متابعة ـ سامح أمين:
أوصى مؤتمر "سياسات العمل والتنمية المستدامة" الذي نظمته الجمعية الاقتصادية العمانية على مدى يومين بضرورة تفعيل الدليل الوطني للتنمية "عمان التي نريد" الذي اقترحته الجمعية الاقتصادية العمانية والذي يمثل رؤية استراتيجبة جديده للسلطنة لبناء نموذج اقتصادي جديد يتسم بالشمولية والديناميكية لمواجهة التحديات المستجدة وتضمن تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والتأكيد على ان معالجة تحديات أسواق العمل مرتبطة بتنفيذ ونجاح تحقيق اهداف خطط التنمية وخاصة التنويع الاقتصادي وتوليد فرص عمل للمواطنين وذلك مرهون بالإصلاحات العامة وبمقدرة الحكومة على صياغة وتنفيذ سياسات بديلة وفاعلة من خلال حوكمة الادارة الحكومية.
كما أوصى المؤتمر بالتأكيد على ان حل مشاكل أسواق العمل هي نتائج للتطورات والسياسات المطبقة في أسواق إنتاج السلع والخدمات. وان الاهتمام بآليات عمل الأسواق الاخيرة سوف ينتج عنه معالجات جذرية لاغلب مشاكل أسواق العمل، وضرورة الانتقال من حلول اصلاح سوق العمل الجزئية والقصيرة المدى الى تغيير جذري في الهيكل الاقتصادي او البنية الاقتصادية ودعم قطاعات جديدة معرفية تولد فرص عمل للمواطنين وتجنب فرص عمل للعمالة قليلة المهارة والمعرفة، وضرورة مراجعة سياسات العمل الحالية التي لم تعد قادرة على مقابلة تحديات المرحلة المقبلة بسبب تغيير الكثير من العوامل، واعتماد سياسات تؤدي الى خفض حالة التجزؤ في سوق العمل والارتقاء بمستوى إنتاجية المواطنين لتعزيز عملية الإحلال، ومعالجة مشكلة الزيادة في استقدام الوافدين من خلال تحسين قابلية القوة العاملة الوافدة على الحركة والتنقل في القطاع الخاص، ومعاجة التجارة المستترة من خلال رفع المستوى المعرفي والإنتاجي للمواطنين، موصيا بأهمية ربط سياسات استقدام العمالة الوافدة بأهداف الاقتصاد الكلي للسلطنة وضرورة اعتماد نموذج لتحليل مؤشرات سوق العمل للمتغيرات الأربعة ذات الاهتمام وهي الإنتاج والعمالة، ومعدل الباحثين عن عمل والقوى العاملة وإعداد توقعات بشأنها وعمل نموذج اقتصادي بهدف تحديد تقديرات مرونة العمالة ـ الناتج باستخدام مجموعة متنوعة من الطرق الاقتصادية الكمية المعتمدة على قواعد بيانات السلاسل الزمنية، والبيانات المقطعية، وبحيث تعرض نتائج هذه الطرق مخرجات سوق العمل، بعد ربطها بتطورات الاقتصاد الكلي العماني.
كما أوصى المؤتمر بضرورة دراسة آلية تدوير رسوم توظيف القوى العاملة الوافدة إلى القطاع الخاص، وذلك من اجل دعم عمليات التعمين، وزيادة القدرة التنافسية للقوى العاملة الوطنية في سوق العمل. مما يساهم في جعل عملية توطين الوظائف عملية طوعية لا قسرية، وذلك بالنظر إلى المكاسب الكبيرة التي تحققها عملية التوطين والتكاليف العالية التي ستتحملها المنشآت متدنية التعمين، وضرورة ادراك صانعي السياسات لواقع القطاع الخاص العماني، وقدراته المحدودة وإيجاد ارضية مشتركة للحوار الحقيقي والمسئول بين قطاع العمل والعمال وبرعاية الحكومة، تكون مهمتها العمل على التوصل إلى صيغة للتوافق، وبما يخدم مصلحة جميع الاطراف دون الاضرار بالاقتصاد الوطني، ويحافظ على الاستقرار العام والتأكيد على مسألة حقوق وواجبات كل طرف، ويعمل على حل الخلافات التي قد تنشأ من وقت إلى اخر، وضرورة تعزيز الاستثمار والانفاق الحكومي في القطاعات المعرفية خارج الثالوث التقليدي (الطاقة والبناء والخدمات) وذلك من اجل التحول الى مجتمع المعرفة والاقتصاد القائم على المعرفة من اجل ضمان النمو والاستدامة لمرحلة ما بعد النفط والغاز.
وأوصى المؤتمر بالدعوة الى ضرورة استغلال فوائض الثروة النفطية للانتقال الى الاقتصاد الإنتاجي القائم على المعرفة بدلا من الاعتماد على الهيكل الاقتصادي الحالي القائم على المشروعات والانشطة الاقتصادية الريعية التي تعتمد على كثافة العمالة غير الماهرة قليلة الإنتاجية، والانتقال من الثقافة الريعية الى الثقافة الإنتاجية وذلك بربط النمو الاقتصادي بزيادة فرص العمل للمواطنين بما يحقق النمو الاقتصادي المعروف بـ(نمو اقتصادي صديق للعاملين)، والاسراع في تطوير المنظومة التعليمية لجعلها اكثر ارتباطا بالاقتصاد القائم على المعرفة لتهيئة الظروف المناسبة لتحويل الخريجين من طالبي فرص عمل الى مولدي فرص عمل حقيقية تعزز عمليات التشغيل الذاتي، وتطوير سياسات متكاملة لدعم ريادية الأعمال وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبناء القدرات المؤسساتية والفنية وتشمل هذه السياسة العوامل التكاملية لإنجاح هذا القطاع والعمل على إيجاد تكامل رأسي ما بين الصناعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الحجم وذلك لضمان التغذية الأمامية والخلفية ما بين الأحجام المختلفة للأنشطة وبالشكل الذي يساعد في حل مشاكل ضمان الطلب على منتجات الأنشطة المتوسطة والصغيرة، والاهتمام بآليات تحويل المعرفة الى ثروة مثل الابتكار وريادة الأعمال وحاضنات الأعمال وحدائق التكنولوجيا وربط التدريب مع التعليم وزيادة الطلب على المعرفة وليس العرض فقط، وتعريب المعرفة واتاحة النفاذ اليها لضرورة وجود المعرفة بلغة المجتمع في عملية التحول لمجتمع المعرفة.
وكانت أعمال المؤتمر تواصلت في يومه الثاني مسلطاً الضوء على محور (توفير فرص العمل من خلال الريادية واقتصاد المعرفة) برئاسة الدكتور أحمد اليوشع، حيث قدم الدكتور محمد مراياتي ورقة بعنوان "الحلول العملية لقضايا سوق العمل في اقتصاد المعرفة وآليات نقل العلم والمعرفة والتقنيات الحديثة" ومن ثم قدم الدكتور خالد اليحيى ورقة حول (ريادية الأعمال في التنمية الاقتصادية ودور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قضايا العمل وتوليد الوظائف).
واختتم المؤتمر جلساته بالمحور الرابع والأخير والذي استعرض (تجارب وحالات عملية في سياسات العمل) برئاسة الدكتور أحمد النجار حيث قدم الدكتور محمد الجهوري ورقة بعنوان (التجارب الدولية المرتبطة بهجرة العمالة وسياسات العمل) ومن ثم استعرض خليل بوهزاع ورقة عمل سلط فيها الضوء على (تجارب الحوار الاجتماعي والعلاقة بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال).