الحكومة تضخ مليارات الريالات للنهوض بقطاع اللوجستيات والاستراتيجية الوطنية تستهدف 4 محاور أساسية للنهوض بالأسواق والتقنية وتسهيل التجارة والرأسمال البشري

ـ وضوح الرؤية ووجود خطط قابلة للتنفيذ لاستثمار البنية الأساسية وتعزيز مساهمة القطاع في الدخل عناصر أساسية لنجاح الاستراتيجية اللوجستية

ـ زيادة الاهتمام بالقطاع اللوجستي ليست خيارا بل ضرورة حتمية للمساهمة في تطوير ودعم الاقتصاد الوطني بشكل عام
ـ زيادة الاهتمام بالقطاع اللوجستي ضرورة حتمية للمساهمة في تطوير ودعم الاقتصاد الوطني بشكل عام

أعد التقرير ـ مصطفى المعمري:
يتوقع العديد من المراقبين والمتابعين أن تتبوأ السلطنة خلال السنوات القليلة القادمة مركز الريادة في قطاع الخدمات اللوجستية خاصة مع وجود بنى تحتية متكاملة في قطاعات حيوية متنوعة وضعت الحكومة فيها استثمارات ضخمة بمليارات الريالات لتمكين القطاع من تعزيز قدرته التنافسية وتطوير أدائه الى جانب القطاعات الاقتصادية الاخرى وبما يدعم الشراكة فيما بين الحكومة والقطاع الخاص بالتأسيس لتشريعات وقوانين جاذبة واستثمارات متنوعة بمقدورها الأخذ بالميزات التنافسية لهذا القطاع لمراحل متقدمة أكثر مساهمة وتفاعلا مع متطلبات المرحلة ومتغيراتها.
رعاية واهتمام
وفي ضوء الرعاية التي توليها الحكومة لقطاع اللوجستيات من خلال تشكيل اللجان ودراسة عناصر النجاح والعمل على رفع مستوى الشراكة مع القطاع الخاص وفي حالة اذا ما استمر هذا الاهتمام بالقطاع وتوفير احتياجاته فإن المؤشرات تدلل على قدرة القطاع لتحقيق مساهمات كبيرة في المشهد الاقتصادي والتنموي للدولة ورفع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات الخمس القادمة خاصة مع قرب اكتمال العديد من المشاريع ومنها ميناء الدقم وتوسعات موانئ صحار وخصب وشناص ومشروع مطار مسقط الدولي ومشروع السكة الحديد الذي يربط دول المجلس وغيرها من مشاريع الطرق والمطارات والموانئ التي بمقدورها بجانب الموقع الاستراتيجي الذي حبا الله به السلطنة ووقوعها على أهم الممرات البحرية التجارية التي تربط بين الشرق والغرب ان يضع السلطنة ضمن أهم المناطق اللوجستية على مستوى العالم.
وقد أعلنت السلطنة عن تنفيذ الاستراتيجيـــة الوطنية اللوجستية من خلال إنشاء ما يسمى بمركز عمان للوجستيات يتبع لوزارة النقل والاتصالات وتشرف عليه لجنة برئاسة معالي وزير النقل والاتصالات وعضوية ممثلين من الجهات المعنية تتولى اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة لتنفيذ الاستراتيجية اللوجستية للسلطنة وهذا نابع عن قناعة حكومية أن القطاع سيشهد نمواً في حلول الخدمات اللوجستية وإدارة سلسلة الإمداد ومشاريع النقل في السوق المحلي والخليجي خلال العقد الحالي في ظل التنامي الكبير للاستثمارات الحكومية والإصلاحات القانونية والجهود الرامية إلى تنويع الاقتصاد المحلي أسوة بالدول المتقدمة.
أهداف وتوجهات
وتتمثل الأهداف المرجوة من الاستراتيجية الوطنية اللوجستية في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية بالبلاد من خلال استقطاب الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاع اللوجستي، وبالتالي تنويع مصادر الدخل القومي عبر ارتفاع نسبة إسهام القطاع اللوجستي في إجمالي الناتج المحلي والاستخدام الأمثل للبنية الأساسية وربطها بشكل فعال وتوفير فرص عمل متنوعة للمواطنين وتحقيق مرتبة متقدمة في مؤشر الأداء اللوجستي في تقرير البنك الدولي بما يتناسب مع حجم وتقدم البنية الأساسية لمنظومة المواصلات الحديثة. وستوفر الاستراتيجية الرؤية والآلية التي ستنتهجها السلطنة في سبيل تحقيق هذا الهدف والعمل على تنوع اقتصادها الوطني وتطوير بدائل عن الاعتماد الحالي للنفط والغاز.
التأسيس لشركات متخصصة
إن مرحلة النمو الاقتصادي والتنموي الذي تعيشه السلطنة تتطلب بالفعل التعجيل وبصورة متسارعة للاستغلال الأمثل لقطاع اللوجستيات وتسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية وفتح المجال أمام القطاع الخاص ومؤسسات الصغيرة والمتوسطة للتأسيس للخدمات اللوجستية التي تضمن نجاح القطاع بغرض تحقيق الاستفادة القصوى للاقتصاد الوطني وطرح مشاريع أمام رواد الاعمال لتعظيم حجم الاستفادة لذلك فهناك الكثير من العمل الذي يجب على الجهات المعنية ممثلة بوزارة النقل والاتصالات وشركائها الرئيسيين لدراسة واقع القطاع ومستلزماته واحتياجاته بحيث يتواكب ذلك مع جاهزية العديد من المشاريع وضمان أن تسير العملية بشكل متوازن كما يجب العمل على التأسيس لشركات وطنية متخصصة في مجال العمل اللوجستي وبما يمكنها من الاستحواذ على العدد الاكبر من عقود الخدمات اللوجستية على مستوى منطقة الشرق الاوسط في ضوء الأرقام القياسية المسجلة للأرباح القياسية للقطاع على مستوى دول المنطقة والتي تسجل نسبة نمو سنوي بين 7 إلى 10 بالمائة سنويا حيث تعتبر منطقة افريقيا والشرق الأوسط من أسرع المناطق نموا في العالم على مستوى نمو وتطور التجارة والخدمات اللوجستية مدعومة بالنهضة الاقتصادية والعمرانية الكبيرة والتي كان لها الدور الاكبر في زيادة الطلب على الخدمات اللوجستية العالية الجودة.
وتشير مؤشرات القطاع إلى أن الأسواق الناشئة أبدت مرونة وثباتا على الرغم من التباطؤ الذي أحاط بالاقتصاد العالمي وهذا نتيجة استمرار الدول النامية في الاستثمار في البنى التحتية وشبكة المواصلات المتطورة وإدخال تعديلات جوهرية على قوانين القوى العاملة والضرائب وحقوق الاستثمار والمستثمرين وقوانين التعاقد وحقوق الملكية والقيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال.
وتشير التقارير لتصاعد الطلب على الخدمات اللوجستية لدى دول المنطقة كافة من دون استثناء خلال السنوات القليلة الماضية فيما يعد الاستثمار في هذا القطاع بالمزيد من الأرباح والنجاح للشركات العاملة ذلك أن كل المؤشرات المالية والاقتصادية ترجح نمو خدمات القطاع واتساعها هذا وتقدر توقعات النمو لقطاع الخدمات اللوجستية في منطقة الخليج فقط بما يقارب 27 مليار دولار حتى نهاية العام الحالي 2015 مستفيدة من حالة الانتعاش والنمو الذي يسجله القطاع على المستوى الإقليمي والعالمي.
معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات أكد أن السلطنة في طريقها إلى إنجاز مشاريع عدة في البنية الأساسية تمكنها من تبوؤ الريادة في القطاع اللوجستي على المستوى الإقليمي والعالمي مشيرا إلى أنه مع وجود هذا الطموح أصبح من الضرورة استغلال الموقع الجغرافي المهم للسلطنة وكذلك الاستفادة من البلايين من الريالات التي صرفت على البنية الأساسية بحيث توظف بصورة متكاملة لتعزيز القطاع اللوجستي بالسلطنة.
وأوضح الفطيسي أن اللجنة التي شكلت من مجموعة من القطاع الخاص والقطاع العام هي اللجنة الرئيسية للإعداد للاستراتيجية اللوجستية وأنه ستتفرع عنها عدة لجان تعنى بتطوير التعليم والتسويق وستشكل هذه اللجان من أبناء المجتمع وبعض الخبرات حيث سيتم الأخذ بآرائهم في إعداد الاستراتيجية الشاملة للتعليم.
وقد احتلت السلطنة المرتبة 59 من أصل 160 دولة في مؤشر البنك الدولي لأداء الخدمات اللوجستية لعام 2014، وتطمح السلطنة لأن تكون ضمن الـ30 مركزا الأولى في عام 2020 وضمن الدول العشر الأول في المؤشر كهدف نهائي وهذا ما يراه المراقبون في أن المزايا التي يوفرها قطاع الخدمات اللوجستية في السلطنة ينطوي على إيجابيات ستطول عددا كبيرا من القطاعات الرئيسية الأمر الذي من شأنه التأثير إيجابا على وتيرة النشاط وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل وإيجاد نشاطات اقتصادية جديدة مساندة حيث من الأهمية الاستفادة من الخطة الاستراتيجية اللوجستية للسلطنة (2014 ـ 2040) وكيفية إشراك استثمارات القطاع الخاص بشكل ينسجم مع الأهداف العامة.
عمان اللوجستية
علاقات السلطنة الاقتصادية مع مختلف دول العالم تتيح لها فرصا للنهوض بقطاع اللوجستيات حيث تحظى السلطنة بعلاقات اقتصادية متميزة واتفاقيات تجارية مع العديد من الدول يمكن ان تستثمر بصورة أكبر خلال المرحلة القادمة والإستفادة من خبرات وتجارب هذه الدول التي تمتلك العديد من المناطق اللوجستية وفي هذا الجانب يقول سعادة المهندس احمد بن حسن الذيب وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة والصناعة رئيس اللجنة التأسيسية لشركة عمان اللوجستية والذي أكد أن السلطنة تتمتع ببنى اساسية جيدة من حيث توفر الطرق والموانئ الجيدة بكفاءات عالية، وايضا هناك الكثير من المشاريع الخاصة بالطرق مثل الخط الذي يربط بين محافظتي مسقط والباطنة وكذلك الخطوط الأخرى التي تربط كل محافظات السلطنة ببعضها، وخط السكك الحديدية وهذه جميعها من شأنها أن تدعم وتساهم في نمو القطاع اللوجستي منوها على أن القطاع لديه قدرة على توفر فرص عمل للشباب العماني سواء كانت مباشرة وغير مباشرة، اما فيما يتعلق بالبدء في الاعمال الخاصة فيما يتعلق بالمنطقة اللوجستية فستكون هناك شركات تعمل بتوفير المخازن وبعض الخدمات المقدمة للقطاع الخاص وهذا بحد ذاته سوف يعمل على توفير وظائف مباشرة للشباب العماني، كما أن هناك خدمات اخرى مساندة سوف تقدمها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
واضاف أن تأسيس شركة عمان اللوجستية هو ادارة المنطقة اللوجستية في جنوب الباطنة والتي تقدر مساحتها الاجمالية بـ 95 كيلومترا مربعا وهي شركة حكومية ستعمل الشركة على ادارة المنطقة من حيث توفير البنية الاساسية في منطقة الباطنة وكذلك التعاقد مع الشركات اللوجستية الخاصة التي من الممكن ان تنشئ مخازن في هذه المنطقة، وايضا تقوم بتقديم خدماتها للشركات والمصانع العمانية اضافة إلى مع الشركات التجارية والصناعية حسب ما هو مصرح به في هذه المنطقة اللوجستية.
ولأن قطاع اللوجستيات قطاع واسع ومتشعب فهناك من التحديات التي تتطلب الوقوف على هذه التحديات ومنها ارتفاع التكاليف المصاحبة لهذا القطاع لعدم توفر منظومة متكاملة للخدمات المرافقة وخصوصاً فيما يتعلق بالمخازن المتخصصة والمرافق اللوجستية بالإضافة لقلة الكوادر المؤهلة وخصوصاً منافسة الدول المجاورة في استقطاب تلك الكفاءات والكوادر وفي الوقت نفسه ارتفاع مستوى المنافسة الإقليمية خاصة وأن عددا من الدول في المنطقة والإقليم أصبح يملك المراكز والموانئ والمطارات والخبرة والشهرة الكافية في هذا المجال رغم قدرة السلطنة لتجاوز هذه التحديات من خلال ما تمتلكه من ميزات تنافسية عديدة وهذا ما أشار له عدد من الرؤساء التنفيذيين والمعنيين بقطاع اللوجستيات في السلطنة لـ"الوطن الاقتصادي" في موضوع سابق أكدوا فيه على ضرورة أن تعمل السلطنة بكل مؤسساتها الحكومية والخاصة على استغلال الفرص والمقومات المتوفرة لجعل السلطنة منطقة لوجستية عالمية مستفيدة من موقعها الاستراتيجي وبنيتها الأساسية مطالبين بأهمية توظيف القوانين والتشريعات بما يسهم بالنهوض بهذا القطاع وتسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية بما يحقق الأهداف المرجوة من وجود قطاع لوجستي قادر على المنافسة وجذب الاستثمارات الخارجية وتعزيز دور ومكانة القطاع الخاص بمختلف مؤسساته الكبيرة والمتوسطة والصغيرة حيث يقول المهندس أحمد بن سعيد الإزكوي مدير مشروع المنطقة اللوجستية بجنوب الباطنة إن السلطنة خطت خطوات حثيثة لتعزيز البنية الأساسية لشبكة النقل المتمثلة في الموانئ والمطارات والطرق البرية الرابطة بين الولايات المختلفة والدول المجاورة، وقامت بتسخير تلك البنية لتنسجم مع خطط تطوير المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمناطق اللوجستية والصناعية وتشجيع الاستثمارات بتلك المرافق، ومن هنا فإن للقطاع اللوجستي دوراً محورياً في ربط تلك العناصر ببعضها عبر شبكة خدمات فاعلة ومنها إلى خطوط التجارة العالمية مما يتيح للسلطنة بأن تتبوأ دوراً رياديًّا في تنشيط حركة التبادل التجاري على المستويين الإقليمي والدولي.
فرص جديدة
وأكد مدير مشروع المنطقة اللوجستية بجنوب الباطنة أن مشاريع الخدمات اللوجستية تهدف بشكل رئيسي إلى تنشيط الحركة الاقتصادية بالسلطنة وذلك من خلال توفير خدمات لوجستية نموذجية تدعم الأعمال التجارية القائمة وترفع مؤشر أداء الخدمات في هذا الجانب لتشكل أيضاً محفزاً يعمل على استقطاب شركات جديدة إلى الأسواق المحلية وأن هذه المشاريع تسهم أيضا في إيجاد فرص جديدة محفزة للاستثمار سواء للشركات المحلية أو العالمية ومن هذا المنطلق فإن القطاع الخاص شريك أساسي في التطوير وهو مطالب بمواكبة الخطط الحكومية التنموية ومتابعتها والمبادرة في تطوير أعماله لدعم تنفيذ تلك الخطط وفقاً لمعطياتها على سبيل المثال قيامه باستقطاب المعدات والتقنية الحديثة لخدمة أنظمة سلسلة التوريدات، والاستثمار كذلك في الأنشطة التجارية والصناعية الجديدة منها الخدمات المكملة للأنشطة اللوجستية وتأهيل الكفاءات الوطنية لرفد هذا القطاع بالكوادر الإدارية والفنية والمهنية المتخصصة.
الشيخ سالم بن سليم الجنيبي عضو مجلس الإدارة رئيس لجنة النقل والقطاع اللوجستي بغرفة تجارة وصناعة عمان قال تم اتخاذ إجراءات فعلية نحو إقامة عدة مناطق لوجستية في السلطنة في مقدمتها المنطقة اللوجستية جنوب الباطنة والتي تقع على مساحة 95 كيلومترا مربعا وستلعب دورا حيويا في تسهيل حركة نقل ومناولة البضائع والحاويات وأنشطة التخزين والتصنيع الخفيف وتنشيط التجارة البينية مع دول مجلس التعاون لدول الخليج وأيضا منطقة الشرق الأوسط.
من جانب آخر شهد العام الماضي بدء العمل في مشروع منطقة عبري اللوجستية بعد أن وقعت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية على اتفاقية العقود الخاصة باستشاري مشروع إنشاء المنطقة التي تقع بولاية عبري بمحافظة الظاهرة على مساحة تقدر بــ3 ملايين متر مربع، وذلك لإقامة منطقة لوجستية متكاملة ونموذجية تكون كمحطة للنشاطات اللوجستية (تخزين ـ شحن ـ تصدير ـ توريد) وتتوسط كل من دولتي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وستأخذ المنطقة في الاعتبار الأنشطة المحيطة بها كالطريق الدولي الذي يصل إلى المملكة العربية السعودية وخط القطار والمناطق الصناعية المستقبلية، وكل متطلبات الجهات التي قد تتداخل أنشطتها ومشاريعها وخططها مع خطة المؤسسة لتطوير المنطقة اللوجستية بعبري.
موقع جغرافي
وأوضح رئيس لجنة النقل والقطاع اللوجستي بالغرفة أن السلطنة تحتل موقعًا جغرافيا فريدًا من نوعه يمكن من خلاله أن تؤدي دورا مهما ورياديا في مجال الخدمات اللوجستية في منطقة الخليج والدول المطلة على المحيط الهندي وبلدان شرق إفريقيا، حيث يعتبر موقع السلطنة الجغرافي واكتمال مشاريع البنى الأساسية والمناخ السياسي المستقر من المميزات التنافسية التي تساهم في تحقيق نمو صناعة الخدمات اللوجستية، فالبنسبة للموانئ فنجد أن ميناء صلالة بمحافظة ظفار من أهم موانئ السلطنة ومن بين افضل الموانئ في المنطقة استقبالا للبضائع وسفن الحاويات الضخمة ويمتاز الميناء بموقعه الاستراتيجي القريب من مسار خطوط الشحن العالمية التي تربط الشرق بالغرب وهو ما جعله من بين أفضل موانئ إعادة الشحن في العالم لاختصاره الزمن والمسافة وكذلك للتسهيلات التي يقدمها لاستقبال سفن الحاويات بما في ذلك سفن الجيل الثاني والثالث.
خارطة لوجستية
وحول مستقبل الاستراتيجية الوطنية للخدمات اللوجستية التي اطلقتها السلطنة مؤخرا قال الشيخ سالم الجنيبي إن إعلان الاستراتيجية الوطنية للخدمات اللوجستية جاء في ظل سعي الحكومة العمانية إلى وضع القطاع اللوجستي في السلطنة على خارطة أهم روافد الناتج المحلي، وتمكين عمان من أن تتبوأ مكانتها على الخارطة اللوجستية العالمية، حيث ركزت الاستراتيجية على تطوير الأنظمة والقوانين والإجراءات واتباع سياسة تسويقية، وإقامة مشاريع معززة للاستغلال الأمثل للبنى الأساسية.
كما تهدف الاستراتيجية إلى خمسة أهداف تمثلت في زيادة مساهمة القطاع اللوجستي في نمو الناتج المحلي، ورفع حصة السوق العماني من السلع التي تتدفق إلى المنطقة، وتوسيع حجم فرص العمل التي سيخلقها القطاع اللوجستي، وتحسين ترتيب عُمان في تصنيف المؤشرات اللوجستية والصناعية العالمية.
مقومات
من جهته قال خالد بن سالم الدرعي رئيس الجمعية العمانية للنقل البري هناك خطوات ملحوظة من قبل الحكومة تهدف إلى تبني عدة محاور من شأنها توسيع حجم فرص العمل ونتوقع أن تتحقق الاستفادة الكاملة من القطاع اللوجستي من خلال تذليل العقبات وسن التشريعات التي تنظم هذا القطاع وتغيير القوانين والإجراءات والتي سوف تسهم في تسهيل حركة التجارة وهو ما سينعكس على قطاع النقل البري بالايجاب.
وقال ان المشاريع التي تعكف السلطنة على تنفيذها سوف تضفي الكثير على قطاع النقل البري، كما سترتقي بالشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال النقل البري، حيث سيزداد الطلب عليها، وسيشكل ذلك نقلة نوعية للقطاع بمختلف مجالاته، مؤكدا أن هذا الاهتمام الكبير من قبل الحكومة تجاه تطوير القطاع اللوجستي فرصة كبيرة للراغبين في الاستثمار، معتبرا أن هذا التوقيت هو الأفضل لخوض مثل هذه التجربة، وتحقيق أفضل استفادة ممكنة من خلال الاستثمار في قطاع النقل البري.
وفيما يتعلق بالقوانين والتشريعات المعمول بها في السلطنة، قال رئيس الجمعية العمانية للنقل البري: نحن في حاجة إلى إعادة النظر في هذه القوانين والتشريعات خاصة فيما يتعلق بالإجراءات، وبما يضمن تسهيل حركة التجارة، مشيرا إلى أن قطاع النقل البري يواجه الكثير من التحديات، ولمسنا أن هناك خطوات جادة لتصحيح المسار ومعالجة هذه التحديات وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين في قطاع النقل البري بالسلطنة.
ممر لوجستي
بدوره قال محمود بن سخي البلوشي الرئيس التنفيذي لشركة المدينة للخدمات اللوجستية إن السلطنة لديها فرصة كبيرة لتلعب دورا رياديا في مجال الخدمات اللوجستية وأن تكون مركزا وممرا لوجستيا للمنطقة وهذا الدور هو الوضع الطبيعي لبلد مثل السلطنة ذات تاريخ كبير وعميق في التجارة الدولية بين الشرق والغرب وكذلك لعلاقاتها المتميزة مع جميع دول العالم. لذا فإن زيادة الاهتمام بقطاع الخدمات اللوجستية مهم جدا، حيث إنه من القطاعات الواعدة والذي يمكن الاعتماد عليه في مجال زيادة تأهيل وتوظيف العمانيين وكذلك لتنويع مصادر الدخل.
وأشار إلى أن السلطنة قامت بتشييد موانئ بأعلى المعايير العالمية وهي تتميز بأنها في مواقع استراتيجية على خارطة الممرات البحرية العالمية والبرية والجوية، لذا يأتي الدور لتعظيم الاستفادة من هذا الموقع، مضيفا أن من أهم العوامل التي تساعد على الاستفادة من هذه الموارد والاستثمارات زيادة كفاءة الموارد البشرية في هذا القطاع والقطاعات المتصلة بها، هذا بالإضافة إلى تطوير القوانين وسرعة إنهاء الإجراءات من قبل الجهات الحكومية المختصة وكذلك تطوير خدمات الاتصالات والتي أصبحت تؤثر سلبا على الاستثمارات والأنشطة التجارية.
وحول إمكانية استفادة القطاع الخاص من الفرص في مجال الخدمات اللوجستية والمدن اللوجستية قال البلوشي بأنها علاقة ترابطية، فكما أن المدن اللوجستية تحتاج إلى شركات متخصصة في هذا المجال لكي تستثمر وتستفيد من هذه البنية التحتية، فإن شركات القطاع الخاص أيضا تحتاج إلى بنية أساسية وقوانين وأنظمة اتصالات وطرق سريعة حديثة تتواكب مع التطور الكبير في قطاع الحدمات اللوجستية، موضحا أن القطاع اللوجستي عبارة عن شرايين للاقتصاد، فكفاءة هذا القطاع يؤدي إلى كفاءة جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى، لذا فإن أهمية زيادة الاهتمام بهذا القطاع ليس خيارا بل ضرورة للمساهمة في تطوير ودعم الاقتصاد الوطني بشكل عام.
خليل البلوشي خبير في المجال اللوجستي قال على الرغم من أن العمل بالقطاع اللوجستي موجود من سنوات والقوانين والتشريعات موجودة ولكن مع تطور القطاع وسعي السلطنة لأن تكون مركزا لوجستيا اقليميا ودوليا يتطلب سن قوانين وتطوير التشريعات لتواكب العصر ومن اهم اسباب نجاح القطاع اللوجستي هو تسهيل الإجراءات وسرعة حركة البضائع.
ومن اكبر التحديات التي تواجه القطاع هو كيفية تنفيذ القوانين، حيث لا بد ان تكون الاجراءات سهلة وسريعة ومشجعة على الاستثمار في هذا القطاع وهذا هو الهاجس الأكبر لكل المهتمين بهذا القطاع، موضحا أن القطاع اللوجستي قطاع كبير وهناك الكثير من الاجراءات التي لا بد ان تمر على اكثر من جهة، مما يؤدي إلى العرقلة والتأخير وصعوبة تخليص هكذا اجراءات سوف يؤثر سلبا على القطاع ومما يثلج الصدر، ان جهات حكومية مختلفة تقوم حاليا بتطوير انظمة من شأنها التسهيل على العاملين في القطاع وذلك باستخدام التكنولوجيا وانشاء نظام النافذة الالكترونية الواحدة لتخليص المعاملات وإن تم هذا فإنه يعتبر نقلة نوعية في القطاع اللوجستي ولا شك انه سيساهم في ان يلعب القطاع دوره المحوري المهم في الاقتصاد الوطني.
وأضاف الخبير في القطاع اللوجستي: أن الاستراتيجية الوطنية للخدمات اللوجستية تعد فكرة جيدة ودليلا على اهتمام الحكومة بهذا القطاع وادراكا منها بأهميته الاستراتيجية تهدف إلى النهوض بالقطاع من حيث ربط الموانئ والمطارات والمناطق الحرة والاستغلال الأمثل للبنى التحتية المتوفرة، حيث تتطرق الاستراتيجية ايضا إلى جانب مهم وهو تدريب وتطوير الكوادر مهنيا لشغل الوظائف في جميع افرع القطاع اللوجستي ومنها الموانئ والسفن والنقل البري والنقل الجوي والتأمين والوكالات، موضحا أن نجاح هذه الاستراتيجية يرتبط بالدرجة الاولى في تنفيذ ما جاء فيها والوقوف على التحديات وفي التعاون بين الجهات المختلفة من الحكومة والقطاع الخاص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقومات لوجستية

السلطنة لديها مقومات كثيرة والتي من شأنها ان تجعلها على خارطة العالم اللوجستية وعلى سبيل المثال لا الحصر الموقع الجغرافي المميز المفتوح على بحر العرب والمحيط الهندي وبعدها عن المضايق والممرات البحرية الضيقة وقرب السلطنة من خطوط الملاحة شرقا وغربا وكذلك وجود الموانئ الصناعية والتجارية الكبيرة والتي لديها القدرة على الاستيعاب ومداولة البضائع على مستوى عالمي.
ومن بين المقومات القرب الجغرافي من اسواق عالمية كبيرة مثل الهند وشرق اسيا وافريقيا، حيث يمكن الوصول بالسفينة إلى شرق آسيا في اقل من اسبوعين وإلى افريقيا في خلال اسبوع واوروبا في غضون اسبوعين وأيضا وجود المطارات المهيأة على مقربة من الموانئ، علاوة على وجود المناطق الحرة قرب الموانئ وأيضا وجود شبكة طرق على مواصفات عالية تربط الموانئ والمناطق اللوجستية، كما أن المعنيين لديهم دراية بأهمية القطاع والاهتمام في تطويره ليساهم في جعل السلطنة مركزا لوجستيا عالميا واهتمام الحكومة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على إيجاد بيئة استثمارية آمنة يساهم في الارتقاء بهذا القطاع لكي تستثمر السلطنة هذه المقومات لا بد من التركيز على تسهيل الاجراءات من الجهات المختلفة وهذا هو العنصر الأهم في الوصول بالقطاع إلى الهدف المرجو منه.

4 محاور للاستراتيجية اللوجستية
تركز الاستراتيجية اللوجستية على أربعة محاور أساسية تتمثل في الأسواق، التقنية، تسهيل التجارة والرأسمال البشري. ففي محور "الأسواق" تستهدف الاستراتيجية تحليل وتحديد ورصد الفرص سواء حسب القطاعات أو حسب الأماكن التي يمكن للقطاع اللوجستي في السلطنة جذبها والقيام بمشاريع أو أنشطة تمكن السلطنة من تحقيق الحصة المستهدفة من سوق الشحن البحري والجوي حسب الأهداف، بالإضافة إلى اعتماد سياسة تسويق واضحة ومكثفة محلياً وإقليمياً ودولياً.
وفي مجال "التقنية" أكدت الخطة ضرورة استخدام أفضل التقنيات كأداة تنافسية وتعزيز تقنية النقل والخدمات اللوجستية ووضعها ضمن سلسلة التوريد في عمان من أجل تسهيل التجارة وتحقيق الأهداف اللوجستية. بالإضافة إلى وضع برامج وحوافز أو اقتراح تشريعات لنشر التكنولوجيا بأفضل طريقة ممكنة ضمن سلسلة التوريد في السلطنة.
أما "تسهيل التجارة" فستسعى الخطة اللوجستية إلى إحداث نقلة نوعية في أنظمة إنجاز المعاملات التي تحكم حركة وتفتيش وتمويل سوق الشحن عبر الحدود والموانئ والمطارات وسلسلة التوريد بأكملها. بالإضافة إلى تعزيز جاذبية إنشاء وتسجيل وترخيص الشركات التي تخدم الخدمات اللوجستية سواء كانت المحلية أو الدولية.
وبالنسبة "الرأسمال البشري" فإن الخطة ستعمل على توفير الأعداد والمهارات التي يتطلبها القطاع اللوجستي حسب مراحل نموه، وكذلك توفير مراكز للتدريب والتطوير المهني للقطاع اللوجستي. إلى جانب إصدار معايير وأنظمة عالمية المستوى لجعل الخدمات اللوجستية صناعة جذابة للشباب في السلطنة وللمستثمرين من الخارج.