تحظى التنمية بكافة جوانبها ومناحيها واتجاهاتها في بلادنا باهتمام بالغ، ورعاية وعناية كبيرتين من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ فجر النهضة المباركة، لما تمثله التنمية من مكانة مهمة وكبرى في بناء الدولة العمانية العصرية، وللتأكيد على أن النهضة جاءت لتكون شاملة من أجل الإنسان العماني وخدمته، وتوفير العيش الكريم له وكذلك توفير فرص عمل تضمن له حياة كريمة واستقرارًا اجتماعيًّا ونفسيًّا. وقد مثَّلت الجهود المضنية التي تقوم بها حكومة جلالته ـ أبقاه الله ـ مثالًا حيًّا على عمق الصدق والمحبة من قائد مسيرة النهضة المباركة تجاه شعبه، بدليل أن المنجزات الخيرة والمعطيات الزاهرة لهذه النهضة لم تتوقف عجلة تنميتها عند زمن ولم يحدها مكان، بل كان من أبرز سماتها الشمول والعموم دون الخصوص، ووفق الأولوية والحاجة التي تقتضيها؛ أي أن متوالية عطايا النهضة المباركة تؤتي أكلها كل حين ولكل مواطن أينما كان على أرض عُمان الغالية.
وكل يوم يمضي من أيام نهضتنا الحديثة يكون حافلًا بالفعاليات التي تؤكد أن مستقبل الاستثمار في البلاد واعد إلى حد كبير، واليوم ونحن نعيش أجواء نوفمبر الوطنية وأفراحه، نقف على جهد جديد يهدف إلى خدمة الوطن والمواطن وإلى رفد اقتصادنا الوطني وتنميته، هذا الجهد يتمثل في ملتقى فرص الأعمال في نسخته الثالثة الذي انطلقت فعالياته أمس بمركز عُمان الدولي للمعارض والذي تنظمه غرفة تجارة وصناعة عُمان لمدة يومين، حيث شهد يومه الأول توقيع عقود بلغت قيمتها أكثر من (482) مليون ريال عماني، بمشاركة لفيف من كبار الاقتصاديين الوطنيين والأجانب، ويتضح من خلال العقود الموقعة والموضوعات التي نوقشت أمس وستناقش اليوم أن بلادنا حافلة بفرص الاستثمار الصناعي والسياحي والخدمي أيضًا.
إن لغة الأرقام من خلال العقود الموقعة تؤكد الجهد المبذول من أجل تنظيم الملتقى وإنجاحه وحجم الترويج، وهو ما يتضح عبر ارتفاع حصيلة العقود الموقعة عن الملتقى السابق في نسخته الثانية، كما يعبر عن قدرة المعنيين بالترويج للاستثمار في السلطنة على توضيح إمكانات الاستثمار وواعديتها ولما تمثله السوق العمانية من دور جاذب وواعد، والتنامي اللافت للمستهلكين والراغبين في الكثير من الخدمات وفي العديد من المجالات ذات العلاقة والاهتمام المباشر بالحياة اليومية والمعيشية. كما يطرح هذا التطور عن حصول تغير ما أو نضوج ـ إن صح التعبير ـ لدى القطاع الخاص والمستثمر المحلي بأهمية رفع مستوى الشراكة إلى الحد المأمول، ومقابلة ما تقدمه الحكومة من تسهيلات مغرية جدًّا لمؤسسات القطاع الخاص والمستثمر المحلي بشيء من الإيجابية.
ما من شك ـ وحسب مسؤولي غرفة تجارة وصناعة عُمان ـ أن تجربة ملتقى فرص الأعمال في إيجاد منصة للشركات والمؤسسات لتبادل الخبرات والتجارب والاستفادة من الفرص المتاحة تحت سقف واحد، أصبحت تجربة رائدة، ولها أثرها على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، سواء من خلال تبادل المنافع والخبرات وتسهيل سبل الاستثمار، أو من خلال تعزيز العلاقات وتطويرها، بما يضمن تحقيق الديمومة له كتظاهرة اقتصادية، وبما يسهم في الترويج للسلطنة كوجهة استثمارية رئيسية على خريطة الوجهات الاستثمارية على المستوى الدولي، وأن ينعكس تأثيره على القطاع الخاص العماني بحيث يصبح أكثر اتحادًا وتجانسًا لمواجهة المنافسة الخارجية وأكثر نضجًا وفهمًا للعمل الاقتصادي الحر بمختلف أطيافه.