اختتم قبل عدة أيام في المملكة العربية السعودية المنتدى الرابع لأصحاب الأعمال الخليجيين ونظرائهم من الهند. ولا شك أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي والهند تعود إلى تاريخ طويل جدا. أما حديثاً فقد جاءت الدفعة الكبرى للتجارة بينهما منذ اكتشاف النفط في دول مجلس التعاون الخليجي وتنامي الطلب على السلع والخدمات والأيدي العاملة الهندية. وبناءً على تبدل النظام الاقتصادي العالمي في الوقت الراهن، تنظر دول المجلس إلى الهند حالياً ليس باعتبارها قوة اقتصادية فحسب، وإنما ربما أيضاً كـقوة "توفيقية" قادرة على لعب دور إيجابي في دعم السلام والاستقرار بالخليج.
وعلى الرغم من الروابط الحضارية والثقافية والتجارية والقرب الجغرافي، فإن الهند لا تحتل مرتبة متقدمة بين الشركاء التجاريين لدول مجلس التعاون الخليجي حتى الآن، بل إن غالبية حجم المبادلات التجارية بين الجانبين والذي يقدر بنحو 158 مليار دولار لا تزال تدور حول النفط، بينما تمثل السلع غير النفطية نسبة ضئيلة للغاية منها.
أما فيما يخص الاستثمارات المتبادلة، وعلى الرغم من أن بيانات الاستثمارات الهندية في دول مجلس التعاون الخليجي غير متاحة على نطاق واسع، فإن المعلومات العامة المأخوذة من وكالات الاستثمار في كل بلد تكشف أن الهند واحدة من المصادر الرئيسية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وتشير بعض الأرقام أن الاستثمارات الخليجية في الهند لا تتجاوز الـ 3 مليارات دولار. وعلى الرغم من مساهمة الاستثمارات الهندية في النمو الاقتصادي القوي لدول مجلس التعاون الخليجي إلا أنها تبقى ضئيلة بالمقارنة مع حجم استثماراتها في بقية أنحاء العالم.
يضاف لتنوع العلاقات الاقتصادية بين الهند ودول المجلس الأيدي العاملة الهندية الموجودة حاليا في دول المجلس والتي يناهز عددها حوالي 8 ملايين عامل، ويقدر ما تحوله للهند سنويا في المتوسط بحوالي 25 مليارات دولار.
وتشكو الشركات الخليجية من أنه على الرغم من نيلها مكانة "الدول الأكثر تفضيلاً" داخل الهند، فإن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المستوردة منها لا تزال مرتفعة مقارنة بالضريبة الرمزية البالغة 5% المفروضة على الصادرات الهندية داخل دول المجلس. إلى جانب ذلك، تضطر دول المجلس إلى دفع ضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة، وضريبة المبيعات المركزية. كما تجد الدول الخليجية عوائق أخرى داخل الهند مثل ضرورة الحصول على تراخيص استيراد، وفرض قيود كمية واختبارات إجبارية ودعم الصادرات.
كما تفرض الهند قيودا على استثمار الشركات الأجنبية بقطاعات معينة، مثل الاتصالات والخدمات القانونية، وتشتكي الشركات الخليجية من مستوى البنية التحتية الهندية التي تعتبر من أكبر التحديات أمام تدفق التجارة والاستثمارات إلى الهند، ومن تعقيد إجراءات الجمارك والاستثمار في الهند.
لذلك، فقد بحث المنتدى دون شك في كافة هذه الجوانب بهدف تسريع أشكال التعاون بين الجانبين ، لكن الأهم هو أن يتم تسريع المفاوضات بين الجانبين بشأن اتفاقية التجارة الحرة التي يتواصل الحوار بشأنها منذ نحو عشر سنوات، حيث إنها إحدى السبل المهمة لتذليل معظم إن لم نقل كافة تلك العقبات.

د.حسن العالي