[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
في أوكرانيا كما في ما اصطلح على تسميته ربيع العرب .. احتجاجات من شباب يحلم بتغيير ويطمح لحياة أفضل تبادل معالمها عبر صفحات التواصل الاجتماعي قبل ان يخرج للميادين ليقابل برصاص قناص أو نار الزجاجات الحارقة وتتكرر الصور مع اختلاف اسم الميدان لكن القاسم المشترك بينها يبقى شاب بمواجهة سلاح قنص وزجاجة مولوتوف حاملهما مجهول تحسبه أسهل التفاسير على رجال الأمن بينما تتجاهل أكثرها السؤال عن سر تواجده في كل ميدان.
وتضع محادثة هاتفية مسربة دارت بين وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين اشتون ووزير الخارجية الاستوني أورماس بايت قال فيها الأخير ان المعارضة الاوكرانية للرئيس فيكتور يانوكوفيتش متورطة على الأرجح في عمليات القنص التي شهدتها احتجاجات أوكرانيا وطالت المحتجين والشرطة على حد سواء تساؤلات عديدة حول ما شهدته المنطقة العربية وما زالت تتجرعه جراء ما تم توصيفه اعلاميًّا بـ(الربيع العربي).
فقد قال أورماس بايت وفقا للمحادثة المسربة "إن جميع الأدلة تظهر أن الناس من الشرطة والأشخاص العاديين الذين استهدفوا من قبل القناصة قتلوا من مصدر واحد ومن مجموعة واحدة. هناك صور تؤكد ذلك وهناك شهادات لأطباء التي تشير إلى نفس الجهة ونفس نوع الرصاص المستخدم. وبالتالي يصبح من الواضح أكثر فأكثر بأن يانوكوفيتش ليس هو الشخص الذي يقف وراء هؤلاء القناصة وإنما جماعات من التحالف الأوكراني الجديد".
الا ان رد اشتون تلخص في أملها أن تنفذ السلطات الأوكرانية الجديدة وعدها في اجراء تحقيق متمنية استمرار هذه السلطات حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر لها في الـ25 من شهر مايو المقبل.
واذا كانت روسيا قد سارعت على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف بمطالبة منظمة الأمن والتعاون في اوروبا بإجراء تحقيق حول المسؤولين عن مقتل عشرات الأشخاص الشهر الماضي في كييف خلال عمليات القنص مشددة على عدم الاستمرار في "اخفاء" الحقيقة فإن الضرورة والمنطق يحتمان على كل من تولى السلطة في أعقاب رياح التغيير التي عصفت بمنطقتنا فتح تحقيق مماثل.
وان كان القاتل في سوريا قد افتضح أمره مع انكشاف المجازر التي ترتكبها الجماعات المسلحة بحق الأبرياء وأيضا مع اقتتالهم الداخلي فيما بينهم وكذا الأمر في ليبيا التي باتت أطراف صراعاتها معلومة واتضحت أهداف ونتائج تدخل حلف الناتو للإطاحة بنظام معمر القذافي .. فإن مصر التي تسعى للتعافي من اثار العاصفة يبقى أمر مسؤولية الدماء فيها مبهما.
فمثلما يبرئ القضاء ساحة افراد الشرطة الذين اتهموا بقتل المتظاهرين ابان الثورة مع التسليم بحقهم في الدفاع عن اماكن عملهم في أقسام الشرطة ضد هجوم مسلح لا ينكر حدوثه الا سفيه أو مدلس .. فإن القضاء أولا ومن ورائه الحكومة وأجهزتها التنفيذية وخاصة الشرطة ملزمة بمحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل كما انهم ملزمون بالكشف عن هوية (الطرف الثالث) الذي طالما ذكر اسمه في أحداث محددة كوقائع محمد محمود سواء الأولى أو الثانية وكذا مجزرة استاد بورسعيد وما شهدته المدينة من وقائع قنص خلال حكم الرئيس المعزول وصولا إلى العنف وحوادث اطلاق النار في عموم مصر منذ عزله.
واذا كان ما شهدته أوكرانيا في جولتها الثانية من الاحتجاجات قد جاء بعد 3 سنوات مما شهدته دول عربية فإن تسارع الأحداث هناك ـ خاصة وان أوكرانيا في قلب منطقة التجاذب بين الشرق والغرب ـ قد عجل بالنتيجة التي من الممكن ان تؤول إليها اوكرانيا ان سارت أحداثها على نفس الوتيرة حيث تتمثل هذه النتيجة في انضمام القرم إلى روسيا الاتحادية ولحاق شرق أوكرانيا الصناعي بها ليبقى غربها منعدم الموارد في رقبة أوروبا التي لا نعلم إلى متى ستتحمله القارة العجوز.
أما عن الذين اصابتهم رياح الربيع فإذا لم يوقعهم قدرهم في ما هو مرسوم لأوكرانيا فسيكون من حسن حظ الحكومات التي تتعاقب عليهم أن تكتفي كل حكومة بأن يكون مصيرها كسابقتها طالما بقي القاتل مجهولا.