[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. بالطبع لم يكن النافذون في (أوبك) غافلين عن أن خطوتهم برفع سقف الانتاج سيكون لها أثر سلبي على الأسعار المنخفضة بالأساس منذ قرار مماثل اتخذته المنظمة قبل نحو عام ونصف لكن هؤلاء النافذين أيضا كان أمام أعينهم سلسال من التطورات السياسية التي جرت منذ هذا التاريخ.”
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يؤكد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) زيادة سقف انتاجها النفطي على أن تجاذبات السياسة أقوى من معادلات العرض والطلب التي يخضع لها سوق النفط كأي سوق أخرى ما يؤكد ايضا أن ارتهان استقرار هذه السلعة الاستراتيجية للمواءمات أعلى من خضوعه للفرضيات الاقتصادية.
ففي اجتماعها الـ168 الذي انعقد في فيينا الجمعة قررت المنظمة التي تنتج دولها نحو 40% من الناتج العالمي للنفط ويملك أعضاؤها نحو 70% من الاحتياطي العالمي للخام رفع سقف إنتاجها من النفط الخام بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا ليصل إلى 31.5 مليون برميل يوميا.
وفور صدور قرار أوبك انخفض سعر خام برنت 84 سنتا أو 1.92 % لتسجل 43 دولارا للبرميل كما هبطت عقود الخام الأميركي 1.11 دولار أو 2.70% لتبلغ 39.97 دولار للبرميل.
وبالطبع لم يكن النافذون في (أوبك) غافلين عن أن خطوتهم برفع سقف الانتاج سيكون لها أثر سلبي على الأسعار المنخفضة بالأساس منذ قرار مماثل اتخذته المنظمة قبل نحو عام ونصف لكن هؤلاء النافذين أيضا كان أمام أعينهم سلسال من التطورات السياسية التي جرت منذ هذا التاريخ.
فحينما اتخذت أوبك قرارها قبل عام ونصف وكما كتب في هذه المساحة وقتها تحت عنوان (أوبك تعطي المسكن للنفط الصخري ماذا بعد؟) كان منتجو النفط حريصين على مواجهة النمو في المعروض من النفط الصخري الأميركي حيث كانت استراتيجيتهم لهذه المواجهة هي خفض الأسعار لدفع الشركات المنتجة على الاحجام عن التوجه للنفط الصخري للتكلفة العالية لاستخراجه.
وأسفرت هذه الاستراتيجية فيما يبدو عن انخفاض متتال في منصات التنقيب عن النفط في أميركا ليصل هذا الانخفاض الى مقدار 10 إلى 545 خلال الأسبوع المنتهي في 4 ديسمبر وهو المستوى الأدنى منذ 4 يونيو عام 2010 وفق ما أعلنت شركة بيكر هيوز الأميركية للخدمات النفطية.
لكن سوق النفط شهدت خلال عام ونصف مضى مزيدا من الضغوط السياسية أولها الانفراجة السياسية بين الغرب وإيران والمتمثلة بالتوصل الى اتفاق لرفع العقوبات مقابل تبديد إيران للمخاوف المتعلقة ببرنامجها النووي.
فوفقا لتصريح لوزير النفط الإيراني بيجن زنغنه مطلع الشهر الجاري فان ايران تتوقع أن يرتفع انتاجها من النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا، فور رفع العقوبات، وبواقع مليون برميل في غضون أشهر.
وبالتزامن مع ذلك ايضا أعلنت إيران في مؤتمر للعقود النفطية الجديدة حضرته 335 شركة بينها 152 شركة أجنبية من 45 بلدا، من أمثال "رويال داتش شل" البريطانية الهولندية و"توتال" الفرنسية و"لوك أويل" و"غازبروم نفط" الروسيتين.
أنها ستشكل مع الشركات العالمية مؤسسات مشتركة لاستخراج النفط والغاز على أساس عقود الامتيازات.
كما تجد سوق النفط أيضا ضغطا آخر يتمثل في الانتاج والتجارة غير المشروعة والتي يمارسها تنظيم داعش الإرهابي حيث تشير التقديرات الى أن هذه التجارة التي تمر عبر وسطاء اتراك تدر على التنظيم 3 ملايين دولار يوميا.
بالطبع انخفاض اسعار النفط الناتج عن رفع سقف الانتاج يؤثر بلا شك على اقتصاديات الدول الأعضاء في أوبك خاصة ان معظم هذه الدول تعتمد على النفط كمصدر أساسي وشبه وحيد لدخل لكن مصلحتهم في الحفاظ على حصصهم في السوق تجعلهم على استعداد لتحمل هذه التأثيرات ويبقى استقرار السوق مرهونا بالتوافق السياسي بين المنتجين.