**
قرار مجلس الأمن الأخير بشأن تسوية الأزمة السورية يمكن اعتباره تعبيرا عن نوايا حسنة، لكن مسارعة بعض أعضائه الدائمين وبعض الأوروبيين وغيرهم من المحسوبين عليهم لفضح نواياهم حين وقعوا في شباك تناقضاتهم، يدفع إلى التشكك في إمكانية تنفيذ هذا القرار. ففي حين طرح هؤلاء بأن السوريين وحدهم عليهم تقرير مصير بلدهم واختيار قيادتهم بدون أي تدخل خارجي، ناقضوا طرحهم حين كرروا الاسطوانة المشروخة، بأن لا مكان للأسد في مستقبل بلاده. فكيف يمكن القول بأن على السوريين تقرير مصيرهم ومن يقودهم وفي نفس الوقت نكرر مقولة ضرورة رحيل الرئيس السوري، كيف يمكن الوثوق بمصداقية هؤلاء من أنهم فعلا سوف يعملون على مساعدة السوريين على الخروج من أزمتهم وتحرير بلدهم من الإرهاب، الذي يدعمه بعض هؤلاء و(أصدقائهم) الإقليميين، وكيف يمكن أن يثق السوريون بأن قرار مجلس الأمن العتيد هذا سوف يرى طريقه إلى التنفيذ الحقيقي والصادق لبنوده؟
في كل الأحوال، تمضي سوريا في خيار معاركها المصيرية وهي تستعد بالمقابل لمعارك أخرى وفي طليعة من يقود المرحلتين هو رئيسها بشار الاسد. ففي المرحلة الأولى لا بد من اجتثاث الارهاب، واذا استجاب الجميع إلى تجفيف منابع هذا الإرهاب على اكثر من صعيد كما طالب مجلس الأمن الدولي، نكون أمام تطور مفيد جدا للجيش العربي السوري في معاركه المقبلة، نضيف عليها قرار مجلس الأمن الأخير والذي فيه تمسك قوي بما جاء في مؤتر فيينا من حلول ممكنة وإن كانت سوف تمضي على البطيء، لكنها سوف تسير في السكة الصحيحة. اما المرحلة الثانية فهي اعادة اعمار ما تهدم، ويبدو ان الخطط وضعت وخصوصا في المناطق التي خرجت من المعاناة إلى السلم النهائي، بعض أرياف دمشق، وحمص وغيرها، الأمر الذي يعني ان سوريا جاهزة لأن تتحول إلى حلقة عمل، مقابل انها لن تحتاج لأكثر من عام لإنهاء ازمتها اذا جرى قتال الإرهاب بالطريقة الصحيحة كما قال الرئيس بشار الأسد اخيرا.
هي معادلة بسيطة غير معقدة سيقدم عليها السوريون ان خدمهم هذا العالم بخطوات ذات مصداقية اعتمادا على ما جاء في قرار مجلس الأمن الأخير من بنود تصب كلها تقريبا لإنهاء الأزمة بكل اشكالها. وبالاعتقاد فإن هذا العالم الذي وجهت له طعنات مباشرة من قبل هذا الإرهاب الذي حذر منه الرئيس السوري منذ اربع سنوات، وتلك الدول التي ترزح تحت فكرة الاعتداء عليها من قبل الارهاب ايضا، سوف يعاجل في تنفيذ القرارات التي ان طبقت في سوريا فسوف يكون لها صدى عميق على هذا العالم بإشعاره بالأمن والطمأنينة. نهاية الإرهاب في سوريا يعني زواله من كل مكان، ويعني ايضا العودة بالبشرية إلى ما سبق من عهود الاستقرار التي عاشتها قبل ان يخاطر البعض منها في دعم الارهاب على قاعدة تغيير معالم سوريا بتغيير دولتها ونظامها وتحطيم جيشها وتفتيت شعبها.
لا شك ان العالم يتجدد احساسه بالخطر عليه، ومن باب اولى ان يبدأ على الفور بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بتجفيف منابع الارهاب وتسوية الأزمة السورية، وأن يتخلى البعض عن مراهناته العقيمة لأنها مراهنات خاسرة، وبالتالي مساعدة السوريين في اتجاهات مختلفة لتحقيق السلم في بلادهم.