الخليلي في ندوة تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في أبوظبي:
كتب ـ أحمد بن سعيد الجرداني:
قال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة: إن القدوة التي يمكن أن يقتدي بها الشباب ويسترشدوا بها من العلماء ضعفت، معتبرا أن هناك تناقضات في الفتاوى، إذ يصبح الإنسان في يوم يفتي بفتوى وينقضها في الغد بحسب الموجات السياسية.
جاء ذلك في المداخلة التي قدمها سماحته إبان مشاركته في منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي عقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
واشار سماحة الشيخ في محور تناوله للشباب الذين غلوا وتطرفوا وخرجوا عن حدود الاعتدال، قائلا: أنا سمعت اليوم كلاما سرني من الشيخ العثماني وهكذا حيث قال: بأن هؤلاء إنما كان تطرفهم وغلوهم وخروجهم عن حدود الاعتدال ردة فعل، فعلينا إذن أن نعالج المشكلة من أساسها، هؤلاء طلبوا الإسلام وأرادوا أن يروا الإسلام واضحا ماثلا في حياة الأمة؛ إلا أنهم فقدوه، فوجدوا هناك بونا بين المبادئ والواقع، بين التنظير والتطبيق، رأوا هوة سحيقة ما بين واقع الأمة الإسلامية في السياسة وفي الاجتماع وفي الإعلام وفي مناهج التربية وفي أمور كثيرة، وبين ما يتطلبه الإسلام؛ لذلك كانت هناك ردة فعل من قبلهم.
واضاف سماحته: مع الأسف الشديد أيضا قلت القدوة من العلماء التي يمكن أن يقتدوا بها ويسترشدوا بها، هناك تناقضات في الفتاوى، يصبح اليوم الإنسان يفتي بفتوى وينقضها في الغد بحسب الموجات السياسية، وهذا أمر لا نريد أن نتحدث عنه، وإنما عانينا منه كثيرا، هذا الذي أدى بهم إلى ردود الأفعال.
وقال المفتي العام للسلطنة: أنا بنفسي لي تجربة مع هؤلاء، لي تجربة؛ لأنه زارني مسؤولان من الحكومة الجزائرية الشقيقة، مسؤول يعنى بالدعوة الإسلامية، ومسؤول أمني، وطلبا مني رسالة إلى هؤلاء في أن يراجعوا أنفسهم ويعودوا، وجهت هذه الرسالة إليهم؛ ولكن بلغة لطيفة ليست بلغة التنفير، قلت: هم إخواننا وأبناؤنا وعلينا أن نحتضنهم، وطلبت منهم الرجوع إلى الجادة، وذكرتهم بما ينسب إليهم من التفجير والقتل والتدمير وما هي عاقبة هذا كله. هذه الرسالة بثت من خلال وسائل الإعلام الجزائرية، ولعل الإخوة الجزائريين الموجودين هنا يذكرون هذا، شريحة منهم رجعت، وفي نفس الوقت بعد هذا ذكرت الحكومة الجزائرية عندما سافرت إلى الجزائر وطالبتها في أحد المنابر أن تكافئ هؤلاء بتطبيق الشريعة الإسلامية حتى يجدوا مبتغاهم بالسلم لا بالحرب.
وطالب سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة الحكومات الإسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية حتى لا تكون هناك فجوة ما بين الواقع والتطبيق.
وتطرق سماحته إلى قصة أحد الشباب الذين تورطوا في هذا الأمر وجيء به بعد عودته، حيث تحدث إليه سماحته ولامه على ما يقع منهم من تفجير يأتي على البريء وغيره، فقال الشاب له: إن هذه التفجيرات مفتعلة وليست من فعلنا، مشيرا سماحته إلى أنه لا يدري هل هو صادق فيما يقول أو غير صادق، لكن مهما كان المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
وقال: فلذلك أنا أطالب بأن يخاطبوا بلغة اللطف لا بلغة الشدة والعنف (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
وختم سماحة الشيخ كلمته قائلا أسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لرأب الصدع وجمع الكلمة على ما يحبه الله تعالى ويرضاه وتحقيق السلم لهذه الأمة ثم للعالم على أن يكون هذا السلم ليس سلم الذل، الإسلام يدعونا إلى السلام؛ ولكن لا يرضى لنا الاستسلام، فالسلم يعطى بيد ويؤخذ بيد، المسلمون عليهم أن يعطوا السلم بيد وأن يأخذوه باليد الأخرى بحيث لا يكونون راضخين لمن يريدون أن يستذلوهم.