[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2015/09/sayed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]السيد عبد العليم[/author]
” .. هذه المسألة بحاجة الى دراسة متأنية متعمقة تسعى الى ايجاد حلول عملية. وذلك انها تتفاقم مع مرور الوقت، حيث يتزايد عدد السكان وتتزايد نسبة التحضر، أي الانتقال من المحافظات الأخرى الى المدينة. وذلك لتمركز الوزارات والسفارات وأغلب الجامعات والمعاهد والمستشفيات المرجعية وغيرها في العاصمة.”
يمثل الازدحام المروري في السلطنة، ولاسيما في محافظة مسقط، احدى القضايا المهمة التي تؤثر على غالبية السكان، بشكل يدعو الى التفكير الجدي في ايجاد حلول ومعالجات. وذلك لتداعياته السلبية على المستوى العام، وما يترتب عليه من التأخر عن الدوام لدى الكثيرين فضلا عن هدر الوقود وتعب الأعصاب واحيانا حوادث وتعطل سيارات وغير ذلك من الآثار السلبية الكثيرة.
فهذه المسألة بحاجة الى دراسة متأنية متعمقة تسعى الى ايجاد حلول عملية. وذلك انها تتفاقم مع مرور الوقت، حيث يتزايد عدد السكان وتتزايد نسبة التحضر اي الانتقال من المحافظات الأخرى الى المدينة. وذلك لتمركز الوزارات والسفارات واغلب الجامعات والمعاهد والمستشفيات المرجعية وغيرها في العاصمة. وبالتالي فإن تزايد الأعداد التي تستخدم الشوارع الرئيسية في العاصمة سوف تستمر في الزيادة، ومن ثم سوف يلتهم ذلك اي جسور جديدة يتم تشييدها أو توسيعات في الطرق او فتح طرق جانبية وغيرها مما قد يعد من المسكنات، مع اهمية ذلك. الامر الذي يحتاج الى بحث متأن في اسباب المشكلة وكيفية التعاطي معها.
كثير من الأسر لديها ابناء يدرسون في الجامعات الخاصة والحكومية. وبالطبع فإن الجامعات والمعاهد تلك تبعد عن مكان اقامة تلك الاسر. الامر الذي يفرض على كثير من الاسر ـ مهما كانت ظروفها المالية ـ ان تعمل على تعليم ابنها السياقة واقتناء سيارة له ليذهب كل طالب بسيارته الى الجامعة. وحتى لو تيسر ذلك على بعض الاسر، فإن ازدحام الطرق يمثل مشكلة أساسية امام هؤلاء الطلبة. كما ان هناك مشكلة أخرى صعبة تتمثل في ايجاد موقف للسيارة عند الجامعة. هذا اذا كانت حالة الاسرة تسمح بذلك، لكن ليس كل الاسر في وضع يسمح لها بشراء سيارة وتخصيصها لابنها الطالب او الطالبة او لديها القدرة على تعليمه او تعليمها السياقة. وبالتالي تكون هناك مشكلة بالغة الصعوبة بالنسبة لها، حيث يضطر الاب او الام او الاخ او الاخت الى توصيل الطالب او الطالبة الى كليته ذهابا وايابا، ليقتطع ذلك من وقت دوامه حال لم تكن الجامعة او المعهد المقصود في طريقه. وحال الازدحام والتكدس المروري سيما في ساعات الذروة الصباحية وبعد الظهر. بل ان بعض اولياء الامور يضطرون الى ترك عملهم ـ مهما كان نوعه ـ والذهاب لتوصيل أبنائهم للجامعة وإعادتهم عند انتهاء محاضراتهم بما يمثله ذلك من معاناة وعبء كبير على ولي الأمر. مما يكون حصيلته في النهاية آلافا من الطلبة الذين يقودون سياراتهم في الشوارع ليزداد الازدحام على الطرق.
فلماذا لا يكون التفكير هنا بان تسير الجامعات والكليات حافلات الى اماكن تجمع محددة للطلاب حتى لو اضطر الطالب الى المجيء لها بسيارته وتوقيفها قرب نقطة التجمع هذه او حصل على توصيلة من الاهل الى ذلك المكان وهم في طريقهم الى العمل، وبأي حال ستكون التوصيلة قصيرة لان نقطة التجمع ستكون فيها النهاية قرب السكن. فيمثل ذلك تخفيفا من الضغوط على كاهل الاسرة من ناحية وتخفيف الحركة على الطريق وتخفيف الاحتناقات المرورية وساحات الوقوف وتوفير الوقت والجهد والمال عوضا عن تعب الاعصاب وحرق الوقود بلا فائدة. ويمكن عمل ذلك برسوم بسيطة. ومن اراد بعد ذلك الذهاب بسيارته الى الجامعة فهو وشأنه. لكن البديل المريح يكون قد تم توفيره.
وينطبق الامر ايضا على الوزارات والمؤسسات الحكومية، حيث تقوم كل جهة بتوفير حافلات تسير على خطوط معينة والى نقاط محددة في الصباح لاحضار الموظفين وعند انصرافهم في نهاية الدوام. وهذا الامر يقوم به عدد من المؤسسات والشركات الخاصة، ويجب التوسع فيه وتعميمه لتحقيق المصلحة العامة. وبتحقيق ذلك يتم اعادة النظر في السيارات التي يتم منحها لبعض الموظفين وكذلك بدلات الانتقال والوقود وغيرها، وتوفير ذلك لخزانة الدولة.
وأثناء ذلك، ومع الشروع في تجريب حافلات النقل العام على عدد من الخطوط في العاصمة مسقط. وهي التجربة التي في بدايتها الا انها تعد بادرة طيبة من حيث كونها محاولة لايجاد نوع من الحلول، اذا نجحت يتم تعميمها. فضلا عن مشروع الربط بالسكة الحديد. حال تم ذلك، بمعنى توفير فرص نقل عامة مريحة وباسعار معقولة، يكون قد تم توفير بديل لوسيلة النقل الخاصة (السيارة).
وعند استكمال كل ذلك، يمكن للحكومة رفع اسعار الدعم عن المحروقات. فعندئذ تكون السيارة الخاصة من باب الترف وليس الضرورة. ويكون على قائدها تحمل كلفة وقودها. اما أغلب، ان لم يكن، كل المواطنين والمقيمين فيكون امامهم وسائل النقل العام المتوفرة والمريحة. ويترتب على كل ذلك تخفيف او انهاء الاختناقات المرورية وتقليل اعطال الطرق والحد من الحوادث، ويسهم بشكل مباشر وغير مباشر في تحسين الوضع الاقتصادي والمالي للسلطنة.