحاء العالم الخارجي الباحثة عن الاستقرار، فنتج عن الحكمة العمانية نجاح الكثير من الوساطات العمانية الهادفة لتحقيق السلام بالمنطقة.
وبهذه التكاملية في بناء الإنسان وبيئته المحيطة به، قطفت عمان ثمار خمسة وأربعين عاما من السعي الجاد نحو بناء دولة المؤسسات العصرية التي روعي في مراحل بنائها التدرج دون ابطاء أو حرق للمراحل ، فهاهي عمان اليوم تفخر بانجازاتها ولاتقف عندها، بل تتطلع لمستقبل أكثر اشراقا تجني فيه إنجازات الأجيال الذين عكفت طيلة العقود الماضية على تنشئتهم ليواصلوا حمل راية البناء بتكاتف تتكامل فيه الجهود لمصلحة عمان وشعبها... فهنيئاً لعمان بعيدها الخامس والأربعين تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله وأبقاه.