في خطوة تعزز مهمة تمويل المشاريع ذات المخاطر العالية
ـ بمشاركة أكثر من 250 مشاركا.. (عمان لريادة الأعمال) يناقش الجوانب المهمة في الاستثمارات وعوامل نجاحها
علي السنيدي: رأس المال المبادر يساهم في استغلال الفرص الجديدة وتبني دعم الابتكارات الحديثة

كتب ـ الوليد بن زاهر العدوي:
بدأت صباح أمس بفندق كراون بلازا فعاليات مؤتمر عمان الأول لريادة الأعمال ورأس المال المبادر والذي سيشهد اليوم الاعلان عن أول شركة لرأس المال المبادر بالسلطنة في خطوة تعزز مهمة تمويل المشاريع ذات المخاطر العالية كما تساهم في استغلال الفرص الجديدة وتبني دعم الابتكارات الحديثة.
رعى افتتاح المؤتمر الذي تنظمه وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة" وصندوق الرفد وشركة إسكان العُمانية للاستثمار ش.م.ع.م. ويستمر على مدى يومين معالي الدكتور علي بن مسعود بن علي السنيدي، وزير التجارة والصناعة، بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمستشارين والمهتمين بالجانب الاقتصادي.
وسيعلن اليوم (الاثنين) خلال المؤتمر عن إنشاء أول شركة لرأس المال المبادر مشتركة في السلطنة بشكل حصري على يد مستثمرين من القطاعين العام والخاص، حيث يسعى المؤتمر الذي سوف يشارك فيه أكثر من 250 مشاركا، إلى الإعلان عن ثلاث شركات ناشئة محتملة ستسعى الشركة الاستثمارية "قيد التأسيس"، وستحمل اسم الشركة العُمانية لرأس المال المبادر ش.م.ع.م (إثمار).
وقال معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة في كلمته خلال الملتقى: كان للتوجيهات السامية لحضرة صاجب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بإنشاء صندوق الرفد والهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) الأثر البالغ في النهوض بهذه المؤسسات وشحذ ههمم الشباب والارتقاء بثقافة ريادة الأعمال في السلطنة، وخلال الاعوام الماضية وتحديدا بعد ندوة سيح الشامخات كانت هناك اكثر من مبادرة حكومية وخاصة لفتح مجالات أوسع أمام رواد الاعمال، واليوم نفتح المجال أمام وسيلة تمويل جديدة بين القطاع الحكومي والخاص بهدف تشجيع رواد الأعمال بما يمكن تمويل مشاريعهم ومساعدتهم على التحكم في المخاطر وترشيد التكاليف ومن ثم تقاسم نسبة المغامرة مع إيجاد آلية تخالص سهلة ومنهجية بعد عدة سنوات من نجاح مشاريعهم.
وأضاف معالي وزير التجارة والصناعة أن أهم التحديات التي تواجه المشاريع الجديدة ذات الافكار المبتكرة في عدم وجود من يتبناها في المراحل الاولى التنفيذ وعدم كفاية التمويل، ويعتبر التمويل عن طريق رأس المال المبادر ما يسمى رأس او ما يسمى رأس المال المخاطر اسلوبا لتمويل الشركات التي لا تقوم فقط على تقديم النقد مثل التمويل المصرفي بل تقوم على أساس المشاركة في المخاطرة والارباح، ومن هذا الجانب اردكت الدول المتقدمة أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى الحد الذي اصبحت هذه المشروعات تمثل اكثر من 90% في غالبية اقتصادات دول العالم كما انها توفر ما بين 40% الى 80% من اجمالي فرص العمل وتمثل نسبة المساهمة تتجاوز 85% من الناتج المحلي الاجمالي للعديد من دول العالم المتقدمة، إذ يعد التمويل من اهم الطلبات ودعم تنمية المشروعات الصغيرة في ظل توافر الظروف المناسبة للنمو بهذا القطاع الواعد ومساهمته في التنمية الاقتصاية الامر الذي يتطلب ضرورة البحث عن اليات جديدة للتمويل ومنها شركات رأس المال المبادر.

رأس المال المبادر
وأشار معالي الدكتور إلى أن رأس المال المبادر يعتبر احد المفاتيح المهمة لتحقيق عدة اهداف اقتصادية فمن خلاله يمكن استغلال الفرص الجديدة وتبني دعم الابتكارات الحديثة ونقل التقنية العالمية وتوفير فرص العمل اعتبار الشركات الناشئة فرصة لبناء شركات يمكن ان تكبر وتتوسع في المستقبل ويعد ركيزه مهمة لتمويل المشاريع ذات المخاطر العالية وبنفس الوقت فهي واعدة وتحقق ارباح مرتفعة اذ ان هذا النمط من التمويل الذي اصطلح على تسميته برأس المال المبادر تجسيدا لمفهوم التمويل وللمبدأ القائل ان الربحية العالية مرتبطة لمستوى المبادر العالية في الاستثمار، حيث يهدف نشاط شركات رأس المال المبادر إلى التغلب على عدم كفاية العرض من رؤوس الأموال بشروط ملائمة من المؤسسات المالية القائمة وإلى توفير لتميل للاستثمارات في المشروعات الجديدة او عالية المخاطر والتي تتوافر لديها امكانية نمو وعائد مرتفع وبذلك فإن رأس المال المبادر هو طريقة لتمويل الشركات غير القادرة على تدبير الاموال من اصدارات الاسهم العامة او اسواق الدين عادة بسبب المخاطرة العالية المرتبطة بأعمالها وهذه الاستثمارات هي لآجال طويلة وغير سائلة وذات مخاطر مرتفعة لكن بعوائد عالية نسبيا تتحقق عندما يتم بيع الشركة المستثمر فيها .
واختتم معالي وزير التجار والصناعة كلمته بأن المؤتمر قائلا: يأتي تفعيلا ان وجود شركات رأس المال المبادر التي تمثل أداة فعالة في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسة بحيث تمدها بالأموال والخبرة والطرق الحديثة في الادارة والتنظيم وتدمج اموالها مع اموال المؤسسات الممولة وهذا ما يحقق تمويلا محفزا لهذه المؤسسات كي تنهض نحو الأفق وتحقق ارباحا.
من جانبه قال الدكتور راشد البلوشي العضو المنتدب بشركة إسكان عمان للاستثمار ش.م.ع.ع: إن هذا المؤتمر سيساهم في تبادل الآراء والخبرات بين المشاركين حول آليات وأدوات التطبيق الفعلي لرأس المال المبادر، باعتباره بديلا تمويليا للمصادر التقليدية كالقروض المصرفية، والذي نشأ كرد فعل على إحجام البنوك عن تقديم التمويل للمشروعات الصغيرة والمشروعات ذات المخاطرة العالية والأفكار غير التقليدية، حتى لا تتعرض تلك البنوك للمخاطر الناشئة عن تلك المشروعات.
وأشار الدكتور راشد البلوشي إلى أن فكرة رأس المال المبادر تعتبر نمطاً جديداً من التمويل يختلف عن التمويل التقليدي في نظرته لمستويات المخاطرة في الاستثمارات والمشروعات التي تحتاج إلى التمويل، حيث يقوم بتمويل استثمارات تحتوي على نسب مخاطرة أعلى من المتوسط المتعارف عليه، وهو في الوقت نفسه يحتوي على أرباح عالية في حالة النجاح، ويأتي تأكيدا لمبدأ أن الربحية مرتبطة إلى حد كبير بمستوى المبادرة في الاستثمار، ولذلك فلا عجب أن تسمى صناعة رأس المال المبادر (التمويل الذي يبني الاستثمارات)، حيث برزت الحاجة إلى مثل هذا النوع من التمويل مع بداية ثورة التقدم التكنولوجي وخاصة في صناعة تكنولوجيا المعلومات التي تعتمد بشكل كبير على تبني أفكار جديدة والتي لا تساوي شيئاً مهما كانت أهميتها العلمية ما لم يتم تطويرها وتحويلها إلى مشاريع ذات قيمة استثمارية واقتصادية تعود بالنفع على كل من المجتمع وأصحاب هذه الأفكار، وبمعنى أدق تمويلها لتتحول إلى منتج نهائي، وكذلك امتد إلى تمويل شركات قائمة في المراحل الأولى، والتي تحتاج إلى متطلبات تمويلية خاصة لدعم نموها وتطورها لتمتلك فرص نمو مُجدية.

حقائق وأرقام
وأضاف العضو المنتدب بشركة إسكان عمان للاستثمار ش.م.ع.ع: تقدر حجم صناعة رأس المال المبادرعالميا بما يزيد على 100 مليار دولار أميركي حسب تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية QECD، وقد بدأت قديماً في أميركا وتطورت بنهاية الثمانينات من خلال إنشاء "الجمعية الوطنية الأميركية لرأس المال المبادر" وهذه الخطوة أنتجت شركات التقنية مثل "مايكروسوفت"، "جوجل"، "آي بي أم"، "فيس بوك" وغيرها كثير. ويعتبر رأس المال المبادر محرك الاقتصاد، إذ أسهم بنسبة تتجاوز الـ 40 في المائة في بعض الاقتصادات المتقدمة كالولايات المتحدة الأميركية وبعض دول أوروبا الغربية، حيث يقوم رأس المال المبادر على مبدأ المشاركة وبالتالي يندرج تحت نظام الاقتصاد الاسلامي بحيث إن المستثمر يشارك صاحب الفكرة في الربح والخسارة، وعليه يبعث بالثقة لدى رائد الأعمال بدلاً من أساليب التمويل التقليدية التي قد تثقل كاهل المشروع بتسديد الديون وإذا تمت ممارسة فكرة رأس المال المبادر بشكل صحيح فسوف تكون لهذه الممارسة فوائد كبيرة مثل التمكن من تنويع الاقتصاد، ودعم الشباب المبتكر.
وأضاف: إننا نعيش في عصر العلم والتكنولوجيا حيث الإبداع والابتكار في مجال الأعمال يعتمد بشكل أساسي على تحويل الآفاق التي تنيرها جهود العلماء والباحثين إلى واقع ملموس يخدم حاجات المجتمع ويوجد فرصاً وإمكانيات جديدة له، ومن هذا المنطلق فإنه من الضروري تعزيز الشراكة بين المؤسسات العلمية والبحثية من جهة وقطاع الأعمال والمشاريع من جهة أخرى، ولتأسيس بيئة تضمن استمرارية ريادة الأعمال وتوفير عرض كاف من الأفكار الابداعية، فلا بد من الاهتمام بقطاع البحث العلمي على أنه المحرك الأساسي للاقتصاد، ولا بد من إشراكه بفاعليه في مشاريع دعم ريادة الأعمال في السلطنة، كما هو الحال في الدول المتقدمة، حيث أشار بحث قامت به مجلة الايكونومست في مطلع عام 2015 إلى أن 20% من الشركات الناشئة في أميركا بدأت في رحاب المؤسسات العلميه مثل MIT وStanford و HARVARD وغيرها، وفي ظل المتغيرات الاقتصادية التي تمر بها المنطقة، فإن الحاجة ماسة لإيجاد قنوات استثمارية ذات عوائد مُجزيه على مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي كاستثمارات رأس المال المبادر، لكون هذه الاستثمارات توفر وسائل الدعم المالي والفني والإداري للمشاريع الناشئة لتكون تلك المشاريع نواة اقتصادية مهمة في بناء الاقتصاد عن طريق تأسيس شركات صغيرة ومتوسطة قادرة على توظيف الكوادر الوطنية والمساهمة في الناتج المحلي، وكذلك دعم وتشجيع الأفكار الإبداعية للمبدعين ومساعدتها على المنافسة وبالتالي توفير فرص عمل جديدة، وهذا التوجه سيسهم في بناء جيل جديد من المبتكرين ورواد الأعمال الذين ربما لم يجدوا في السابق التمويل والدعم لاحتضان أفكارهم وإبداعاتهم وتحويلها إلى واقع ملموس ليدعم في نهاية المطاف ناتجنا المحلي ويسهم في بناء اقتصادنا الوطني، وإن من شأن هذا المؤتمر توفير منبر مهم يتم من خلاله تبادل الأفكار بين ذوي الخبرة المهنية والعلمية وسوف يتضمن العديد من النشاطات والفعاليات المهمة كالمحاضرات وحلقات النقاش، والتي تساهم في تعريف رواد الأعمال والمستثمرين بأهمية استثمارات رأس المال المبادر وجدواها الاقتصادية، وكذلك التعريف بدور المؤسسات الأكاديمية والبحثية في تعزيز هذا النوع من الاستثمارات.

جلسات نقاشية
وخلال المؤتمر عقد عدد من الجلسات النقاشية التي تطرقت للعديد من الجوانب المهمة في الاستثمارات المبادرة، كالتعريف باستثمارات رأس المال المبادر وعوامل نجاح استثمارات رأس المال المبادر، واستثمارات رأس المال المبادر، وما هو واقع هذه الاستثمارات في السلطنة ومستقبلها. حيث سيحظى المؤتمر بدعم من الهيئات المعنية بتوفير فرص لرواد الأعمال من أجل إنشاء مشاريعهم مثل الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة" وصندوق الرفد ومركز الأعمال الوطني، وضمت قائمة المنظمين المشاركين في تنظيم المؤتمر كلا من شركة كي بي إم جي وشركة تراورز وهاملينز ومعهد التكلفة والمحاسبة الإدارية وشركة نبض واحد عُمان ش.م.م.
كما سيوفر المؤتمر منصة أمام رواد الأعمال للسعي من أجل الحصول على مصادر بديلة للأموال والوصول إلى المستثمرين الذين يرغبون في دعم الشركات الناشئة المحتملة التي تتمتع بإمكانيات مرتفعة لتحقيق النمو. كما سيزودهم بفرصة فريدة لتبادل الأفكار والمعرفة مع الخبراء والممارسين المهنيين إلى جانب ذلك سيكون هناك فرصة لهم للاستماع إلى قصص النجاح من مؤسسي الشركات الذين بدأوا رحلتهم في مجال ريادة الأعمال بعد الحصول على تمويل رأسمالي استثماري لتحقيق النمو والتوسع، وسوف يتمتع الحضور بإمكانية الوصول إلى التمويل الرأسمالي الاستثماري والمستثمرين الممولين وإقامة علاقات شراكة مع قادة تجاريين استراتيجيين حيث سيكون الدعم الذي يتم الحصول عليه من المستثمر الرأسمالي المشترك يمكن أن يزود رواد الأعمال العُمانيون بأفضل دفعة ممكنة تجاه بدء العمل المتميز بإمكانيات عالية لتحقيق النمو.
يذكر أن لتمويل رأس المال المبادر يدفع بالاقتصاد الوطني إلى مزيد من التوسع وتنشيط الحركة الاقتصادية، ويساهم بجدية في ايجاد فرص العمل في الوطن وقد أكد الباحثون ان الثورات الصناعية الإلكترونيات والمعلومات الدقيقة والتكنولوجيا الحديثة وغيرها من الصناعات ازدهرت ازدهارا مذهلا بفضل التمويل برأس المال المبادر، حيث أصبحت تلك المشروعات بعد سنوات قليلة مشروعات متوسطة ناجحة قفز أغلبها بعد ذلك إلى مصاف المشروعات الكبرى التي تغزو منتجاتها وخدماتها أسواق العالم كافة على سبيل الذكر فهوت ميل، وفيس بوك، وأمازون دوت كوم، وشركة أبل الشهيرة، وشركة مايكروسوفت العملاقة وغيرها .
وسيتم الاعلان في اليوم الثاني من المؤتمر عن إنشاء الشركة العمانية لرأس المال المبادر وكذلك عدد من المشاريع التي يمكن ان تمثل باكورة استثمارات الشركة وهي دعوة لقيام شركات مماثلة في المستقبل.