[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
سيكتشف العالم ولو متأخرا عبقرية السوري في قيادة حربه على الإرهاب، كيف بدأها وكيف طورها وكيف وصل بها. أذكر أن العالم وصل في مرحلة من مراحل الحرب الأميركية على فيتنام إلى ما يسمى ب " عقدة فيتنام"، فقاد كل أميركي فعلا مضادا لتلك الحرب، بل تحرك العالم كله مطالبا بايقافها بعد أن بلغت حدا لا يطاق وقدم الأميركي فيها صورا بشعة أرعبت البشرية.
اليوم سوريا رقعة زيت تكبر وتتمدد، يكتشف العالم أن ما تحويه من قوى إرهابية مصدر تدمير وخراب له ، ستتحول الى عقدة، وستملأ التظاهرات العالمية الشوارع مطالبة بإغلاق حربها الضروس. كلما انتقلت الوحشية إلى أوروبا حبس الأوروبيون أنفاسهم هلعا وبدأ عقلهم في التفكير بحثا عن الكيفية التي يجب أن تتوقف فيها الحرب.
وعملية إرهابية واحدة في الولايات المتحدة سوف تغير أيضا لهجة الأميركي وتخلق تحولات بداخله، لكن وعلى ما يبدو من يقود إرهابا لايديره ضد شعبه، سيظل على استخدامه له بشتى الوسائل. ليس مخفيا أن أميركا أم هذا الارهاب وأبوه، وهي تقوده تحت فكرة السيطرة عليه كيلا يقترب من حدودها، لقد كان الارهاب على الدوام موجودا، لكن الأميركي أعطاه حضورا مختلفا من خلال الرعاية المباشرة وغير المباشرة له.. وهو الوحيد القادر اذا ما أمر بتوقفه فلا ثمة من يعاند.
العالم يتجه إلى تفهم حقيقي للحرب على سوريا. وهي حرب ستوصف تاريخيا بأنها أشد حروب القرن ضراوة نتيجة التحالفات الكبيرة التي تضمها .. لكن تكرارا، تمكن العقل السوري منأخذ تلك الحرب عليه الى كمائن في قلب العالم تتفجر باسمها لتبدي مخاطر استمرارها عليه، وها هي توقظه بالفعل وتدفعه للحراك، فنحن إذن أمام " عقدة سورية "، ونحن بالتالي أمام مواصفات اخترعها هذا العقل يمكنها أن ترعب هذا العالم حاضرا ومستقبلا.
بمواصفات العقل السوري فإن ما يجري في سوريا فقد عناوينه الأولى ليتحول الى ذعر للبشرية من خلال الأحداث والأشكال والصور التي قدمت مفاهيم متوحشة لبربرية جديدة. وبحكم قدرة الصورة على خدمة الموضوع، نجح السوري ايضا في إحاطة نفسه بأنه المعتدى عليه في مواجهة ذلك الوحش الذي لم يولد هنا بل جاءه من كل أصقاع الأرض ثم ولدت له أنياب في كل مكان على الكرة الأرضية.
بقدر ما تحمل السوري من عذابات ودمار وخراب وقتل، إلا أنه سيظل المعتدى عليه، فهناك مظاهرات في بريطانيا وغيرها تقول يافطاتها " أوقفوا الحرب على سوريا "، وغدا ستكبر تلك التظاهرات لتهدر في الشوارع الكبرى لهذا العالم وستكون تحديا لبلادها، فهاهو الفرنسي والألماني يبدل لهجته وأولوياته، ولابد أن تقول أوروبا كلها كلمتها المشابهة لهذين الموقفين. ومن أسف نقول بأننا مع إيقاف تلك الحرب الآن، إلا أن إطالتها رغم جراحها وعذاباتها ستغير المواقف الدولية جذريا، ولن يبقى أحد الى جانب الحرب وسيضطر الأميركي إلى النزول عن الشجرة.
كل ذلك بفضل العقل السوري الهاديء المتزن الذي قاد أصعب مراحله الوطنية وقدم فيها عرضا رائعا من الأفكار التي قلبت موازين فكرة الحرب لتصبح عقدة عالمية.