**
يعيش العالم هذه الأيام من شهر ربيع الأول ذكرى ميلاد عظيم ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنه حدث جلل معلناً للعالم الواسع بميلاد جديد ، فقد كان مولده (صلى الله عليه وسلم) نور أنار الدنيا بطلعته، فعند ولادته حدثت إرهاصات عظيمة تدل على عظم وشأن هذا المولود، كيف لا وهو من فرح الكون والخلائق بمولده، ومن هذه الإرهاصات كما ذكرها المؤرخين هلاك أبرهة وجيشه يقول الله تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول)، وكذلك ارتجاج إيوان كسرى وسقوط بعض شرفات قصره وخمود نيران فارس و تنبأ اليهود بميلاده وجفاف بحيرة ساوه وغيرها من الإرهاصات والأحداث.
فلا نبتعد عن الموضوع فميلاد الحبيب ميلاد يجب ان نحتفل به كل عام بل في كل دقيقة ونجسد شخصيته ونعلم الأبناء من هو عظيم الأمة بل والعالم، ونخبرهم بأن هذا الكون لم يهنئ إلا ببعثته وأن هذا العلم والتطور في الصناعات وغيرها هي من الأسس والقواعد التي أرسى دعائمها قائلاً في الحديث الشريف عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ) لأن رسالته تكملة للرسالات السابقة فقد كان الأنبياء عليهم السلام لديهم حرف وصناعات فهاهو سيدنا داود عليه السلام كان يصنع التروس يقول الله تعالى في شأنه:(وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل انتم شاكرون).
وإن رسالته (صلى الله عليه وسلم) رسالة علم واقتصاد وتفكر نحو الرقي والازدهار.
لذا علينا نحن المسلمون أن نستلهم من هذا الحدث العظيم الدروس والعبر لتكون لنا منهجاً يساير الركب ، لأن بعثته سبباً في إنقاذ العالم من ظلم البشر لبني البشر يقول الله تعالى: (قدَ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
فيجب على امة الإسلام أن تتمسك بهذا النور لأنه المجد والتقدم، فبه تسموا الحياة.
فقد كان مولده ـ عليه الصلاة والسلام ـ منهل من مناهل الخير، وسلم نجاتها لذا يجب على شباب اليوم أن يجعلوا شخصية الرسول هي القدوة في كل شي.
وعلينا أن نتعلم من سيرة الرسول أموراً كثيرة منها المعرفة في طلب العلم وكذلك التعامل مع الآخرين بالسلوك الحسن، فقد كان الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يمتاز بالخلق يقول الله تعالى:(وإنك لعلى خلق عظيم).
فرسالتي إلى شباب هذه الأمة هي التمسك بمنهج الرسول لأنه السبيل الوحيد لرقيهم نحو المستقبل المنشود .
أخي القارئ الكريم: حدث المولد ليس من الأحداث العابرة بل له مغزى كبير في القلوب، فحريً بهذا الجيل أن ينهل من هذه المناسبة الدروس والعبر، وألا يجعل من هذه المناسبة طيف عابر بل يتعمق في أغوار وعمق هذا المناسبة والتمسك بسيرته وتطبيقها في الواقع المعاش.
لأن من يقرأ سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) يجد فيها المخرج والسبيل لحياة سعيدة ،فالمسلم وغير المسلم جعل من سلوك حياته تطبيقاً من سيرة الرسول وصفاته، فالمفكرون والفلاسفة والزعماء الغربيون تكلموا عن شخص الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) وجعلوا سيرته وصفاته مطبقة في حياتهم.
فقد كان الرسول يمتاز بالصدق والأمانة وحسن العشرة مع الناس والأسرة والعالم، وكذلك يتعامل مع أمور الحياة بذكاء وفطنة إذ كان يتاجر بتجارة السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ حتى نمت تلك التجارة ورأت فيه صدق المعاملة فطلبت منه الزواج.
لذا يجب على شباب الإسلام تطبيق منهج الرسول في حياتهم من صدق وامانة في البيع والشراء والسلوك.
فنهاك الكثير من الصفات التي تميز بها الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ والتي ينبغي للأمة الأخذ بها فمن هذه الصفات على ما ذكرت سابقاً النظافة الإبداع الغيرة الصدق الأمانة الخلق الإخلاص الحلم إنجاز العمل في موعده وغير ذلك الصفات.
وقبل الختام على الأمة تكون أمة واحدة لا طائفية ولا عرقية، فهذه الأمور قضى عليها الرسول في أول الأمر قبل إنشاء الدولة الإسلامية في المدينة خلافات الأوس والخزرج وغيرها.
ففي الختام أقول: يجب علينا التمسك بنور المصطفى لأن هذا النور له تأثيره في سيرتنا وحياة البشر والعالم، لأن بالتمسك بهذا النور سيظل نوره مشرق ومجدد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

أحمد بن سعيد الجرداني