**
تعيش بلادنا أياما وطنية ليست كباقي الأيام، تمضي فيها سفينة الأمجاد بطاقم من سلالة الأخيار، حاملة عبر متنها من القيم ما يعلي القامات، ومن المبادئ ما يُحنى لها الهامات، فتتفرد بلادنا بجمال يأنس له القلب، وتطيب معه الحياة، حيث لاحت في الأفق أياما نوفمبرية مجيدة تحتضن الكثير من المسرات والأفراح والسعادات وتحتوي على الكثير من الانجازات الشامخة في هامة التأريخ، بل لا نظير لها في عالمنا المعاصر، بعد أن استأذنت الأعوام والأيام في الانصرام والرحيل، فمضت خمسة وأربعون عاما من عمر نهضتنا المباركة في بناء وتعمير، جسدت ملحمة وطنية مجيدة، تشابكت خطوطها وتقاطعت بين نهضة العمران والتعليم وتطور القطاع الصحي وازدهار الجوانب الاقتصادية والنهوض بالمجال الاجتماعي وتعمير الجوانب السياحية وغيرها من القطاعات التي رأت النور ولاح لها الفجر والشروق، لنفخر بها اليوم بعد بزوغ عام جديد على عمان التي بلفظها يحلو اللسان، وبالعيش فيها تطيب الحياة، وتتنزل البركات، فما أن تبنى مدرسة أو يعمر طريق أو تنهض مؤسسة أو تستحدث فكرة فتتحد بها الافكار، أو يبزغ فيها فجر جديد، أو يطل عليها يوم سعيد، إلا ويرافق ذلك بناء المواطن العمانيّ، الذي به تسمو البلاد، وتزدان هيبة وسلام، متراكما ذلك في جيل بعد جيل، ببركة الاوطان وسلاح العلم والايمان، وما ذلك سوى دلالة واضحة، وإشارة بيّنة على ثبات العمل بهمة لا تعرف للملل معنىً ولا للسأم منفذا، كما أنها لا تخضع للهوان ولا تخنع للهوى، فحرصت على أن يستلهم الانسان الفكر بالعمل الدؤوب والتضحيات والعزائم التي بنت الانسان وعمّرت الاوطان.
خمسة وأربعون عاما من عمر النهضة المباركة، قصة كفاح ونجاح، وها هي بلد التاريخ والحضارة تسير على ركب الحضارات وتساير العالم دون فوارق أو عوارض، تمضي في ثبات بنهج حصيف وتواصل بناء التاريخ والحضارة وتستمد ذلك من الاصالة المستلهمة لبناء المعاصرة، على نهج أبنائها الأشاوس الذين يستمدون الوقار ويرتشفون الحكمة الملهمة من القبس العظيم سلطاننا المنير الذي صاغ أسس البلاد، فصنع التقدم، وطور الانسان الذي اعتبره رأس مال الدولة في ظل معطيات دقيقة بأهداف عظيمة فوجّه دفة الحضارة وأرسى دعائم البلاد رغم مشقة الانجاز والتحديث، وتحديات الوصول الى بر الأمان، بعد أن وضع بوصلة الامان مقياسا يقيس به الاتجاه السليم للعيش بأمان واطمئنان فينعم بذلك الشعب الوفي كما نتقاسم ذلك مع الآخرين في كافة أقطار العالم بما يحقق السلام ويرسي أواصر الأخوة ويوثقها، ويقطع الغلّ والاحقاد من القلوب.
خمسة وأربعون عاما لا شك أنها اختبار تمَكنّا من اجتيازها بفضل الله وسداده وتوفيقه بنجاح، موقنين ذلك مع حرص الجميع وتكاتف الهمم فيما بينهم، واستندنا إلى التعاون والتعاضد ملحمة بطولية لبناء الوطن وتطوره حتى أضحى ملحمة إنجاز تستمر اليوم، وتتواصل الاستمرارية مع تعاقب الاجيال جيل بعد جيل من بناء إلى بناء، أكثر شموخا وأنفع علما، فما كان بالأمس حلما نتمنى تحققه، أضحى اليوم واقعا وحقيقة نافعة للعباد والبلاد.
خمسة وأربعون يغدو اليوم رمزا ذو دلالة واضحة للعيان، ويصبح نقاء سرمديا بخيراته للجميع، وسيبقى في تطور مستمر بل سيتذكر أبناؤنا من بعدنا بأنهم مسؤولون عن حمل الراية التي تعني مزيدا من العناء والجهد لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى ومزيدا من المسؤوليات الجسام والتقدم العلمي وطلبا لمزيد من الأمن والأمان فيعم أرجاء البلاد كما يعني مزيدا من التنمية المستدامة والتنويع الحضاري يعم الجميع دون استثناء. وكل عام وعماننا بخير وازدهار، والجميع في خير واستبشار.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]