إن مناسبة الاحتفال بيوم قوات السلطان المسلحة والتي توافق الحادي عشر من ديسمبر من كل عام تعد يومًا من أيام عُمان المجيدة، لكونها مناسبة تأتي اعترافًا بالدور الوطني الكبير والمسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق هذه القوات، وتقديرًا لما تمتاز به من انضباط ووعي لدورها الوطني، ولما تؤديه من واجبات ارتسمت على جبين الوطن، يشهد لها العمانيون جميعًا، ولعل السمة الأبرز لقوات السلطان المسلحة وطنيتها العالية وتفانيها في ترجمة ثالوثها المقدس (الإيمان بالله، الولاء للسلطان، الذود عن الوطن) وترجمته ترجمة تنحني لها الهامات احترامًا وتقديرًا، كيف لا؟ وهي حامية عرين الوطن، باذلةً النفس رخيصة في سبيل ذلك، وخدمة أبنائه الأوفياء. كيف لا؟ وهي ترابط على الثغور دفاعًا عن حياض الوطن، وكيف لا؟ وهي تتقدم ركب الاستعداد وتسخر إمكاناتها كافة عند الحاجات والدواعي. وكيف لا؟ وهي في الداخل نالت شهادة الاستحقاق والتقدير والنجاح لجهودها المبذولة. فالأنواء المناخية لم تكن سوى أحد الاختبارات العملية التي أثبتت قدرة قوات السلطان المسلحة على تعاملها مع طارئ الأحداث واحتياجات الوطن وحاجات المواطن. وفي الخارج توالي حصد المراكز الأولى في المسابقات والمشاركات الدولية، وتتوج بالذهب والفضة مسيرة مباركة عمرها خمسة وأربعون عامًا من الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي يضع ميزانًا دقيقًا للتوازن بين الاعتبارات المرتبطة بالأمن الوطني من جهة، وعملية إقامة البنية الأساسية لعُمان المستقبل على المستوى المدني، حيث في الجانب الأول يحرص جلالته ـ أيده الله ـ على تجهيز قواته المسلحة بما تحتاجه من رجال وعتاد، حتى يتوافر مناخ الاستقرار والسلام القائم على القوة واحترام قدسية تراب الوطن، وتوازن العلاقة مع الجميع في إطار دفاعي لا يتجاوز حدودنا الوطنية ومياهنا الإقليمية.
فحين أطلق مؤسس نهضتنا الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إشارة البدء في بناء أركان النهضة، كان في ذات الوقت يعمل على توفير العوامل المواتية والضامنة لاستمراريتها، ومن ثم كان العمل على إقامة جيش عماني قوي يحرس المسيرة، ويؤدي واجب الذود عنها وعن حياض بلادنا وترابنا المقدس، وأخذت قوات السلطان المسلحة منذ ذلك الحين تحظى بكل الدعم والرعاية من لدن جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكما أن العنصر البشري كان الأهم في عملية التنمية المدنية، كذلك الحال في بناء قوات السلطان المسلحة، حيث حظي العسكريون بكافة الفرص والإمكانات التي تتيح لهم الحصول على تدريب جيد ومعدات عصرية وأسلحة حديثة في مختلف أفرع قوات السلطان المسلحة كالجيش السلطاني العماني وسلاح الجو السلطاني العماني والبحرية السلطانية العمانية والحرس السلطاني العماني والوحدات الخدمية الأخرى، وأيضًا الفعاليات التدريبية والرياضية والثقافية المختلفة، وكانت نتيجة هذا الاهتمام السامي أن تحقق للبلاد هدف الوقوف على أهمية الاستعداد لحماية مسيرة البناء والعطاء خلال الشدة والرخاء سواء بسواء، وقد أظهرت اللوحات الأدائية التي قدمتها الفرق العسكرية خلال مهرجان الاحتفال بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد مدى الاستعداد والكفاءة لدى أبناء الوطن من العسكريين، ومدى الولاء والإخلاص لقائدهم الأعلى ـ أبقاه الله ـ ومن خلال هذا الأداء يثبت الإنسان العماني دائمًا عسكريًّا كان أو مدنيًّا أنه جزء مهم من منظومة النهضة، وعماد من عمد الصرح الحضاري الذي انطلق بناؤه على أرضنا الطيبة في العام 1970.
وفي هذا اليوم الحادي عشر من ديسمبر، نزف إلى قوات السلطان المسلحة تحية إجلال وإكبار، وكل عام وأنتم بألف خير يا أمل الوطن وعدته في كل شدة، يا عنفوان الماضي والحاضر والمستقبل.