[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
لماذا طالت الهجمات الإرهابية روسيا وفرنسا على التوالي دون غيرهما من الدول المشاركة في محاربة "داعش"؟! .. سؤال يطرح نفسه في إطار البحث عن الدوافع الحقيقية وراء ارتكاب تلك الأفعال الإجرامية التي تحرمها كافة الأديان .. هل السبب حقا كما أعلن لمعاقبة موسكو وباريس على مشاركتهما في الحرب على "داعش"؟ وهل هذا يعني حسب هذا الدافع أن العمليات الإرهابية ستطول دول أخرى لنفس السبب .. أم أن هناك أسبابا أخرى وراء سقوط الطائرة الروسية وسط سيناء وتفجيرات باريس التي هزت العالم كله؟!
بمعنى آخر، هل لمصر علاقة أو بمعنى أدق سببا للانتقام من روسيا وفرنسا نظرا لمتانة العلاقات التي تربط البلدين بالقاهرة، فموسكو تعد في الوقت الحالي الحليف القوي الذي يساند مصر بعد ثورة الـ30 من يونيو، وقد شهدت العلاقات بين البلدين برئاسة فلاديمير بوتين وعبدالفتاح السيسي تطورا مذهلا في شتى المجالات، وهو ما أقلق الكثير من الدول بما فيها الولايات المتحدة وبالطبع إسرائيل .. وبالتالي جاء حادث سقوط الطائرة الروسية وسط سيناء ليعكر صفو العلاقات بين البلدين، وهو ما دفع موسكو على مضض لاتخاذ قرار يعد شكلا من أشكال قطع العلاقات، وقررت وقف الرحلات الجوية بين البلدين رغم ما سيحققه هذا القرار من أضرار اقتصادية للطرفين .. وفرنسا أيضا تربطها بالقاهرة علاقات وطيدة ومتميزة، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند شارك بنفسه في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة 6 أغسطس الماضي في لفتة اعتبرها المحللون السياسيون دليلا على متانة العلاقات بين البلدين، كما أن باريس مدت مصر بأحدث مقاتلاتها وهي الطائرة "رافال" وحاملة الطائرات المروحية "ميسترال" وهي صفقات عسكرية أثارت قلق كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل!
إن كل المؤشرات تؤكد في أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها روسيا وفرنسا، وأصبحت تهدد كل دول العالم أن هناك أجهزة مخابرات عديدة وراءها، وذلك إذا نظرنا لطبيعة تنفيذها من ناحية، ومن ناحية أخرى لتزامنها مع اختلاف المصالح بين الدول الكبرى. والحقيقة التي أصبحت مؤكدة أن التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "داعـش" أصبحت أدوات طيعة في أيادي المخابرات تحركها كما تشاء ووقتما تشاء!
المسألة الأكثر خطورة التي تتسبب فيها مثل هذه العمليات الإرهابية هي عودة ظاهرة الإسلاموفوبيا لتشكل هدفا وذريعة لسياسات الحكومات الغربية تجاه دول الجنوب والشرق وعادت الظاهرة مرة أخرى إلى المجتمعات الأوروبية لتخلق حالة من العنصرية بين المسلمين والعرب من جهة، والأوروبيين من جهة أخرى. وهو ما شكل مبررات لكثير من حوادث الإرهاب، حيث شهدت السويد مثلا انفجارا خارج منشأة كانت تعد لاستقبال اللاجئين ما أدى لتحطم نوافذ وواجهة المبنى دون وقوع إصابات بشرية، وخلال العام الحالي تعرضت 10 أماكن كان يستخدمها طالبو اللجوء للسويد للحرق، وكان آخرها حرق مدرسة مهجورة كان من المخطط أن تتسع لنحو 80 لاجئا جنوب السويد، وقالت الشرطة وقتها إن الحريق متعمد.
ويذكر أنه وسط كل أحداث العنف المتصاعدة في العالم التي يحرص الإعلام الأوروبي على إبرازها يشهد نفس المجتمع أحداثا مماثلة تجاه المهاجرين في الدول المختلفة التي بالرغم من عنفها وتكرارها لا يتم التعامل الإعلامي معها ومع جذورها بنفس القدر الذي يتم مع حوادث التفجيرات التي يتم توجيه أسبابها دائما إلى العرب والمسلمين دون أدلة دامغة.
ويؤكد هذا المعنى المحلل الاستراتيجي الفرنسي باسكال يونيفاس الذي أشار إلى تفشي آفة الإسلاموفوبيا التي تمنع الاندماج الكامل للجاليات العربية والمسلمة، وهي أيضا المسؤولة عن الاضطهاد والتمييز الاقتصادي ضد العرب وقال: إن بعض الإعلاميين والمثقفين الفرنسيين الذين يدافعون عن الديمقراطية هم أنفسهم من يغذون هذه الظاهرة. وأضاف يونيفاس: إن ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا ليست بحديثة العهد، بل إن التمييز والعنصرية ضد العرب كانا حاضرين بشكل قوي في الماضي، بل إن العرب والمسلمين يعانون العنصرية والتمييز أكثر من فئات أخرى في المجتمع الفرنسي .. والدليل تعدد المقالات في الصحافة الفرنسية حول المسلمين وتصريحات بعض السياسيين المنتقدة للعرب والمسلمين.