خلال مشاركته في اجتماع لجنة التعاون الصناعي لدول المجلس خلال الاسبوع الماضي قال الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف الزياني إن التوجه العالمي نحو مزيد من تحرير التجارة الدولية وزيادة المنافسة العالمية في اطار منظمة التجارة العالمية بقدر ما أوجد فرصا أمام هذه المنتجات الوطنية أثار تحديات جديدة، مؤكداً على ضرورة التعامل الايجابي مع التقلبات الاقتصادية العالمية المؤثرة مع التركيز بشكل كبير على أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق ذلك والحد من آثارها.
ومما لاشك فيه أن دول مجلس التعاون باتت تدرك ان نهج تحرير التجارة العالمية بات يبرز في الوقت الراهن كنهج عالمي تتبعه الكثير من الدول في اطار برامج موضوعة للاصلاح الاقتصادي واتفاقيات منظمة التجارة العالمية، كما ينطوي هذا النهج على جعل الانشطة الاقتصادية والاستثمارية قائمة على اساس التنافس والكفاءة امام المستثمرين المحليين والاجانب وتخليص الاقتصاد من التشوهات والمعوقات التي تحد من تحقيق ذلك. وبمعنى آخر فإن اقتصاديات دول المنطقة - وبالمحصلة النهائية- لابد ان تنفتح امام اقتصاديات العالم سواء تحت مظلة الجات او غيرها من المظلات ، فالسنوات القادمة هي سنوات اندماج الاقتصاديات وتكاملها على مستوى العالم.
ومن أجل تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه التطورات يدعو خبراء دول التعاون للاهتمام بقضيتين اساسيتين ذات صلة بالتحرير الاقتصادي وتحسين البيئة التشريعية للاستثمار، الاولى هي كون اجراءات التحرير الاقتصادي لا تمثل غاية بذاتها وانما وسيلة لبلوغ غاية معينة والقضية الثانية هي الاجراءات التى ترافق قرارات تحرير الاقتصاد.
ويلاحظ انه وعلى الرغم من الجهود المتواصلة والحثيثة التي تبذلها الاجهزة المعنية في دول المنطقة من اجل تثبيت وتطوير سياسات التحرر الاقتصادي، فإن التحرر الاقتصادي المتحقق في هذه الدول لم يتم استثماره بالشكل المطلوب سواء في جذب الاستثمارات الوطنية اوالخارجية. فاجراءات التحرير الاقتصادي تنطوي على تكاليف يدفعها الاقتصاد الوطني نفسه، واذا لم تقابل هذه التكاليف المردودات المرضية على المديين القصير والطويل الأجل فلا بد ان يعاد النظر في تلك الاجراءات.
ويمكن الملاحظة ان حجم الاستثمارات المحلية والاجنبية لا تزال في مستويات متواضعة ولا تمثل أكبر من 1% من إجمالي الاستثمار العالمي، كما لا يزال هناك الكثير مما يستوجب العمل من اجل تحقيقه لمرحلة ما بعد التحرير التجاري والاقتصادي. والدعوة هنا تتركز على ضرورة وجود برامج واضحة ومرسومة لأهداف ومضامين وأساليب التنمية الاقتصادية التي دول التعاون الى تحقيقها من وراء سياسية التحرير الاقتصادي والتجاري والتي سوف يوصلها الى بناء اقتصاد منوع وقوي خاصة في هذه المرحلة وبحيث تبين هذه البرامج الدور المناط بكل قطاع اقتصادي والأسس المعتمدة لتحسين كفاءة كل قطاع ومن بينها سياسات التحرر الاقتصادي.
فمن شأن وجود هذه البرامج ان توضح وتطمئن المستثمرين للمسارات الاستراتيجية للتنمية وكيفية تحقيق مساهمات اكبر من قبلهم في تحقيقها. وبالتالي يمكن القول ان سياسات التحرير التجاري والاقتصادي قد قامت بأداء دورها المطلوب في التنمية الاقتصادية وتمكنت من تغطية تكاليفها.

د.حسن العالي