عائلات الشهداء ترفض استلام جثامين أبنائها على شروط الاحتلال
القدس المحتلة ـ الوطن:
كشفت عائلة الشهيد ثروت الشعراوي امس تفاصيل مفزعة حول نتائج التشريح الأولي لجثمان الشهيد المسنة والتي قضت نحبها بـ 20 رصاصة اطلقها عليها جنود الاحتلال الاسرائيلي على أحد الحواجز العسكرية في الضفة الغربية المحتلة في وقت رفضت فيه عدد من عائلات الشهداء الاشتراطات التي وضعها جيش الاحتلال لرهن تسليم جثامين الشهداء على ان تدفن ليلا دونما فعاليات مناهضة للهمجية الاسرائيلية، وهو ما رفضته عائلة الشهيد مرام حسونة والتي دفنت أمس بموكب مهيب شارك فيه الآلاف وتحولت جنازتها لتجمع رفض للممارسات جيش الاحتلال في الاراضي المحتلة.
ودعت جماهير محافظة الخليل جثمان الشهيدة ثروت الشعراوي (72 عاماً)، التي أعدمتها قوات الاحتلال عند جسر حلحول شمال المدينة قبل شهر ونصف، مدعيّن محاولتها دهس جنود هناك.
وأوضح أيوب الشعراوي ابن الشهيدة ثروت:"قتل وحشي من الاحتلال، قتل لا يوصف، بعد الكشف على الجثمان تبين أن هناك عشرين رصاصة في جسمها".
وأضاف "أن وجود الجثامين في الثلاجات يشكل معاناة كبيرة للأهل، ولكل الناس، حتى للمدينة بأسرها، المدينة تضج من مواصلة وضع جثامين الشهداء في الثلاجات".
وقالت أحلام شعراوي ابنة الشهيدة ثروت: "ربنا كرمها قبل شهر ونصف، وأسكنها فسيح جناته، ونحن الآن نكرمها وندفنها، ولكن شتان بين تكريم الرب وتكريم العبد، الحمد لله، هنيئاً لك الشهادة يا أمي".
وارتقت الشهيدة المسنة شعراوي (72 عاماً)، في السادس من شهر نوفمبر الماضي، عقب إطلاق جنود الاحتلال الرصاص على مركبتها، بزعم محاولتها دهس جنود إسرائيليين في منطقة "رأس الجورة" بمدينة الخليل، وهي زوجة الشهيد فؤاد الشعراوي الذي قضى خلال الانتفاضة الأولى.
يذكر أن سلطات الاحتلال تحتجز جثامين أكثر من خمسين فلسطينياً وفلسطينية بعد تنفيذهم عمليات دهس أو طعن استهدفت إسرائيليين منذ اندلاع "انتفاضة القدس" بداية شهر تشرين أول (أكتوبر) الماضي.
وفرضت سلطات الاحتلال شروطاً على تسليم جثامين الشهداء، الذين ما زالت تحتجز جثامينهم، تمثلت في أن يكون التسليم والتشييع والدفن في ساعة متأخرة، وبحضور المقربين من الشهداء فقط، وأن لا يتم تشريح جثامين أيًّا من الشهداء الذين يتم تسليمهم.
وفي ذات السياق شييع المئات من الفلسطينيين في مدينتي نابلس والخليل، شمالي وجنوب الضفة الغربية المحتلة جثمان الشهيدة مرام حسونة عقب احتجازها لعدة أسابيع بزعم محاولتهما تنفيذ عمليات ضد قوات الاحتلال.
واستملت عائلة الشهيدة مرام حسونة جثمان ابنتهم على حاجز "حوارة العسكري"، جنوبي المدينة، وتم نقله إلى مستشفى رفيديا الحكومي لإجراء بعض الفحوصات، والتأكد من عدم سرقة أي أعضاء من جسد حسونة من قبل سلطات الاحتلال.
وأضاف أن مسيرة التشييع انطلقت بمشاركة المئات من الفلسطينيين، وعدد من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة "التغيير والإصلاح" في نابلس، نحو منزل عائلة الشهيدة حسونة في حي رفيديا، قبل أن يتم الصلاة عليها أمام المنزل واستكمال مسيرة التشييع نحو مقبرة العائلة حيث وُريت الثرى، وسط إغلاق للمحلات التجارية وقرع لأجراس الكنائس.
وأشار إلى أن موكب التشييع شارك فيه ملثمون يحملون السكاكين وآخرون أطلقوا عيارات نارية في الهواء، وحمّل المشاركون الأعلام الفلسطينية، ورددوا الهتافات المؤكدة على نهج الشهداء، وألقيت كلمات من ممثلي القوى الفلسطينية، وعائلة الشهيدة، التي شددت على حق عوائل الشهداء بتشييع جثامين أبنائهم بطريقة التي تتناسب وتضحياتهم.
وكانت الشهيدة حسونة (21 عاماً) ارتقت برصاص قوات الاحتلال في الأول من شهر (ديسمبر) الجاري، على حاجز "عناب العسكري"، شرقي مدينة طولكرم، شمالي الضفة المحتلة، بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن تستهدف جنود الاحتلال، علماً بأنها أسيرة محررة من السجون الإسرائيلية.
وقالت أربع عائلات لشهداء يحتجز الاحتلال جثامينهم من محافظة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، أمس إنها ترفض وبشكل قاطع استلام جثامين أبنائها بالشروط التي وضعها الاحتلال، والمتمثلة بالدفن ليلاً وعدم التشريح، فيما دفنت .
وقال حسن قطناني، ممثل العائلات الأربع وعم الشهيدة أشرقت قطناني خلال مؤتمر صحفي اليوم: "من غير المقبول أن يشترط الاحتلال علينا كيف ندفن شهداءنا".
وأضاف: "حقنا الطبيعي والإنساني والقانوني يكفل لنا أن نسترد أبناءنا وأن ندفنهم وفق معتقداتنا الدينية وعاداتنا وتقاليدنا".
بدوره، أعلن ممثل لجنة التنسيق الفصائلي في نابلس نصر أبو جيش رفض الفصائل لشروط الاحتلال، مؤكدا أن احتجاز الجثامين أمر غير قانوني.
وقال أبو جيش أن إصرار الاحتلال على عدم تشريح الجثامين قبل دفنها يشير إلى احتمال سرقة بعض أعضائها، أو أن الاحتلال لا يريد كشف الطريقة التي أعدم فيها الشهيد.
من ناحيته، قال ساهر صرصور من مركز القدس للمتابعة القانونية إن أهمية تشريح الجثامين كضرورة وطنية بهدف فضح طريقة إعدام الشهيد، من أجل رفع دعاوى قضائية ضد قادة الاحتلال، وكذلك لكشف أي سرقة لأعضاء الشهداء.
وذكر صرصور أن الاحتلال يحتجز جثامين الشهداء في ثلاجات بدرجة حرارة تتراوح ما بين 60-80 درجة مئوية تحت الصفر، وهذا يحتاج لإخراجها من الثلاجات قبل يومين أو ثلاثة أيام من التشريح.
وأشار صرصور إلى أن الاحتلال لا زال يحتجز جثامين 265 شهيدا في مقابر الأرقام منذ ستينات القرن الماضي، منهم 45 شهيدا من محافظة نابلس، كما يحتجز جثامين قرابة 60 شهيدا منذ بداية شهر أكتوبر الماضي، منهم خمسة شهداء من نابلس.
وذكر أن الجيش الإسرائيلي تعهد أمام المحكمة العليا الإسرائيلية عام 2013 بعدم احتجاز المزيد من جثامين الشهداء، لكنه عاد لهذه السياسة منذ بداية أكتوبر الماضي، ويستخدم هذه السياسة لزيادة معاناة أهالي الشهداء وابتزازهم.
وكانت حسونة (20 عاما) وهي أسيرة محررة، قد استشهدت على حاجز عناب بين مدينتي نابلس وطولكرم مطلع شهر ديسمبر الجاري، بعد أن أطلق عليها جنود الاحتلال النار بزعم محاولتها طعن أحد الجنود.
وفي وقت سابق كشفت سلوى حماد الناطقة باسم الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء أن سلطات الاحتلال وعدت بتسليم جثامين شهداء مدينة القدس نهاية الأسبوع الجاري.
وقالت حماد فى بيان لها الليلة إنه رغم هذا الوعد إلا أنه لا يوجد معرفة بمدى التزام الاحتلال بوعوده، موضحة أن الوعود التى وصلت عن طريق المحامي محمد محمود الموكل بقضية جثامين شهداء القدس تشير إلى الافراج عن الجثامين.
وأوضحت أن سلطات الاحتلال لاتزال تحتجز 51 جثمانا عقب تسليم جثماني الشهيدين مرام حسونة وثروت الشعراوي اليوم، مشيرة إلى أن من بين الشهداء المحتجزة جثامينهم 10 أطفال بالإضافة إلى الشهيدة الطفلة أشرقت القطناني "16عاما".
وقد شيعت مدينة نابلس مساء أمس الثلاثاء، جثمان الشهيدة مرام حسونة بعد أن سلم الاحتلال جثمانها المحتجز منذ استشهادها قبل 22 يوما على حاجز عناب العسكري شرق مدينة طولكرم، كما شيعت جماهير غفيرة جثمان الشهيدة ثروت الشعرواي في مدينة الخليل وسط غضب وهتافات التكبير والانتقام.