يبدو أن إنجازات الجيش العربي السوري المتتالية نحو إعادة الأمن والاستقرار في ربوع القرى والأرياف التي دنستها يد الإرهاب المدعومة من قبل معسكر المؤامرة على سوريا، لا تزال تثير غيظ معشر المتآمرين وحقدهم ليس على سوريا وحدها، وإنما أيضاً على أولئك الذين يذودون عن القانون الدولي ويرفضون التدخل في الشؤون الداخلية للدول وينافحون من أجل وضع حد للقوى المتسلطة والامبريالية التي لم تعر القانون الدولي أدنى احترام، بل جعلت منه جسرًا لتعبيد طرق مشاريعها الاستعمارية.
حيث الشواهد كثيرة في جنبات الأرض الأربع التي تشهد على مواقف القوى الامبريالية الاستعمارية الغربية من القانون الدولي وكيف وضعته تحت أقدامها حين كان الأمر يتعلق بمشاريعها الاستعمارية، وكيف خرجت عن الشرعية الدولية وعن القوانين الدولية المنظِّمة للعلاقات الدولية والإنسانية الصادرة عن الأمم المتحدة والمؤيدة لسيادة الدول، ولعل غزو العراق وأفغانستان وتدمير ليبيا والتدخل في الشؤون الداخلية للدول كما هو حال سوريا ومصر والسودان واليمن وغيرها، وإثارة الفتن الطائفية والتحريض وتشجيع الإرهاب، فضلًا عن ما سبق من حروب عدوانية على شعوب وبلدان أخرى على إمتداد المعمورة ودعم الانقلابيين ودعم حركات الانفصال كما هو الحال في السودان وأندونيسيا وسلخ تيمور الشرقية منها، كل ذلك يمثل أبرز وأقوى الشواهد على الانتهاكات غير المسبوقة في تاريخ العالم.
وبينما تسمح القوى الاستعمارية الامبريالية الغربية لنفسها بانتهاك القانون الدولي، تحاول تشويه صورة الأطراف الأخرى الداعية إلى أهمية إرساء نظام دولي جديد يقوم على احترام القانون الدولي وذلك بتوجيه أصابع الاتهام إليها بأنها تنتهك القانون الدولي حيث تكيل هذه القوى اليوم الاتهامات ضد روسيا في موضوع الأزمة الأوكرانية التي فجرتها أميركا وأوروبا بالتدخل في الشأن الداخلي الأوكراني والانقلاب على الاتفاق الذي أبرم بين الحكومة الشرعية الأوكرانية والمعارضة والإتيان بحكومة موالية لهما،والعبث باستقرار أوكرانيا التي تمثل العمق الاستراتيجي للاتحاد الروسي، ومحاولة منعها من الوصول إلى المياه الدافئة بالدفع بالقوى الموالية لها في كييف نحو السيطرة على جمهورية القرم جوهرة البحر الأسود والتي يربض فيها الأسطول الروسي؛ فمواقف هذه القوى الامبريالية المتآمرة تجاه روسيا ومعاقبتها بسبب فشل الأولى (أي القوى المتآمرة) في مؤامرتها ضد سوريا واحتراق كل أوراقها، وكذلك فشلها في أفغانستان، دليل إضافي جديد على أن سياسة الكيل بمكيالين، والتلاعب بمعايير القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية، ما زال ديدن السياسات الخارجية لتلك القوى الامبريالية.
وعلى الرغم من ادعاء القوى الغربية احترامها للقانون الدولي وفرض عقوبات على روسيا بزعم عدم احترامها له وتدخلها في الشأن الأوكراني والقرم، فإن مثل هذه الادعاءات باتت مكشوفة ومفضوحة، فقد رد عليها أولًا غالبية الشعب الأوكراني بالمظاهرات اليومية الرافضة للتدخل الأميركي ـ الأوروبي في الشأن الداخلي الأوكراني واعتبار الحكومة التي جاءت بها أميركا وأوروبا غير شرعية، وكذلك الحال بالنسبة لجمهورية القرم التي تستعد لإجراء استفتاء في السادس عشر من الشهر الجاري لتقرير مستقبل الجمهورية، حيث تشير الاستطلاعات والمزاج العام إلى أن القرم ستحسم قرارها بالعودة إلى أحضان الوطن الأم روسيا التي هي الأخرى رحب برلمانها وأكد احترامه وقبوله العودة.
إذن، في الوقت الذي يتقدم فيه الجيش العربي السوري بصورة لافتة في المدن الرئيسية كحمص وحلب ودير الزور ودرعا وريف دمشق وتكبيد العصابات الإرهابية التابعة لمعسكر المؤامرة، تتحرك الدبلوماسية الروسية الهادئة والناعمة في طريقها نحو إلحاق خسارة بمعسكر المؤامرة على سوريا الذي يحاول أن يعوض فشله في سوريا بابتزاز روسيا في أوكرانيا.