[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alwatanopinion.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]راي الوطن[/author]

إن الموروث الثقافي كان أحد مكونات بناء شخصية الإنسان العماني المعاصر الواعي بماضيه وحاضره، الواثق من مستقبله، انطلاقًا من المزج بين الحديث والقديم الموغل في أعماق تاريخنا الممتد.
وقد أولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ اهتمامًا خاصًّا بجذورنا الثقافية والدينية وانعكس هذا الاهتمام في دعم العلوم والثقافة والتمسك بهويتنا الثقافية وخصوصيتها، وتعددت اللوحات الموحية بهذا الاهتمام طوال سني النهضة المباركة ولا تزال تتنوع وتتكرر من أجل ترسيخ ثقافتنا وهويتنا وربط حاضر الأجيال بماضيها، وتفعيل البعد الثقافي في مسيرة النهضة الحديثة لتشمل كافة نشاطات الحياة المعاشة في مختلف مراحل التاريخ العماني من المواد الحرفية وأدوات الصناعة التراثية إلى اللوحات الرياضية متمثلة في رعاية سباقات الهجن والخيول العربية الأصيلة كعمل من أعمال الفروسية التي تنمي الروح والبدن والعقل.
وتعد رياضة الفروسية واحدة من الرياضات المتوارثة التي يتميز بها التاريخ العماني وواحدة من مكونات الموروث الثقافي وقد اهتم جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ برياضة الفروسية لدورها الكبير في تنمية أركان الشخصية العمانية القادرة على حمل رسالة البناء والعطاء بإخلاص ووفاء هما من أهم سمات الرجل الفارس، ولذلك صدرت المراسيم السامية المنظمة لقيام أندية الفروسية والاهتمام بتربية الخيول، فالحصان العربي الأصيل هو معشوق كل محبي رياضة الفروسية عبر العالم، ومن هنا من أرض عُمان تخرج أفضل سلالات الحصان العربي الأصيل الذي يثبت جدارته دائمًا بالسمعة الحسنة وتسجيل منجزات كبيرة في خضم المهرجانات والسباقات عبر العالم.
ولعل من أهم وأبرز معالم الاهتمام السامي بالفروسية والهجن رعاية حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم للمهرجان السلطاني لسباق الخيل بمدينة العاديات بولاية السيب أمس في تقليد سنوي في بداية كل عام، كما تبدى ذلك الاهتمام من خلال أسماء تشكيلات الخيول والهجن المشاركة في المهرجان.
وبهذه المشاركة تكون المناسبة دليلًا كبيرًا على تشرب الشعب العماني لروح الفروسية والرغبة في الحفاظ على ذلك التقليد العريق والموروث الحضاري البارز بعد تطوير الفعالية بمشاركة فرق من دول صديقة في العروض ومصاحبة الفرق الموسيقية بعزف ألحان تضفي على المناسبة جوًّا من البهجة والفرح
لقد عاش عشاق هذه الفروسية والمتابعون أجواء رائعة من الإثارة والبهجة والترفيه من خلال ستة أشواط تضمنها المهرجان خُصصت خمسة منها للخيول العربية الأصيلة وشوط واحد للخيول المهجنة الأصيلة، حيث تخلل الأشواط عدد من الفقرات المتنوعة التي ينتظرها بشغف المهتمون برياضات الفروسية، حيث كان من أبرز فقرات المهرجان لهذا العام "مسيرة تزهو بك الأعوام" وركض العرضة الثلاثي، واستعراض التقاط الأوتاد الخماسي واستعراض قفز الحواجز للعربات واستعراض العربة التي يجرها "36" خيلًا. وما يميز كل عام عن سابقه عنصر التجديد والتنويع، حيث تسعى الخيالة السلطانية في مهرجانها السنوي إلى التجديد والتطوير في الفقرات مع المحافظة على الموروث العُماني الأصيل.
إن حب العمانيين لهذا التراث الجميل والرائع وإقبالهم على المشاركة فيه أو مشاهدتهم يعد شاهدًا أكيدًا على تميز هذا الوطن وعشقه لكل قيمة نبيلة وحرصه على التحلي بسمات الإنسان الفارس.