تناهض الإساءة للأطفال ولها دور كبير في التوعية بهم
ـ كونت أول عيادة تخصصية في الصحة النفسية والدعم العلاجي والإرشادي

حوار : جميلة الجهورية
تتوالى إنجازاتها وطموحاتها ، توجه اهتمامها لمناهضة الإساءة والعنف ضد الأطفال ، وتتمتع بشخصية جاذبة مليئة بالإبداع ، وتعد نموذجا للمرأة العمانية المتمكنة التي تشتغل على تنمية مهاراتها وخبراتها بمسؤولية تخصصية كبيرة في مجالها الأكاديمي والمهني ، لتنشط في مجال الإرشاد النفسي والأسري .
حاصلة على شهادة البكالوريوس من الجامعة الأردنية ثم أكملت دراستها بالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ثم أنهت الماجستير في أستراليا، وخلال دراستها بأستراليا عملت مع مكتب المهاجرين لضحايا الحروب ، والذي أكسبها خبرة ومعرفة أكبر بالتواصل والتعامل مع الكثير من القضايا ، ناهيك عن تجاربها الأخرى التي صقلتها في الخارج أثناء دراستها لتحتك بقضايا الفقر والبؤس ، وقضايا الإساءة والعنف والهاربين من المنازل ، والإدمان .
في الحوار التالي مع السيدة بسمة بنت فخري آل سعيد والحاصلة على عدد من الجوائز العربية والإقليمية والدولية لإسهاماتها في الإرشاد النفسي والأسري والتي تؤكد في بداية مقابلتها على شغفها بمهنتها واهتمامها بعلم النفس والتوعية بالصحة النفسية وعدم الإساءة للطفل ، والتي ترى في هذا المدخل ضرورة أن يكون كل فرد لديه شغف بمجال معين حتى ينجح ، وينتج .
قالت : ليس بالضرورة أن أكون النموذج فلدي الكثير أعمله حتى أصل لما أطمح له، وهذا لكوني شغوفة بالذي أقوم به من حراك ونشاط في الصحة النفسية .
وترى بسمة آل سعيد أن التكريم المستمر والجوائز هو دافع أكثر للتنمية الذاتية واكتساب الخبرات باستمرار ، ولا تجد أن إنجازات المرأة في الاكتفاء بالنجاح فقط ، بل بالتواصل والاستمرار في رصد الإنجازات ، وخدمة المجتمعات ، حيث إن الإنجاز ليس له مقياس أو عمر معين ، وكثير من العطاءات يرتفع إنتاجها وإنجازاتها مع تقدم العمر .
وتشير إلى انتشار مرض التقليد حتى على مستوى المكاسب والإنجازات الشخصية ، وكثير من النساء يتجهن فقط لنسخ الإنجازات دون الإضافة والابتكار ، الذي يعطي للمنجز قيمة إبداعية وخدمية .
وتضيف : عندما نتحدث عن مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نجد أن كثيرا من المبادرات أو صاحبات الأعمال تتجه لتجارة العبايا ، والعطور ، فالطموح أن تتجه المرأة لأنشطة أخرى ، وهو ليس استقلالا بهم ، إلا أن الحاجة كبيرة لأنشطة أخرى واتجاهات أخرى تخدم المرأة والمجتمع .
حراك وإنجازات
وتحدثت السيدة بسمة آل سعيد عن تجربتها مع العيادة وإنجازاتها وقالت : عندما بدأت العيادة همسات السكون ، تفاعلنا مع برامج التواصل الاجتماعي والقضايا النفسية والصحية ، وكانت صفحة الفيس بوك من أكثر الصفحات التنافسية ، والتي نالت على ضوئها جائزة شرم الشيخ ، وبعد ذلك حصلنا على جائزة المرأة بالسلطنة ومن ثم جائزة المرأة المثابرة في دبي لاهتمامي بالتوعية ومناهضة الإساءة للطفل ، فوزها بالشهادة الفخرية لمثابرة الشباب من دبي وتطرقت السيدة بسمة خلال الحديث عن جائزة الأميرة بسمة بنت طلال للعمل التنموي وخدمة المجتمع والتي تعدها الأقرب إلى قلبها ، وقالت حيث درست علم النفس بالجامعة الأردنية وتخرجت منها ، تقول : هذه الجوائز حافز لمزيد من العمل والسؤال ماذا بعد هذا الإنجاز والخطوة التالية ؟!
مساندة المجتمع المدني
وعلى ضوء حراكها في مجال الصحة النفسية قالت : لكوني لا زلت أهتم بهذا الجانب فقد قمت بتدريب مجموعة من الأفراد لعدة أشهر، ورفعت اقتراحا بفتح خط ساخن ، وعرضت على وزارة التنمية الاجتماعية تدريب عدد من العاملين بالمجان في فترة سابقة .
وأوضحت أنه وخلال هذه الفترة قامت وزارة التنمية الاجتماعية بعمل لجان لحماية الطفل ، وتقول : هو أمر جيد ومرحب به ، ولكن تبقى هناك حاجة لمساندة المجتمع المدني للقطاعات الحكومية لمناهضة الإساءة ضد الأطفال ، أو أي قضية أخرى ، مشيرة إلى أنها لا زالت في إجراءاتها لإنجاز الخط الساخن .
برامج ومشاريع
وتكشف بسمة آل سعيد عن بعض أفكارها منها عمل وتصميم " آب " يحمل رسائل للأطفال كيف يمكن أن يحموا أنفسهم من التحرش والإساءة عن طريق الألعاب ، ، وعمل كتيبات ، والقيام بزيارات للمدارس ، وتقول : نحن بصدد تصميم كتيب غير خادش للحياء وبعيد عن رسائل الرعب ، كتيب تعليمي تثقيفي ، ويفترض قريبا الانتهاء منه ، وعلى مستوى التوعية أبحث عن الابتكار والخروج عن الرسائل التقليدية ، لذلك أبحث عن المواد المرئية ،حيث اكتشفت أن المواد المنتجة بالعربي بها الكثير من الكلام على عكس المواد المنتجة باللغة الإنجليزية والتي تركز على الفكرة وبأقل الكلمات وفي زمن قصير .
نحن معك
وتشير بسمة آل سعيد إلى تجربتها في إنتاج المادة المرئية فيلم " نحن معك " والتي سعت له بتعاون الكثيرين ، والذي شارك فيه حوالي 50 شخصا ، ينقلون أكثر من مشكلة صامتة ، مفادها في النهاية " نحن معك " ، وتقول : لذلك فكرنا أيضا أن نضع هذا الفيلم ضمن الأفلام السينمائية التي تعرض في دور السينما ، وحاليا يتم معالجته وتقليصه لبثه كفواصل إعلانية .
وتضيف إلى جانب ذلك سعت لإعداد قصص جماهيرية بعنوان " نحن معك " وهي قصص حقيقية ، في كل مرة تتحدث عن قضية أو موضوع مثل الفقدان والتفكير السلبي ووسائل الاتصال والتي يتم استضافتها في مواقع خدمية اجتماعية ، والتي عبرها يتم توثيق وتسجيل ملاحظات الجمهور حول الموضوع من زاوية شخصية وتقول : حاليا نسعى لاعداد ستة قصص وفي موقع له طابعه السياحي والانساني وله حضوره .
وعن دعم مبادراتها ، تشير إلى أن الدعم فردي لبعض الشباب الذي ساند الأفكار ، فيما أن القطاعات الاخرى لم تقدم أي دعم ، وتقول : للأسف لو أن الدعم لعرض أزياء سنجد هناك من يدفع ويساند ، وهو أمر محزن ، ولكن ومع ذلك لم يكن الدعم عقبة ، فإيماني بعملي يدفعني لمزيد من العمل بمساندة من يؤمنون برسالتنا في مناهضة الإساءة ضد الاطفال من موهوبين ومصممين ومبتكرين ، وتقول : لأن هدفي هو إنتاج أعمال وأنشطة عمانية ، أعمل حاليا على نقل التجارب إلى دول الخليج .
وتشير إلى موضوع زيارات المدارس ، وتقول : إنها كانت سابقا تقوم بزيارات للمدارس ، وتسعى الآن إلى الاستفادة من الأفراد الذين تم تدريبهم وضخهم في زيارات المدارس ، ممن تطوع وخضع لدورات طويلة مع عيادة همسات السكون وشارك في الحملات التوعوية ، وتؤكد أن الشباب هم أهم شريحة يمكن الاستفادة منهم في برامج التوعية .
جلسة مع بسمة
وعن برنامج جلسة مع بسمة تقول : إنها أوقفت البرنامج في الفترة الحالية ، إلا أن لها برامج وأفكار على الانستجرام ما زالت مستمرة ومتواصلة مع البرامج التوعوية والإرشادية وعما رصدته عبر فقرة جلسة مع بسمة قالت : اكتشفت أن الكثيرين لا يقرأ ، ولكن الجميل في البرنامج أنه يتم استقصاء جميع الأعمار والفئات ، لأن البرنامج جماهيري مع المجتمع ، وأوضحت انها استخدمت في البرنامج كلمات سهلة ومتناولة في المجتمع ، وما يميزه الابتكار وتعددية الأفكار ، مشيرة إلى أنها تعلمت الكثير من هذا البرنامج في التعامل مع التقنيات وإدارة الوقت في المكالمات ، وقالت: إنها تناولت في البرنامج مواضيع كثيرة منها التحرش بالأطفال والطلاق والفقدان والكثير من المواضيع التي تشكل هاجسا في المجتمع .
العيادة وتطلعات
وتتطلع السيدة بسمة إلى إجراء دراسة بحثية في العيادة تستهدف نوعية الزيارات ، وأكثر المشاكل التي يعاني منها كثير من أفراد المجتمع للجنسين ومختلف الفئات ، إضافة الى محور لتطلعات الزوار في العيادة النفسية .
وتشير إلى أن أكثر زوارها في العيادة نساء ، وذلك لأن المرأة بطبيعتها تتكلم على عكس الرجل بعض الشيء ، والذي ترى أنه دائما يتظاهر بالشجاعة ، وهو ما تقدره وتثمنه في الرجل لكسر هذا الحاجز ، مؤكدة بأن الرجل يعاني كما تعاني المرأة فكثير منهم يعاني من القلق والوسواس والضغوطات النفسية نتيجة المسئوليات وأعباء الحياة وضغوطات العمل .
وتعلق في هذا الجانب حول كثير من الازدواجيات التخصصية وخلط الكثير من البرامج في مكاتب الاستشارات التي بعضها تمتد للمشاكل الأسرية والنفسية وتقول : أنا لا أؤمن أن يذهب شخص دورة تدريبية ليومين ومن ثم يرجع معالجا ، فهي رسالة لنا أن جميع السنوات التي قضيناها في الدراسة والتخصص صفر ؟! ولا أؤمن أن يأتي شخص في الموارد البشرية ويتحدث في علم النفس !! ، حيث إنهم غير مدركين لحجم المشكلة ، فدراسة علم النفس تبدأ من الصفر وعلم يبدأ من الطفولة ، وعلى الرغم من الدراسة والتخصص في المجال لأكثر من 15 سنة والآن فقط حصلت على لقب خبيرة ، فكيف يحدث أن يأتي شخص وعبر دورة خلال يومين ويحصل على لقب الخبير العالمي والمستشار مؤكدة على ضرورة التنظيم ومثمنة لوزارة التنمية الاجتماعية اتجاهها نحو تنظيم المكاتب الاستشارية الأسرية ، وتتطلع إلى تنظيم وزارة الصحة .
وتشير إلى أنها حاصلة على شهادة الدبلوم في التنويم الإيحائي والإكلينيكي بعد دراسة المجال لمدة عام وليس خلال يومين ، وهي تمارس العلاج بخط الزمن مواكبة منها لاحتياجات مرضاها ، ولكن تبقى هذه الممارسات أدوات فقط ولا تعتمد على برامج الطاقة وغيرها ، وهي تؤمن بالتخصصية المهنية في علم النفس .
وحول أبرز الخدمات التي تقدمها العيادة إلا أنها توفر خدمات الإرشاد الفردي والجماعي ، وخدمات خاصة بالإرشاد للشركات وقطاعات العمل ، والتنويم الإيحائي والإكلينيكي ، والعلاج بالرسم ، والشئ الجديد وما يميز العيادة هي المجموعات المساندة ، والتي بدأت العيادة بها مع بعض المشاكل ، منها مشاكل المرأة المطلقة ، وحاليا يجرى العمل مع النساء اللاتي لا ينجبن ، وتقول : كما نسعى لعمل نادي للنساء ، يفتح المجال للعضوية به ، ويتيح الفرصة للاستفادة من البرامج والخدمات بالعيادة ، حيث وجدنا العلاج مع المجموعات المساندة والجماعي أكثر فاعلية من العلاج الفردي ، وهي ثقافة جديدة نحاول بثها في العيادة .
وتضيف : بالإضافة إلى مساعيهم دائما لعمل حلقات عمل تدريبية ، إلا أن المأخذ دائما في الوثوق بالخبرات القادمة من الخارج ، على الرغم من وجود الكوادر الجيدة ، إلا أنها تقول للأسف لدينا مرض اسمه " خبير من الخارج " والتي تستنزف الأموال .
ختاما تقول السيدة بسمة آل سعيد : المرأة العمانية في العهد الزاهر وصلت وأنجزت ، والخطوة القادمة والمطلوبة منها بعد هذه الفرص التي أتيحت أمامها أن تشكر السلطان على الثقة وعلى هذه المساحة من العطاء ، في أن تبذل المزيد من الجهد في الاستفادة من فرص التمكين .