كييف ـ وكالات: أعلن رئيس الوزراء الاوكراني ارسيني ياتسينيوك امس الاحد ان بلاده لن تتنازل "عن شبر واحد من أراضيها" لروسيا. وقال ياتسينيوك في تجمع في الذكرى المئتين لولادة الشاعر الاوكراني تاراس شفتشنكو، رمز استقلال اوكرانيا، "انها ارضنا، لن نتنازل عن شبر واحد منها. فلتعلم روسيا ورئيسها هذا الامر". واضاف "سنبذل كل ما هو ممكن لمعالجة الازمة (في القرم) بالسبل السياسية والدبلوماسية من جانبه، اعتبر الرئيس الاوكراني الانتقالي الكسندر تورتشينوف ان العبارة الشهيرة للشاعر تاراس شفتشنكو "قاتلوا وستنتصرون" باتت شعار السلطات الأوكرانية الجديدة. وقال رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أمس الأحد إنه سيذهب إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع لبحث المواجهة مع روسيا بشأن جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا. وقال ببداية اجتماع حكومي في العاصمة الأوكرانية كييف "سأذهب إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماعات على أعلى مستوى لحل الوضع الذي تكشف في علاقاتنا الثنائية والعلاقات المتعددة الأطراف." ولم يذكر على الفور أي تواريخ ولم يقدم المزيد من التفاصيل عن الزيارة. وأفاد مراسل وكالة الانباء الفرنسية ان مواجهات اندلعت الاحد في سيباستوبول بالقرم بين انصار موسكو ومؤيدي كييف اثر تجمع لمؤيدي البقاء في اوكرانيا في ذكرى ولادة الشاعر الاوكراني تاراس شفتشنكو. وهاجم نحو مئة شخص يحملون الهراوات الحراس الذين كانوا يحمون تجمعا في ذكرى ولادة شفتشنكو. وحطم هؤلاء سيارة واستولوا على سيارات اخرى تعود الى الحراس قائلين انها ملك حركة "برافي سكتور" القومية شبه العسكرية التي كانت في مقدم الحركة الاحتجاجية التي شهدتها كييف ضد الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش. من جهته اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال محادثات هاتفية مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان السلطات الموالية لروسيا في شبه جزيرة القرم باوكرانيا "شرعية"، وفق ما اعلن الكرملين امس الاحد. وقال الكرملين في بيان انه خلال هذه المحادثات شدد بوتين "خصوصا على ان الاجراءات التي اتخذتها السلطات الشرعية في القرم تستند الى معايير القانون الدولي"، لافتا الى ان بوتين بحث ايضا الاستفتاء المقرر اجراؤه في القرم في السادس عشر من الجاري. كما قال الرئيس بوتين في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون امس الاحد انه يرغب في التوصل الى "حل دبلوماسي" للازمة في اوكرانيا. واعلنت رئاسة الوزراء البريطانية ان كاميرون اتصل ببوتين لحثه على "خفض حدة التصعيد" في أوكرانيا وان بوتين وافق على ان "استقرار أوكرانيا" من مصلحة الجميع. من جهته قال نائب بارز في البرلمان الروسي ان بلاده مستعدة لمنح مساعدات بقيمة مليار دولار لشبه جزيرة القرم التي تستعد لاجراء استفتاء للانفصال عن أوكرانيا او عدمه.
وصرح النائب بافل دوروخين نائب رئيس لجنة الصناعة في مجلس النواب الروسي (الدوما) للصحافيين في مدينة سيمفروبول عاصمة القرم ان "الحكومة الروسية خصصت مبلغاً كبيرا من المال يصل الى نحو 40 مليار روبل لدعم تطوير البنية الصناعية والاقتصادية في القرم". واضاف ان "هذه المساعدات هي بشكل اساسي لدعم الشركات المرتبطة بصناعات الدفاع وبناء الالات وصيانة السفن بما فيها سفن اسطول البحر الاسود الروسي". كما ذكرت تقارير صحفية في ألمانيا أن روسيا نقلت آلاف الجنود إلى شبه جزيرة القرم وذلك على عكس ادعاءات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقالت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الصادرة اليوم الاثنين إن تقديرات خبراء أمنيين تابعين للعديد من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) تشير إلى أن موسكو نقلت منذ بداية الأزمة ما لا يقل عن 2000 جندي روسي من قواعدهم إلى شبه الجزيرة ذاتية الحكم التابعة لأوكرانيا. وتابعت المجلة تقريرها قائلة إن القوات الروسية كانت قد احتلت في وقت سابق المطارات في جمهورية القرم. وأضافت "دير شبيجل" أن الأعداد المتداولة لدى حلف شمال الأطلسي تفوق
بشكل واضح العدد المذكور في التقديرات السابقة إذ يجري الحديث داخل الحلف عن ستة آلاف جندي إضافي نقلتهم موسكو إلى شبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود. في المقابل، تنفي روسيا حتى الآن نقل جنود روس إلى شبه جزيرة القرم التي تقطنها غالبية روسية. من جهته اعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن ان الحلف يقف "الى جانب اوكرانيا" ويطلب من روسيا الوفاء "بالتزاماتها الدولية"، وذلك في مقابلة تصدر الاثنين في المانيا. وقال راسموسن لصحيفة بيلد الشعبية "عندما التقيت رئيس الوزراء (الاوركاني ارسيني) ياتسينيوك الخميس، هنأته بالتزامه بحل سلمي. واكدت له ان الحلف الاطلسي يقف الى جانب اوكرانيا". واضاف "نتوقع ان تفي روسيا بالتزاماتها الدولية وتسحب قواتها ولا تتدخل في مناطق اخرى في اوكرانيا. وعلى خارطة اوروبا للقرن الحادي والعشرين، ينبغي ان لا يحاول اي شخص ترسيم حدود جديدة". من ناحيته قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج الاحد ان روسيا "أخطأت في الحسابات بشكل كبير" بسبب تدخلها في اوكرانيا ويمكن ان تواجه عواقب اقتصادية كبيرة اذا لم يتم التوصل الى حل دبلوماسي. وقال هيج ان الدول الاوروبية يمكن ان تستبدل الغاز الروسي بامدادات طاقة من الولايات المتحدة او غيرها من الدول احتجاجا على تحركات موسكو. وصرح لتلفزيون بي بي سي ان اجراء استفتاء حول انضمام شبه جزيرة القرم الى روسيا المقرر ان يجري في 16 مارس ياتي "متسرعا جدا".
واضاف ان "العالم لن يعتبر ذلك استفتاء حرا ونزيها". وردا على التلميح الى ان موسكو لا تهتم بغضب الغرب من سلوكها في القرم، قال هيغ "اعتقد ان الروس يهتمون برد الفعل الدولي على ما فعلوه، فقد كان رد الفعل قويا". وقال إنه اذا لم يتم التوصل الى حل دبلوماسي فستترتب على التحرك الروسي "عواقب تجارية واقتصادية كبيرة". وأضاف أن عقوبات مثل تجميد منح التاشيرات والحظر على السفر "يمكن أن ياخذها الأشخاص المعنيون على محمل الجد". وقال ان "هذه الامور ستعني مع مرور الوقت ان (التدخل في اوكرانيا) كان خطأ جسيما في الحسابات". وحذر من انه رغم عدم وقوع اشتباكات مسلحة بعد، الا ان عدم احراز تقدم من خلال التفاوض "سيجلب خطرا فعليا من اندلاع نزاع حقيقي".