[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
”(انشغل) هذا المواطن أخيرا بما شهده السوق العالمي من تراجعات حادة في أسعار النفط، نظرا لما تمثله هذه الثروة من أهمية بالغة على حياة الانسان فردا كان أو تاجرا موظفا أو باحثا عنها مؤسسة حكومية أو خاصة بل وعلى جميع القطاعات والأعمال والمشاريع التنموية والخدمية وعلى مسيرة العمل التقدمي في مختلف الحقول والمجالات،”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انشغل المواطن العماني عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت باتساع وتعدد قنواتها وأشكالها وأدواتها إلى متنفس طبيعي لا محدود لشريحة كبيرة من المواطنين خاصة من فئة الشباب للتعبير والحوار والجدل والخلاف في بعض الأحيان وصياغة جملة من الرسائل الضاغطة والموجهة في مختلف المواضيع والقضايا والملفات السياسية والدينية والفكرية والاقتصادية والتعليمية والخدمية بل والشخصية أحيانا وللترويج والتسويق ... (انشغل) هذا المواطن أخيرا بما شهده السوق العالمي من تراجعات حادة في أسعار النفط، نظرا لما تمثله هذه الثروة من أهمية بالغة على حياة الإنسان فردا كان أو تاجرا موظفا أو باحثا عنها مؤسسة حكومية أو خاصة بل وعلى جميع القطاعات والأعمال والمشاريع التنموية والخدمية وعلى مسيرة العمل التقدمي في مختلف الحقول والمجالات، وذلك لاعتماد السلطنة الاقتصادي على النفط، وبالتالي فإن عوائد أسعاره المرتفعة في السوق العالمي تجري في شرايين الاقتصاد الوطني محدثة طفرة تنموية شاملة ونشاطا واسعا في قطاعات العمل وانتعاش الأسواق والحياة العامة واطمئنانا واستقرارا مجتمعيا وتوسعا في البناء وفي مؤسسات القطاع الخاص وإسناد المشاريع ومواصلة التقدم في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والتكنولوجية وغيرها والقدرة على صيانة المكتسبات وتوفير المزيد من فرص العمل ... وانخفاض اسعاره يفضي إلى طريق معاكس وآثاره السلبية ستطال مفاصل الحياة العامة وتصيبها بالروماتيزم، وقد تجاوبت وسائل الإعلام الرسمية وعدد من المسئولين وأصحاب الشأن والكتاب والمتخصصين مع ذلك الاشتغال، وأخذ هذا الملف مساحة واسعة من النقاش والجدل والسجال بين عدد واسع من أفراد المجتمع وشرائحه المتعددة، منها ما أخذ صفة التخصص والعلاقة المباشرة بهذا الملف الحيوي والمهم، وبعضها بغرض المشاركة والنقاش والاستفادة وتعزيز المعلومات، ومنها جراء القلق والخوف على الحياة المعيشية واستقراء التوجهات ومسار الأسعار، فنتائج هذا التراجع الحاد وخيمة على الاقتصاد القومي وانعكاساته خطيرة على المشاريع والشركات والمؤسسات في القطاع الخاص كما أشرنا والتي قد تشهد تراجعا في الأداء وانكماشا في أعمالها وانجازاتها وأرباحها وتوقف خطط وبرامج التوظيف والتدريب، هذا إن لم يصل الأمر إلى الاستغناء وتسريح عدد ممن يعملون فيها وإلى عجز بعضها عن دفع الرواتب والإفلاس ... فالقطاع الخاص في بلادنا للأسف لا يزال يعتمد في معظم مشاريعه وأعماله على الاسناد الحكومي وعلى الفوائض من عوائد النفط من حيث أدائها وتوسع أعمالها وهو ما يعرض سوق المال والعقار للانكماش والانهيار وخسائر فادحة تأتي على مدخرات شريحة كبيرة من المواطنين. وقد فُهمت بعض المقالات والتقارير الصحفية واللقاءات المباشرة مع عدد من الشخصيات الاقتصادية والتي طالبت المجتمع العماني بالاستعداد للتضحية والمساهمة في التخفيف من آثار انخفاض أسعار النفط على الموازنة العامة للدولة واتباع سياسة شد الاحزمة والتقشف والاستغناء عن بعض الكماليات والأنماط الاستهلاكية السائدة والتي اعتاد الناس عليها، ومساندة الحكومة في سياساتها بـ (رفع الدعم عن الوقود ومراجعة تسعيرة الكهرباء والماء)، (فُهمت) بأنها موجهة ومقصودة بهدف تهيئة المجتمع والتمهيد لتطبيق سياسات تقشفية تستهدف حياة المواطن المعيشية وتقليص الدخل، فقوبلت بموجة من الغضب وسيلا من التعليقات الساخرة، وتلقى من كان وراءها هجوما عنيفا في وسائل التواصل، وتسرب القلق إلى الشارع من أن تلجأ الحكومة إلى هكذا سياسات متسرعة ترفع أسعار السلع الأساسية في الأسواق وتكلفة الحياة المعيشية بما فيها فاتورة الكهرباء والماء والوقود والتي أصبحت بندا أساسيا وحقا أصيلا من حقوق هذا المواطن دون مراعاة للواقع الحقيقي، بل واتسع الخوف لأكثر من ذلك في أن تقوم الحكومة بما هو أسوأ في المستقبل القريب فيما لو واصل النفط انخفاضه ولم تتعاف أسعاره في الوقت القريب، وتساءل الكثيرون عبر وسائل التواصل والأماكن العامة بلسان واحد، لماذا يحمل المواطن البسيط الذي يعاني من تكلفة الحياة المعيشية وتحدياتها الكثيرة ومن الديون التي تقصم ظهر البعير ومن البحث عن وظيفة ومن ضعف الرواتب ومن منافسة الأجنبي في سوق العمل ... ولماذا يتم وأد تطلعاته بالأمل والسعي والمطالبة والعمل على تحسين حياته المعيشية وازدهارها وفقا للأهداف والغايات المعلنة دائما من الحكومة في خططها وبرامجها واستراتيجياتها المقرة، (لماذا يحمل) ضريبة انخفاض أسعار النفط قبل المسئولين الكبار والأغنياء ورجال الأعمال والتجار الذين طالما استفادوا من ارتفاع فوائض أسعار النفط ومن الدعم والتشجيع والتسهيلات والامتيازات الحكومية وأجور المواطن التي يضخها في السوق المحلي عبر مشتريات تعتمد في كثير منها على القروض البنكية خاصة بندي المنازل والسيارات؟ فيما تظل السياسات الحكومية الأخرى المتعلقة بامتيازات المسئولين والنافذين والأعطيات والمهمات الخارجية وإيجار المقرات والعقارات الخاصة لصالح مؤسسات حكومية ... بدون أن تمس، ولماذا تظل مؤسسات حكومية قائمة فتستنزف الأموال العامة أضعاف ما تقدمه للوطن والمجتمع من منافع، فلا يعمل على دمجها مع مؤسسات أخرى والعمل على تقليص عدد المسئولين فيها؟ ولماذا لا يجرى إصلاح هيكلي في مؤسسات الدولة بشقيه المالي والإداري ورقابة صارمة توقف الهدر في المال العام وتسربه؟ ولماذا لا يتم توجيه الأموال واستثمارها في قطاعات وثروات ترفع نسبة العوائد في السياحة والأسماك والصناعات وغيرها، وتحقيق أهداف التنويع في مصادر الدخل؟ ولماذا لا تتم محاسبة ومساءلة أولئك المسئولين الذين ساهموا في هذا الوضع، لأنهم لم يطبقوا تلك السياسات والبرامج والتوصيات المتعلقة بأهمية تنويع مصادر الدخل والتخلي التدريجي عن الارتهان لثروة واحدة نابضة تصاحبه العديد من التحديات والمخاطر أعظمها تعرض الأسعار لتراجعات وانهيارات وفقا لتوازنات العرض والطلب في أسواق العالم ولأسباب سياسية واقتصادية عديدة، رغم أن تلك القناعات والدراسات والرؤى والاستراتيجيات والخطط واللجان التي التفتت إلى هذا الملف مضى عليها ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن فما هي انجازاتها فيه؟ لماذا لم تتم الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة المثيلة بإجراء اصلاحات في التعليم وسوق العمل والاستثمار في المورد البشري وتنمية وتنويع مصادر الدخل .. لتجنيب الوطن أزمات اقتصادية يدفع المواطن ضريبتها؟ ألم يدرك هؤلاء المسئولين أن استقرار الوطن واستقلاليته وتقدمه والحفاظ على مكتسباته وازدهار مجتمعه وتلبية ومواكبة تطلعاته، واستحقاقات تاريخه الحضاري وثبات سياساته الخارجية القائمة على الاستقلالية والتوازن وعدم التدخل في شئون الآخر أو الاعتماد عليه ... وتنفيذ توجيهات القائد وسياساته الحكيمة - حفظه الله ورعاه ـ جميعها تتطلب وتحتاج وتعتمد على اقتصاد قوي قادر على الوفاء بتلك الالتزامات وتقديم عمان إلى العالم كبلد مزدهر ناجح متقدم في مختلف المجالات قادر على الاعتماد على اقتصاده وتحقيق المزيد من النجاحات والمكتسبات والإنجازات داخليا وخارجيا؟. لماذا التفكير في رفع الدعم عن الوقود ومراجعة فاتورة الكهرباء والماء، وخيارات النقل العام بوسائله الحديثة وتكلفته المنخفضة غير متوفرة للمواطن أسوة بمدن وعواصم العالم، فلا خيار إلا السيارة الخاصة، والمعاناة من ارتفاع قيمة الكهرباء والماء والمشاكل الفنية المصاحبة للفاتورة وانقطاعات الخدمة وأخطاء الشركات المشرفة مستمرة ومتواصلة والغضب المجتمعي متراكم؟ .