[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
”.. في هذا الإطار المنذر بتوسع العنف انتقد عدد من الخبراء التعليمات التي أصدرها الرئيس أوباما لقيادة جيشه ومخابراته العسكرية بتجميد التعاون الأميركي الروسي والحقيقة أن هذا التعاون الذي يعود إلى عشر سنوات بدأ يتعطل بين القوتين الأعظم بعد أحداث أوكرانيا والخلاف حول استقلالها ثم استعادة شبه جزيرة القرم من قبل الجيش الروسي.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا أحد ينكر أن ما يجري في الشرق الأوسط من أحداث ينذر على الأقل بتغييرات عميقة في منظومة العلاقات الدولية يمكن أن تمهد لمواجهات مباشرة بين القوتين الأعظم الولايات المتحدة وروسيا وينذر في أسوأ الاحتمالات باندلاع صدام نووي.
وهذه التوقعات المتشائمة ليست من عندي وليس من عادتي تخويف الناس ولكن هذه التحليلات جاءت على لسان رجل لا يمكن أن نأخذ رأيه مأخذ الهزل لأنه هو الذي كان وزيرا للدفاع وسيد البنتاجون في حكومة الرئيس كلنتون وشغل منصبه السامي من 1994 إلى 1997 وهو السيد (وليام بيري) الذي تعتبره الأوساط العسكرية والإعلامية الأميركية اليوم ملهم العقيدة الدفاعية الأميركية والمستشار الخفي لوزير الدفاع الحالي (أشتون كارتر) وجاءت نفس التخوفات من رجل ثان لا يقل أهمية وهو الضابط الأميركي السامي (بريس ج.
بلير) المسؤول السابق عن تقنيات الصواريخ النووية، كما عبر الأسبوع الماضي عن قلقه وانشغاله المرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة رجل الاقتصاد (ليندن لاروش) هؤلاء الشخصيات الثلاثة ليسوا من نفس الحساسية السياسية ولا حتى من نفس المؤسسة بل ينتمون إلى أجيال مختلفة ولديهم رؤى استراتيجية متباينة لكنهم إزاء المخاطر المحدقة ببلادهم وبالعالم يتفقون على أن العالم اليوم على شفا بركان أكثر مما كان في عهد الحرب الباردة حرفيا كما ورد في تحليل نشرته نشرية (ستراتيجيك ألرت) في عددها بتاريخ 10 ديسمبر الجاري.
وهذه النشرية الاستراتيجية الأميركية محدودة التوزيع تهتم بشؤون استشراف المستقبل وتحليل السياسات.
تكتب النشرية في نفس العدد: بعد إسقاط طائرة سوخوي 24 الروسية بين تركيا وسوريا والموقف المؤيد لتركيا من حلف الناتو ومن البيت الأبيض قام الرئيس بوتين بنشر منظومة الصواريخ (أس 400) المتطورة في سوريا وعلى بعد 50 كيلومترا فقط من الحدود التركية من أجل تعزيز قدراته العسكرية في المنطقة والاستعداد لأية مواجهة قادمة.
وانضم العراق إلى دائرة المخاطر بإرسال الولايات المتحدة لفيلق تدريب وإسناد للجيش العراقي يضم 200 عسكري في 1 ديسمبر الجاري.
وعلى هذه الخلفية المتوترة يبدو أن العراق يتهم أنقرة بما سماه رئيس حكومة بغداد بالغزو التركي لشمال العراق.
وبالطبع كما نعلم من تصريحات كل الأطراف فالمطلوب هو القضاء على داعش ولكن إذا حللنا نوايا كل طرف على حدة فإننا ندرك مدى الاختلاف القائم بينها حول مصير سوريا السياسي بعد العمليات العسكرية والموقف من مختلف الفصائل الأخرى التي ترفع السلاح منذ سنوات ضد النظام السوري ثم وهذا هو الأهم كيف يقع التنسيق بين جيوش جرارة تتواجد في سوريا والعراق اليوم في الجو بالقصف بالطائرات المقاتلة وربما غدا على الميدان وفوق الأرض ومن يتولى القيادة لأن أبجدية الحرب تنصح بتوحيد القيادة وتوحيد مصدر الأوامر والقرارات والمبادرات حتى تضمن النجاعة وتحمي الأرواح وتقلص الخسائر المدنية وبالتالي تحقق الحرب غاياتها على مراحل تضبطها قيادة موحدة.
وتؤكد (سترتيجيك ألرت) أن الهجمة الإرهابية في (سان برناردينو) يوم 2 ديسمبر الجاري تؤكد أن داعش لديها أيضا استراتيجية لإرباك الدول الغربية بضربات انتحارية وجاءت عملية (سان برناردينو) الإرهابية التي راح ضحيتها 14 مواطنا أميركيا بريئا بعد الاعتداء على مواقع باريسية يوم 13 نوفمبر 2015 بعد تفجير الطائرة المدنية الروسية كأنما هي جواب داعش على التدخل العسكري الغربي والروسي في المنطقة لنقل الرعب إلى ديار الغرب.
وفي هذا الإطار المنذر بتوسع العنف انتقد عدد من الخبراء التعليمات التي أصدرها الرئيس أوباما لقيادة جيشه ومخابراته العسكرية بتجميد التعاون الأميركي الروسي والحقيقة أن هذا التعاون الذي يعود إلى عشر سنوات بدأ يتعطل بين القوتين الأعظم بعد أحداث أوكرانيا والخلاف حول استقلالها ثم استعادة شبه جزيرة القرم من قبل الجيش الروسي.
واتسع الجدل في الولايات المتحدة حول نفس المخاطر ليشمل استجواب لجنة الشؤون العسكرية في الكونجرس لـ (أشتون كارتر) وزير الدفاع يوم 1 ديسمبر حيث طرحت عضوة الكونغرس السيدة الشابة (تولسي غابارد) أسئلة مباشرة وتعبر عما يشعر به المواطن الأميركي حين طالبت الوزير أن يصرح بوضوح هل يشعر بأن الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الروسية بلغتا درجة المواجهة التي ربما تتطور إلى صدام نووي؟ ولم ينبس الوزير ببنت شفة! (مع العلم أن عضوة الكونجرس تولسي غابارد مولودة سنة 1983 وهي أصغرعضوة في الكونجرس ومن أصول هندية) وإثر الاستجواب أدلت نفس السيدة غابارد بتصريح لقناة سي إن إن قالت فيه: "إن مقاتلاتنا إف 15 تحلق فوق الحدود التركية السورية وكذلك المقاتلات الروسية وإن قواتنا نصبت منصات صواريخ أرض جو على نفس الحدود وكذلك لدى الروس منصات مشابهة وهذه المواجهة الباردة ستتحول إلى صدام عسكري في حالة ما إذا أسقط أحدنا طائرة للثاني! وربما تطور الصدام إلى حرب إقليمية وحتى عالمية.
وأضافت النائبة الشابة في نفس التصريح:" لماذا تتورط الولايات المتحدة في مسار خطير مع روسيا التي نجحنا في كسبها كحليف من أجل اختلاف بيننا وبينها حول مصير سوريا وتحديد الفصائل المقاتلة التي يستهدفها كلانا !؟ إنه الجنون بعينه ثم إن قرارات بهذا الحجم من الخطر اتخذها أوباما لم يوافق عليها الكونجرس بعد". ونعود إلى وزير دفاع كلنتون (وليام بيري) الذي قال:" بدأت أخطاؤنا منذ نشرنا منظومة صواريخنا النووية العابرة للقارات (ICBM ) في بولونيا ورومانيا بلا مشروع مستقبلي للانفراج وطي صفحة الحرب الباردة".