في الوقت الذي تناقش فيه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية العمانية نتائج الدراسة الاكتوارية السابعة وتوقعات العجز الاكتواري على المدى البعيد قال تقرير ديوان الرقابة المالية في البحرين في نسخة العام 2014 / 2015، إن العجز الاكتواري لصناديق التأمين الاجتماعي بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ارتفع خلال الفترة من 2009 ولغاية 2013 من 4.9 مليار دينار إلى 6.7 مليار دينار، أي بزيادة نسبتها 37 في المئة.
وتعطي هذه الدراسات والأرقام مؤشرات خطيرة عن مستقبل أنظمة التقاعد في دول المجلس، وهو ما تؤكده دراسات دولية أيضا إذ يقول تقرير صادر عن البنك الدولي إن استمرار أنظمة معاشات التقاعد الراهنة في دول المنطقة والشرق الأوسط يعني أن الأجيال القادمة يتعين عليها أن تمول ديون المعاشات في شكل مزايا معاشات أقل أو ضرائب أعلى أو تخفيضات في موازنة البنود الأخرى مثل التعليم والرعاية الصحية.
ويلاحظ التقرير أن إصلاح أنظمة المعاشات الإجبارية بات توجها عالميا واسعا، حيث قام أكثر من 60 بلدا بإصلاح معاشات التقاعد الإجبارية لديها على مدى العشرين عاما الماضيةً. وقد تفاوتت الاستراتيجيات ذات الصلة تفاوتاً واسعاً، ولكن الدافع المشترك للإصلاحات كان الحاجة إلى معالجة المشاكل المالية الناجمة عن تطبيق تلك الأنظمة.
ويقول التقرير إن الدراسة المسحية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أظهرت عدم وجود أي من البلدان التي شملتها الدراسة لديها خطة معاشات وطنية تغطي جميع فئات العاملين. كما أن هناك تفاوت كبير في معدلات التغطية فيما بين البلدان التي شملها التحليل (بين 10% و70% من قوة العمل). ويفسر هذا التفاوت بصورة رئيسية بهيكل سوق العمل (على سبيل المثال قطاع عام أو خاص) والترتيبات المؤسسية التي تغطي فئات العاملين المختلفة.
كما يحلل التقرير معدلات الإحلال المستهدفة عبر خطط المعاشات في المنطقة. ويعرف معدل الإحلال بأنه المعاش مقسوما على آخر راتب. ويخلص التقرير إلى أن التفويض بمنح المعاشات في أنظمة المعاشات من حيث إحلال الدخل أكثر إرهاقا لهذه الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منه في المناطق الأخرى. كما أن المستويات المستهدفة للمعاش الأساسي تعتبر عادة من بين أكثر المستويات سخاء في العالم. وعلاوة على ذلك، قلما تفرض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حدودا قصوى ( سقوفا) على الأجر الذي تغطية خطة المعاشات أو أن وجدت هذه الحدود القصوى تكون عالية. والمشكلة التي يمثلها منح معاشات كبيرة هي أن قلة من الناس هم الذين يرغبون في الادخار من أجل التقاعد خارج نظام المعاشات الإجباري، بمن في ذلك أصحاب الدخول المتوسطة والمرتفعة. ويعني هذا أن مدخرات التقاعد لا تكون متنوعة ، مما يجعلها عرضة للمخاطر بالنسبة للأفراد . لذلك فإن تلك المعاشات تتطلب اشتراكات كبيرة لا يمكن للاقتصاديات تحملها بصورة مستمرة.
ويخلص التقرير إلى أنه من الأهمية إجراء إصلاحات جذرية على أنظمة المعاشات في دول الشرق الأوسط بحيث تتناول حزمة الإصلاحات كل من أهداف نظام المعاشات والتفويض الممنوح له لإحلال الدخل والآليات التي ينفذ بها هذا التفويض.

حسن العالي