ـ القطاع المصرفي ساهم في دعم برامج وخطط الحكومة التنموية طوال العقود الماضية
ـ اندماج البنوك والتأسيس لكيانات مصرفية لا بد أن يحظى برعاية واهتمام الجميع.. والبنك المركزي يدعم ويساند هذا التوجه

ـ تشجيع المواطن على الادخار والتقليل من القروض الاستهلاكية مصلحة وطنية وعلى البنوك أن توليه دورا كبيرا ومهما مع توفير منتجات ادخارية واستثمارية مبتكرة

ـ لا أجد حاجة حاليا لإعطاء تراخيص جديدة لإقامة بنوك جديدة

وموضوع الابتكار والتوسع في الخدمات ستضيف للمواطن والسوق قيمة تنافسية حقيقية

ـ التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي هي الابتكار في تقديم الخدمات والسيطرة على كلف التشغيل والقروض المتعثرة والالتزام بالمتطلبات القانونية والرقابية

ـ أتوقع أن تشهد المصارف والنوافذ الإسلامية العديد من التحديات ما لم توفر منتجات وأدوات تمويلية وادخارية واستثمارية إسلامية مبتكرة

ـ القطاع المصرفي يساهم في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية الوطنية

ـ هناك حاجة لمراجعة سياسات التعمين في مؤسسات الدولة وضرورة إيجاد جيل منتج قادر على البناء والإنتاج


رشاد بن محمد الزبير رئيس مجلس إدارة بنك عمان العربي وأحد من أبرز رجال الأعمال في السلطنة.. كان له أدوار بارزة في المساهمة بالتأسيس والإعداد لقيام العديد من المشاريع والمؤسسات الخاصة في الدولة كما أن له مشاركة فاعلة برسم معالم النجاح لشركات وطنية ولدت صغيرة وكبرت لتتبوأ مكانتها وأهميتها الاقتصادية
رشاد الزبير مقل في تصريحاته وظهوره الإعلامي لكننا في (الوطن الاقتصادي) تمكنا من أن نخرجه عن صمته لنجري معه هذا الحديث حول انطباعه عما حققه القطاع المصرفي خلال السنوات الماضية ومستقبل القطاع في ظل ما يلقاه من رعاية واهتمام كبيرين من قبل الحكومة الرشيدة.. كما عرجنا معه لمسيرة النمو والتطور التي يشهدها بنك عمان العربي وهو على رأس مجلس إدارة هذا البنك وخطط التطوير والتحديث التي سيحظى بها خلال مسيرة العمل القادمة.
وأكد رشاد بن محمد الزبير رئيس مجلس إدارة بنك عمان العربي على الدور الذي يمثله القطاع المالي والمصرفي في البلاد وإسهامه المباشر وغير المباشر إلى جانب الحكومة ومشاركتها في رسم معالم الدولة الحديثة من خلال الدخول في شراكات استراتيجية مهمة تتمثل بالدعم والتمويل واحتضان مشاريع تشكل قيمة مضافة لقطاعات اجتماعية واقتصادية وتنموية موضحا أن هناك العديد من الأدوار التي من الممكن للبنوك أن تؤديها وتشارك بها أهمها العمل مع الحكومة لسد العجز المالي وتمويله المتوقع من خلال المساعدة في إصدار سندات حكومية والاكتتاب بها وتسويقها محلياً وخارجياً وإصدار صكوك إسلامية شريطة عدم إضعاف قدرة البنوك على الاستمرار بتحقيق معدلات النمو التي ترغب بتحقيقها لتساهم في مسيرة النمو والتقدم.
وقال الزبير إن البرامج والخطط التنموية القادمة تتطلب ضرورة وجود شركاء للحكومة في مسيرة التنمية الاقتصادية واضعين بعين الاعتبار رغبة الحكومة بترشيد الإنفاق تدريجياً وإعطاء مساحة ودور أكبر للقطاع الخاص ومن ضمنها القطاع المصرفي.
وذكر رئيس مجلس إدارة بنك عمان العربي في حواره مع (الوطن الاقتصادي) إن البنوك الحالية الموجودة بالسوق تلبي احتياجات ومتطلبات المواطن والمقيم على هذه الأرض الطيببة ولا يرى داعيا لاصدار تراخيص جديدة ما لم تقدم الجديد والمبتكر من الخدمات، كما أشار إلى ضرورة اندماج البنوك بما يوجد كيانات مصرفية قادرة على مواكبة الحراك الاقتصادي والتنموي من جهة ودعم البرامج والمشاريع الحكومية من جهة أخرى مشيرا إلى أن هناك رغبة ودعما كبيرا وحقيقيا من قبل البنك المركزي لهذا التوجه.
وتوقع الزبير أن تشهد المصارف والنوافذ الإسلامية العديد من التحديات، منها اكتمال الجانب التنظيمي والتشريعي وضرورة توفير منتجات وأدوات تمويلية وادخارية واستثمارية إسلامية، وأن تشكل قيمة حقيقية وفعلية للاقتصاد والمجتمع ككل وتواكب وتلبي تطلعات ورغبات مختلف شرائح المجتمع. وإليكم نص الحوار....

* رشاد الزبير نبدأ حديثنا معكم حول التطور الذي يشهده القطاع المصرفي فهنالك اليوم مطالب بضرورة تعزيز دور البنوك التجارية في العمل الاقتصادي بدل التركيز كما هو حاصل مع بعض البنوك على القروض الشخصية... هل تتفقون مع هذا القول أم لكم وجهة نظر أخرى خاصة فيما يتعلق بمسؤوليات وواجبات البنوك خلال المرحلة القادمة؟
** بنك عمان العربي ومنذ سنوات كان من أوائل البنوك التي سلطت الضوء على ضرورة دراسة ظاهرة ارتفاع الطلب على القروض الشخصية ودراسة أسبابها ومسبباتها من حيث نموها وارتفاع مدة السداد والعبء المالي على المقترضين وما قد ينتج عنها من مشاكل مالية واقتصادية واجتماعية وخصوصاً ما بعد سن التقاعد. أما فيما يختص بدور البنوك ومسؤولياتها فيجب الإشارة إلى أن القطاع المصرفي ساهم خلال العقود الماضية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وكان له دور ريادي في تمويل مشاريع البنية الأساسية والمشاريع الصناعية الكبرى كما أنه قدم العديد من الحلول التمويلية والاستثمارية للمواطنين والمستثمرين على هذه الأرض المباركة.
فمع صعوبة هذه المعادلة في ضرورة التوازن بين تقديم القروض الشخصية والتسهيلات الاستثمارية التنموية، لكنها ليست مستحيلة بكل تأكيد، فقد نجحت وتنجح باستمرار إذا ما كانت المشاركة مبنية على أسس واضحة آخذة بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف.

* حسبما أشرتم في بداية حديثكم أن هناك أدوارا كبيرة تنتظر القطاع المصرفي والسؤال كيف للقطاع أن يرتقي بأدواره وإسهاماته في العملية التنموية من خلال إيجاد شراكات استراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص؟
** اتخذت الحكومة الرشيدة سلسلة من الإجراءات التنموية التي تهدف إلى توفير الرخاء والرفاه الاجتماعي للمواطن العماني خلال السنوات الماضية والتي يتوقع أن تضغط على الميزانية العامة للدولة وخصوصا ما يتعلق بالمشاريع الانمائية والتنموية، والقطاع الخاص مطالب بمساندة الجهود الحكومية وأخص هنا القطاع المصرفي. فمن أهم الأدوار التي من الممكن للبنوك أن تؤديها وتشارك بها هو العمل مع الحكومة لسد وتمويل العجز المالي المتوقع من خلال المساعدة في إصدار سندات حكومية والاكتتاب بها وتسويقها محلياً وخارجياً و/أو إصدار صكوك إسلامية كأحد مصادر التمويل الجديدة التي نادى بها العديد من المستثمرين والدخول في استثمارات وشراكات مع القطاع العام علاوة على المساهمة في برامج تخصيص الاستثمارات والشركات الحكومية سواء كانت من خلال تقديم النصح والمشورة و/أو تسويق تلك الاستثمارات كما جاء ببيان الموازنة العامة للدولة لعام 2014.

* هل ترمي من حديثك أنه من الضرورة أن يعمل القطاع الخاص وأن يساهم بفاعلية أكبر في التمويل والدعم للخطط والبرامج التنموية القادمة؟
** بكل تأكيد هذا ما أعنيه، فسوف تحتاج العديد من المشاريع المخطط تنفيذها لبرامج تمويلية ضخمة، وعلى الرغم من قيام الحكومة بتخصيص مبالغ ضخمة لها في موازناتها السنوية والاعتمادات المالية المعدلة للبرنامج الإنمائي والاستثماري للوزارات المدنية لخطة التنمية الخمسية الثامنة (2011– 2015) إلا أنها تحتاج إلى شريك استراتيجي معها لتنفيذ تلك المشاريع والبرامج، واضعين بعين الاعتبار رغبة الحكومة بترشيد الإنفاق تدريجياً وإعطاء مساحة ودور أكبر للقطاع ولا سيما القطاع المصرفي منه.

* ننتقل بكم لسؤال آخر يتعلق بحالة النمو والانتعاش التي يعيشها القطاع المصرفي من وجهة نظركم ألا ترون أيضا الحاجة لتشكيل كيانات مصرفية كبيرة في السلطنة واندماج بنوك مع بعضها خاصة أن هناك مؤسسات مصرفية نتائجها المالية متواضعة ورؤوس أموالها متدنية؟
** أشكرك على هذا السؤال وما أود توضيحه في هذا الجانب أن الاندماجات بشكل عام تشكل قوة دافعة لقطاع المصارف العمانية إذا ما تم العمل عليها كميزة نسبية وقيمة مضافة ماليا واقتصاديا وتشغيليا مدفوعة باستراتيجية واضحة وتوجه جماعي للمساهمين والشركاء بتلك المؤسسات.
فالقيمة المضافة وغيرها اذا ما أحسن دراستها بشكل دقيق تعتبر ضرورية ومهمة لما لها من فوائد عدة وجمة منها تعزيز القوة المالية للمؤسسة المالية وبالتالي قدرته على المساهمة في تمويل المشاريع الاقتصادية العملاقة بشكل أكبر إضافة إلى تقوية قدرة البنك على المناورة في إبرام عقود التمويل والتسهيلات وقروض التجمع البنكية الكبرى. كما يجب أن لا ننسى أن من فوائد الاندماجات رفع مستوى القدرة على تحصيل الديون المشكوك بها وخصوصاً في حال تركز الضمانات للمعسرين. كما أن الاندماجات لها دور مؤثر في تحسين قدرة وديناميكية المنتجات البنكية والاستثمارية من حيث تقديمها وتسويقها لشريحة أكبر وأوسع من المواطنين.

* وهل يمكن لأي مشروع اندماج مصرفي أن تكون له نتائج سلبية؟
** لتلافي السلبيات أوالتقليل منها يجب قبل أي عملية اندماج أن ننتبه إلى كيفية الاندماج المطلوب ومدى الضرر على المساهمين والموظفين (إن وجد)، بالإضافة إلى تقييم الميزة النسبية التي سوف يحققها الاندماج للعملاء والاقتصاد.
وبشكل عام أثبتت التجارب أن الاندماجات كانت عاملا أساسيا في الماضي في ظهور بنوك قوية تمكنت من المساهمة في مسيرة التنمية وخدمة المواطن وهذه التوجهات كانت وما زالت تحظى بدعم من البنك المركزي العماني.

* نفهم منك أنك لا تشجع على الأقل في هذه الفترة افتتاح بنوك أو فروع لمؤسسات مصرفية جديدة لتشبع السوق منها؟
** افتتاح البنوك الجديدة يعتمد على طلب السوق، وهو من حيث المبدأ أمر جيد يساهم على ابتكار الجديد من المنتجات ويثري التنافس الإيجابي داخل القطاع المصرفي، إلا أنه في الوضع الراهن من وجهة نظري إن عدد البنوك الحالية يكفي إن لم يكن فائضاً عن الحاجة الفعلية واضعين بعين الاعتبار متطلبات الزبائن والمستثمرين للخدمات والمنتجات المصرفية بالإضافة إلى بدء المصارف والنوافذ الإسلامية بتقديم خدماتها والتي من المتوقع أن تؤدي تدريجياً إلى المزيد من الانتشار وبالتالي المزيد من المنافسة.

* جيد أنك تطرقت لموضوع البنوك الإسلامية لأن ذلك يقودنا لسؤال أخر مهم قد يشغل الكثير من المتابعين وهو هل باستطاعة البنوك الإسلامية أن تنافس البنوك التقليدية؟
** في الحقيقة إن المصارف الإسلامية كانت وما زالت تعتبر مكملة للبنوك التقليدية وذلك في تقديمها للخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية حيث تشير الإحصائيات إلى نمو هذا القطاع بشكل متسارع خلال السنوات العشر الماضية، ولعل من أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع في المستقبل القريب عملية إدارة السيولة التي ستحقق من إيداعات المودعين وإيجاد توازن بين العرض من النقد وإمكانية استثمار الأموال المتوفرة والمودعة في البنوك الإسلامية من خلال إيجاد المنتجات والاستثمارات التي تتوافق من مبادئ الشريعة الإسلامية.
وعليه فإن إيجاد إطار قانوني تشريعي موحد على المستوى الإقليمي والدولي سيكون عاملا مؤثرا في نمو قطاع المصارف الإسلامية حيث تتباين وتختلف التشريعات والقوانين من بنك إسلامي إلى آخر بشكل يعيق حركة نمو القطاع، أما فيما يختص بالقطاع المصارف الإسلامية في السلطنة فأتوقع أن يشهد العديد من التحديات، منها ضرورة توفير منتجات وأدوات تمويلية وادخارية واستثمارية إسلامية مبتكرة، وضرورة أن تشكل أيضاً قيمة حقيقية وفعلية للاقتصاد والمجتمع مع أهمية التقيد بأسس ومقاصد الشريعة الإسلامية إضافة الى المقدرة على استقطاب الكفاءات المصرفية المتخصصة بالصيرفة الإسلامية وتدريب الكفاءات المحلية. وبشكل عام لا تزال هذه البنوك في بدايتها وقد تحتاج الى وقت لتكون منافسة حقيقية للبنوك التقليدية.

* وضعتنا في نقطة مهمة وأساسية ربما تفتقدها بعض البنوك في السلطنة وهي موضوع الابتكار الغائب الحاضر في أجندة هذه البنوك والسؤال كيف تقيمون دور البنوك في الاهتمام بجانب الابتكار وتوفير خدمات مصرفية مشجعة ومحفزة خاصة مع التكرار الذي بتنا نجده في طبيعة وتشابه هذه الخدمات من بنك لآخر؟
** قد لا أتفق معك في جزء مما طرحته والسبب أن قطاع البنوك كان وما زال من القطاعات المبادرة في استخدام التقنيات والتكنولوجيا كما تقوم البنوك بالاستثمار في تلك التقنيات بشكل مستمر ومتواصل، وخلال السنوات الماضية بتطوير العديد من المنتجات والمبادرات التقنية والإلكترونية تماشيا مع استراتيجية الحكومة والقطاع الخاص بالانتقال إلى الحكومة والبيئة الإلكترونية والعمل من خلال الشبكة العنكبوتية وتقديم الخدمات البنكية بشكل مباشر ومن خلال أجهزة الحاسوب والهواتف النقالة (الذكية) والإنترنت وأجهزة السحب والإيداع ووسائل الاتصال الأخرى، فعلى سبيل المثال قام بنك عمان العربي بتطوير العديد من تلك البرامج والخدمات والمنتجات في أسلوب تقني جديد يتناسب مع معطيات التقنية الحديثة ومع آليات توظيفها بما يوفر خدمة مشجعة ومحفزة للاستخدام من قبل عملاء البنك. ولكن مع تلك الجهود التي تبذلها البنوك في ترقية خدماتها تقنيا تبقى الحاجة ملحة إلى تحسين الخدمات وتطويرها بشكل دائم ومستمر نظرا للنمو المتسارع في الجانب التقني الذي يمكن استثماره في القطاع المصرفي.

* قضية مهمة نطرحها عليكم وهي تتعلق بالادخار وغرس هذا المفهوم المغيب بين أبناء المجتمع فارتفاع الاستهلاك وغياب الجانب التوعوي مع وجود العروض التحفيزية التي تقدمها البنوك هي عناصر تشجع على الاقتراض والاستهلاك غير المدروس مما رفع من معدل القروض الشخصية لتتجاوز 5 مليارات و300 مليون ريال عماني. كيف يمكن للبنوك والمؤسسات التمويلية أن تستشعر أهمية هذا الجانب وتعمل على الحد من تأثيره؟
** جيد ما طرحته في سؤالك حول مفهوم الادخار وغرسه بين أفراد المجتمع لأن هذا الجانب بالتأكيد يشغل الكثيرين من متخذي وصناع القرار وما أود ان أوضحه أن للبنوك دورا كبيرا ومهما في تشجيع الادخار ومن ثم الاستثمار كدور مالي واقتصادي واجتماعي عن طريق توفير منتجات مبتكرة تسهم بجذب الجزء الأهم من الدخل أو الفائض منه نحو المجال الادخاري والاستثماري المتوسط والطويل المدى والذي له فوائد عدّة على رأسها مساعدة المواطن بالابتعاد عن المصاريف الاستهلاكية غير الهادفة والتي تسهم غالبا ًفي استنزاف قدرات المواطن المالية على المدى القصير والمتوسط وتؤدي أيضاً إلى حدوث زيادات تضخمية في الأسعار نتيجة ارتفاع الطلب على السلع والخدمات مما يعني إرهاق المواطن نفسه واقتصاد الدولة مالياً واقتصادياً على السواء علاوة على الضغط على الميزان التجاري للبلاد واستنزاف المزيد من العملات الصعبة نحو استيراد تلك السلع والخدمات وخصوصاً في حال توجه الإنفاق نحو سلع رفاهية لا تشكل أي قيمة اقتصادية وبشكل غير منطقي دون الوعي نحو ضرورة تأمين الدخل المناسب والدائم لمثل هذه المتطلبات.

* وماذا عن رأيك فيما يتعلق بأهمية أن يتم طرح سندات حكومية كواحدة من البدائل لتشجيع الادخار؟
هنا نعود لموضوع الابتكار يجب على الحكومة والمصارف وشركات القطاع الخاص أيضا ان تتعاون جميعها للاهتمام بهذه الجانب. نعم هناك أفكار وبدائل عديدة سبقتنا اليها الكثير من الدول والتي من شأنها أن تغرس الكثير من مفاهيم الادخار والاستثمار قد يكون طرح سندات تنمية حكومية مخصصة للأفراد من المواطنين أو الاكتتاب في شراء الأسهم أو الاستثمار العقاري وسائل جيدة ومحفزة للاستثمار لكننا يجب أن نوجد وسائل أخرى مبتكرة حتى نستطيع أن نقنع بها المواطن بدل التشجيع على الاستهلاك غير المقنن. أقول أن العملية مشتركة ويجب أن يعمل الجميع على ترجمتها خاصة مع ارتفاع الرواتب والامتيازات التي يحصل عليها المواطنون والحمد لله.

* لكل قطاع تحديات تواجهه. من وجهة نظركم أين تكمن مكامن الصعوبة التي يواجهها أو من الممكن أن يواجهها القطاع المصرفي خلال المرحلة القادمة؟
** أتفق معكم ان لكل قطاع تحدياته وفي القطاع المصرفي يمكن أن ألخصها في بعض الجوانب وهي المنافسة فيما بين البنوك والسيطرة على كلف التشغيل ونسبة القروض ومعدلاتها وأحجام القروض المتعثرة والحفاظ على هوامش الربحية والالتزام بالمتطلبات القانونية والرقابية والتنظيمية والتي تتطور باستمرار لمواجهة المرحلة المقبلة خصوصاً ما بعد الأزمة المالية العالمية والمتطلبات الرقابية والمحاسبية الجديدة فيما يتعلق ببازل 3 والقدرة على توظيف واستقطاب الكفاءات والمحافظة عليها.

* كونكم عاصرتم الكثير من مراحل التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته السلطنة على مدى السنوات الماضية من مسيرة النهضة المباركة. كيف تنظرون لمستقبل القطاع المصرفي والمالي في السلطنة خلال السنوات القادمة؟
** على الرغم أن هناك العديد من التحديات التي واجهها وسيواجهها القطاع المصرفي، إلا إننا نرى بأن القطاع المصرفي لازال يتمتع بالعديد من عوامل وعناصر القوة والآمان والاستقرار بفضل توجيهات الحكومة الرشيدة ودعم ومساندة وتشجيع البنك المركزي للبنوك وأفضل مثال على ذلك كان خلال الأزمة المالية العالمية حيث كانت البنوك العمانية بمنأى عن تأثيرات الأزمة المالية التي عصفت بكبرى الكيانات المصرفية العالمية والتي شعر بها الجميع في كافة أقطار العالم إلا أننا في السلطنة كنا بعيدين كل البعد عن تأثيراتها واستمر قطاع المصارف العمانية بتحقيق معدلات النمو خلال تلك الفترة.

* القطاع المصرفي قطاع يمتلك بيئة متنوعة من مجالات العمل المختلفة لكن سؤالنا هنا يتمحور حول تجربة التعمين في القطاع المصرفي وتقييمكم لهذه التجربة وما حققته خلال الفترة الماضية؟
** بكل ثقة هي تجربة يشار إليها بالبنان وقد تكون الأكثر نجاحاً ليس فقط في السلطنة ولكن فيما بين دول مجلس التعاون الخليجي بامتياز. وفي بداية تلك التجربة والتي أصبحت الآن مدرسة يتم تدريسها لتعليم وتطبيق تجارب أخرى في قطاعات مختلفة والتي أصبح التعمين الآن فيها مطلبا وطنيا ضروريا وعنصرا اجتماعيا واقتصاديا لا يخفى على أحد أهميته الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية.
فمجرد النظر الى الوظائف التنفيذية في القطاع المصرفي التي يتقلدها المواطنون لأدركنا أهمية ما تم إنجازه في هذا المجال، والدور الآن على الأجيال الواعدة الشابة والتي ستستلم إرثا إداريا أوجب عليهم الجهوزية الكاملة لتحمل مسؤولية الحفاظ عليه واستكمال المسيرة.

* قمتم مؤخرا بالتوقيع على اتفاقية مع وزارة الإسكان تتعلق بتحصيل إيرادات الوزارة إلكترونيا. والسؤال لأي مدى يمكن أن يسهم القطاع المصرفي لتعزيز مستوى الشراكة مع المؤسسات العامة والخاصة؟
** مما لا شك فيه بأن دعم الخدمات المقدمة من قبل الوزارات الحكومية وتوفيرها للمواطنين في نسق إلكتروني هو من أهم وسائل الشراكة بين القطاع المصرفي والقطاع العام والذي يحقق الأهداف المطلوبة لمثل هذه الشراكة لكونه يسهم في تطبيق الحكومة الإلكترونية ورفع مستوى الوعي والإدراك لدى المجتمع العماني بأهمية الانتقال إلى الحكومة الإلكترونية وفي ضوء توجه الحكومة نحو ترشيد الإنفاق يبرز دور الخدمات الإلكترونية كإحدى الوسائل نحو تحقيق تلك الأهداف عن طريق استخدام الخدمات الإلكترونية الموجودة لدى البنوك المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة مما يقلل من عمليات الانفاق على إنشاء فروع ومكاتب للمنشآت والمؤسسات الحكومية خصوصاً لمثل هذا النوع من الخدمات من جهة ويسهل الحياة اليومية للمواطنين والمستثمرين على حد سواء من جهة أخرى.

* المؤسسات الصغيرة والمتوسطة توجه حكومي يتمثل في ضرورة العمل على دعم أصحاب الأعمال الحرة من المواطنين كيف ترون أهمية هذا التوجه خاصة بالنسبة للجانب الاجتماعي والاقتصادي؟
جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ طالما ناشد وطالب منذ بواكير عهد النهضة بضرورة العمل على دعم أصحاب الأعمال الحرة والوقوف لجانبهم وإشراكهم في العمل الاقتصادي . كانت هناك العديد من الخطوات التي جاءت لتترجم هذا التوجه للواقع وقد أثمرت بنتائج طيبة .
اليوم ومع القرارات التي خرجت بها ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي عقدت بسيح الشامخات أعطت دفعة قوية لجهود دعم هذه القطاعات وخصوصا في هذه المرحلة من عمر النهضة المباركة بما تحمله هذه المرحلة من تحديات وطموحات حيث أصبح هناك حاجة ضرورية أن نولي هذا الجانب الرعاية والاهتمام الأكبر اذا ما اردنا لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ان ينهض بأدواره الاقتصادية والاجتماعية في العملية التنموية لأنها بالنسبة لأي اقتصاد في العالم تمثل العمود الفقري والركن الأساسي لاقتصاديات العالم . المهم أن نضع أيدينا جميعا على مكامن القوة والضعف ونوجد الحلول والمقترحات التي تعزز من مكانة هذه المؤسسات . لا نريد زخما إعلاميا بقدر ما نأمل في أن نجد نتائج مثمرة على الأرض. رجال الأعمال من أبناء الوطن قادرون على صياغة مستقبلهم والأخذ بهم لبر الأمان وهذه مسؤولية الجميع ليس الحكومة والقطاع الخاص وإنما الجميع شركاء في ترجمة هذا التوجه لواقع حقيقي معاش.
كذلك من المهم جدا أن يتم تقييم كل مرحلة من هذا المشروع الوطني المهم وإشراك الجميع في صياغة القرارات والنتائج وتشكيل اللجان فيما بين مختلف القطاعات.. القضية ليست دعم وتسهيلات الموضوع يرتبط بمهارات ووسائل لا بد ان تتوفر في رجل الأعمال القادر على إدارة مشروعه بكفاءة واقتدار.
نحن في هذه المرحلة بحاجة لأن نبنى على ما تم إنجازه في الحكومة والقطاع الخاص ووضع استراتيجية لاحتضان ابناء الوطن في كل مواقع العمل الحكومية والخاصة وفق شراكة متكاملة كل حسب امكانياته وقدراته وهذا لا يتأتي إلا من خلال وضع رؤى وتصورات ترتقي بهولاء الشباب ليكونوا منتجين فاعلين في المجتمع قادرين على العطاء والبناء بتحملهم لمسئولياتهم وواجبهم اتجاه مجتمعهم ووطنهم.

* نستغل هذا اللقاء لنعرج لمسيرة التطور والنمو التي شهدها البنك حيث تؤكد المؤشرات استمرار بنك عمان العربي في تحقيق مستويات طيبة من النتائج المالية الجيدة... كم يبلغ صافي أرباح البنك خلال العام الماضي وصافي أصوله وحجم القروض ومحفظة البنك الاستثمارية؟
** الحمد لله أولا وأخيرا لقد حقق البنك نتائج جيدة ونمت المحفظة الإقراضية بحدود 15% لتصل إلى 1.075 مليار ريال عماني بنهاية عام 2013 مقارنة بـ 935 مليون ريال عماني بنهاية عام 2012 كما نمت مجموع الموجودات بنسبة مقدارها 6% لتصل مجموع موجودات البنك ما يقارب من 1.457 مليار ريال عماني (2013) مقارنة بـ 1.370 مليار ريال عماني (2012) وارتفت محفظة البنك الاستثمارية لتبلغ بحدود 53 مليون ريال (2013) مقارنة بِـ 38 مليون ريال عماني (2012). ونمت ودائع العملاء بنسبة 11% لترتفع من 1.031 مليار ريال عماني إلى 1.149 مليار ريال عماني. كما كان عام 2013 عاماً مثالياً من حيث تحقيق البنك العديد من الجوائز العالمية (9 جوائز).

* كان ولايزال بنك عمان العربي واحدا من البنوك التجارية التي أسهمت وتسهم في دعم كل التوجهات والبرامج الحكومية الهادفة لإشراك القطاع المصرفي في العمل التنموي.. والسؤال الى أي مدى استطاع البنك أن يترجم هذه التوجهات على أرض الواقع؟
** لقد استطاع البنك وخلال مسيرة 30 عاماً تحقيق الكثير من النتائج والإنجازات وما زلنا نطمح للمزيد وخصوصاً في القطاعات الحيوية والاقتصادية للتنمية وبناء البنية الأساسية في البلاد والإنسان العماني من خلال تأهيله وتدريبه للعمل في القطاع الخاص. فقد كنا من آوائل البنوك التي ساهمت بدعم الاقتصاد الوطني من خلال المشاركة بتمويل عدد كبير من الشركات الصناعية والخدمية والمشاريع الحيوية منها على سبيل المثال مصانع الإسمنت والمطاحن ومشاريع الطرق والموانئ والمشاريع التنموية الأخرى.

* وكم تبلغ نسبة التعمين في البنك والجديد بالنسبة لبرامج التدريب والتشغيل؟
** بداية يجب أن نشير أن قطاع المصارف كان له دور كبير في المساهمة في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية حيث يعتبر من القطاعات التي تحتضن الكفاءات العمانية المؤهلة وقد بلغت نسبة التعمين في بنك عمان العربي كما هي بنهاية عام 2013 ما نسبتها 93.31% وهي تعتبر من أعلى النسب ما بين البنوك في السلطنة وهي نتيجة عمل جاد ودؤوب خلال السنوات الماضية في تعيين وتدريب ورعاية الشباب العماني وتأهيلهم وتعليمهم لتبؤء المناصب القيادية في البنك، بالإضافة إلى إننا قمنا ومن خلال التواصل السنوي مع العديد من الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والخاصة بالتدريب لأغراض التعيين وذلك لاستقطاب الكفاءات من الشباب المؤهل أكاديمياً ولأغراض تأهيله فنياً وإدراياً وعملياً.

كلمة أخيرة
في نهاية هذا الحوار أتقدم بخالص الشكر والتقدير للحكومة العمانية لما نتلقاه من دعم ومساندة في القطاع المصرفي وأيضا خالص التقدير للبنك المركزي العماني ووقوفه الدائم في التوجيه والرقابة بما يخدم مصلحة المواطن العماني، كما أتوجه بالشكر لكافة المنتسبين إلى بنك عمان العربي الذين هم حقيقة هذا النجاح الذي نعيشه، وشكرا لـ(جريدة الوطن) متمثلة في ملحقها الاقتصادي لهذه الفرصة الجميلة خلال هذا الحوار الذي أتاح لنا مساحة من التواصل والاتصال مع القراء المهتمين بالشأن الاقتصادي.