يظهر تقرير الاستثمار لعام 2014 الصادر عن الاونكتاد أن قيمة الاستثمارات الاجنبية المباشرة إلى دول مجلس التعاون بلغت 22 مليار دولار في 2014، حيث قادت كل من الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، دول الخليج في حجم الاستثمارات التي تلقتها، بواقع 10 مليارات للأولى و8 مليارات للثانية. لكن حصتها من إجمالي الاستثمار العالمي لا تزال متواضعة جدا وتمثل 0.2% فقط من المجموع. وهذا يعني إن دول المجلس لا يزال عليها أن تبذل جهودا كبيرة لكي تبرز على خارطة الاستثمار العالمي.
وتتركز الاستثمارات الاجنبية في دول الخليج في المشاريع الضخمة المرتبطة بصناعات الطاقة مثل النفط والغاز والبتروكيماويات والكهرباء ومشاريع البنية التحتية علاوة على قطاع الاتصالات وقطاع شركات الاستثمار وقطاع شركات التأمين والبنوك وصناديق الاستثمار وشركات صناعية التحويلية وشركات الخدمات بمختلف أنواعها.
لذلك ومن أجل زيادة استقطاب الاستثمارات الأجنبية لا بد من تنويع القطاعات الجاذبة لهذه الاستثمارات. ولا شك إن الصناعات المرتبطة بالمعرفة والطاقة الشمسية والصديقة للبيئة علاوة على خدمات التقنيات الحديثة واللوجستيات والأمن الغذائي جميعها تعتبر قطاعات واعدة للغاية وتوفر فرصا كبيرة للاستثمار. هذا إلى جانب قطاعات الخدمات مثل السياحة والصحة والتعليم جميعها ينطوي على فرص هائلة نظرا للنمو السكاني وارتفاع مستوى الدخل.
كما برزت خلال السنوات الاخيرة اقتصاد قطاع حقوق الامتياز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تقدر قيمة الاستثمارات فيه بنحو 30 مليار دولار وينمو بوتيرة متسارعة وبمعدل سنوي مركب نسبته حوالي 27% سنويا بحسب جمعية حقوق الإمتياز ( MENAFA ). ويعتبر الدخل المرتفع المتاح للإنفاق للمستهلكين والتشريعات والقوانين الملائمة والسوق الإستهلاكي الديناميكي الذي تغلب فيه فئة الشباب هي معالم الجذب الرئيسية لأصحاب الامتياز المتطلعين لتوسيع استثماراتهم في المنطقة. من ناحية أخرى، تتمثل العوامل المؤثرة القائدة لقطاع الإمتيازات وتقبل الحكومات لها في الفرص الريادية التي يقدمها نموذج الامتياز وخلق فرص العمل، والقدرة على غرز المهارات والخبرات العملية العالمية لاقتصاديات المنطقة. لذلك يعتبر هذا القطاع اليوم من أهم القطاعات الاقتصادية في المنطقة التي يمكن أن تفتح المجال لمزيد من الشراكات الاستثمارية وتطوير الأعمال ومراكز التسوق.
كما يجب لفت الانتباه إلى حقيقة هامة وهي إن التطور السريع الذي يشهده عالمنا الحالي في مجال التقنيات الحديثة، لعب دورا كبيرا في إيجاد مفاهيم جديدة، كانت لها بصمة واضحة في المجتمع في مختلف المجالات، ومن أبرزها مما بات واضحا للجميع ومن المفترض أن يتولى خدمة كافة فئات المجتمع وهي التجارة الالكترونية. فهذا النوع من التجارة قد ساهم في تحريك عجلة الاقتصاد في جميع الجوانب وذلك فيما يتعلق بصغار التجار من الذين يمارسون عملية البيع والشراء عن طريق المواقع الالكترونية بالإضافة إلى الهواتف الحديثة المزودة بتقنية الانترنت، لذلك بدأت الدول تتخذ خطوات جادة لتساعد في سرعة تنظيم أسلوب العمل بما يتوافق مع هذا النمط الجديد من أنماط التجارة والتي تتميز بسرعة النمو والشمولية بالإضافة إلى قدرتها على استقطاب استثمارات هائلة عبر بوابات التسوق المباشرة التي اشتهر بعضها عالميا مثل الامازون وباتت تدر المليارات من الدولارات سنويا.

د.حسن العالي