[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2015/09/sayed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]السيد عبد العليم[/author]
”كيف مع كل هذه المعطيات لا تستطيع أجهزة مخابرات اكثر من ٦٠ دولة من بينها أقوى دول العالم استخباراتيا وتقنيا وعسكريا رصد مراكز تدريب وتجنيد وتمويل وبيع نفط والحصول على اسلحة وغيرها من تحركات داعش؟ وكيف لم يقم اي جهاز استخاراتي من تلك البلدان بزرع عملاء له داخل التنظيم الممتد والمتنوع او الكوني من حيث الأعضاء!”
ــــــــــــــــــــــــــــ
ما إن سقطت الطائرة المدنية الروسية في سيناء بمصر، حتى سارعت فضائية أميركية بالإعلان ان قمر تجسس أميركي سجل وميضا فوق سيناء لحظة تحطم الطائرة. وأعلنت الحكومة البريطانية قبل ذلك أن الطائرة الروسية ربما تكون قد سقطت نتيجة انفجار قنبلة، وذلك بالتزامن مع وصول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى لندن في أول زيارة له منذ توليه السلطة. ثم أكدت بريطانيا ان لديها معلومات استخباراتية مؤكدة على اسقاط الطائرة جراء عمل ارهابي وقامت بإعلان ذلك في وجه الرئيس المصري خلال زيارته بشكل مهين. وكأن بريطانيا أو جهاز استخباراتها كان على متن الطائرة المنكوبة او كان يراقبها عن كثب وينتظر تحطمها او كأن عناصر لها كانت منتشرة ومتمركزة بالقرب من مكان الحادث وكانها على علم مسبق بما سيجري. هذا على الرغم من ان سيناء ارض وعرة شاسعة اغلبها غير مأهول وينتشر في مناطق منها الجيش المصري وبالطبع اجهزة مخابراته لملاحقة الجماعات المتشددة هناك مثل انصار بيت المقدس التي اعلنت مبايعتها لزعيم تنظيم داعش قبل اشهر. ذلك التنظيم الذي يقوم بعمليات تفجير واغتيالات داخل المدن المصرية والذي ينشط ويتمركز في مناطق داخل سيناء. وينشط الجيش المصري بعدته وعتاده لمحاربته هناك، ومع ذلك ينال من الجيش ويشن هجمات نوعية ضده وذلك لأنه في الأساس تنظيم سري لا يعرف مكان له يتمركز فيه ولا يمكن تمييزه عناصره من حيث الشكل عن بقية المصريين ولا سيما ابناء سيناء مما يزيد الامر تعقيدا امام الجيش المصري. أي أن عناصر هذا التنظيم يشنون هجماتهم القاتلة ضد افراد الجيش المصري بشكل أشبه بظهور عفريت او جن لا تعرف من اين اتى واين يوجد، فهم على شكل اشباح تظهر وتختفي. وبرغم حالة التنظيم المعقدة هذه، كان هذا الاعلان من قبل اميركا وبريطانيا عن رصدهم تحطم الطائرة الروسية قبل سقوطها. والسؤال هنا هو أين كل هذه البراعة والمهارة والدقة الاستخباراتية من تنظيم داعش القائم والواضح والمنتشر والمسيطر على مساحات شاسعة من سوريا والعراق؟ وهو تنظيم علني ومفتوح بمعنى انه قائم على أرض محددة ويضم مقاتلين من أغلب بلدان العالم تقريبا وخاصة البلدان الغربية كبريطانيا وفرنسا وغيرهما الذين يعلنون ان هناك آلافا من مواطنيهم يقاتلون في صفوف داعش. فهذا التنظيم لا يعمل في الخفاء بل يعمل في العلن من خلال سيطرته على مساحة كبيرة من الأراضي ـ اكبر من مساحة بريطانيا ـ يمارس سلطته عليها كسلطة الدولة من حيث فرض الأمن وصك العملة والقيام بالنشاط الاقتصادي والمالي والحربي والاستخباراتي والحصول على أسلحة وبيع النفط واقامة معسكرات تدريب في الوقت الذي يتعرض فيه لهجمات من اكثر من ٦٠ دولة لم تصده او تنتصر عليه بعد. بل انه يزيد من مناطق سيطرته، ويخطط ويجند اعدادا كبيرة من العناصر التي يأتي اغلبها متطوعين ويقوم بتدريب هؤلاء على حمل السلاح وشن هجمات قاتلة انتحارية وبتفجير احزمة ناسفة او وضع عبوات ناسفة وتفجيرها عن بعد وغير ذلك. بل انه صار ينقل معركته الى عقر دار بلدان اخرى تشترك في التحالف الدولي ضده مثل فرنسا كما حدث في باريس مؤخرا او بلدان أخرى غير مشتركة في التحالف كما حدث في تفجير حافلة الجيش بالعاصمة تونس. وكل ذلك ينطلق من سلطة دولة قائمة بحكم الواقع - لا نتحدث عن شرعيتها- على مساحة من الاراضي على مرأى ومسمع من كل العالم. فكيف مع كل هذه المعطيات لا تستطيع أجهزة مخابرات اكثر من ٦٠ دولة من بينها أقوى دول العالم استخباراتيا وتقنيا وعسكريا من رصد مراكز تدريب وتجنيد وتمويل وبيع نفط والحصول على اسلحة وغيرها من تحركات داعش؟ وكيف لم يقم اي جهاز استخباراتي من تلك البلدان بزرع عملاء له داخل التنظيم الممتد والمتنوع أو الكوني من حيث الأعضاء! فهناك مثل انجليز مما يسهل على الاستخبارات البريطانية زرع عملاء يمكنهم التعامل معهم بلغتهم وهناك فرنسيون على نفس الشاكلة وعرب وغير ذلك من أجل التعرف على التنظيم من الداخل؟ أي انه ليس من المستحيل اختراقه من حيث الأرض والأفراد ورصد اغلب تحركاته ومعسكرات تدريبه ولمن يبيع النفط وكيف يحصل على السلاح وغير ذلك من الامور المتعلقة به. ولكن كل ذلك يتوقف على اجابة السؤال الأهم: هل هناك نية حقيقية لمعرفة حقيقة التنظيم لمحاربته والقضاء عليه؟

السيد عبد العليم
[email protected]