[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
مواجهات عنيفة ونزاعات مسلحة شهدتها مؤخرا العديد من مدن إثيوبيا بسبب المظاهرات التي خرج بها أبناء قبائل "الأورمو" للتأكيد على رفضهم مصادرة الحكومة الإثيوبية لأراضيهم.
المواجهات الدامية بين المتظاهرين وعناصر الأمن أسفرت حتى منتصف الأسبوع عن مقتل 75 شخصا بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة الإثيوبية في بيانات مقتضبة أن عدد القتلى لم يتجاوز 5 أشخاص، وسط تعتيم كامل من الإعلام الرسمي حول عدد الضحايا.
الاحتجاجات الإثيوبية جرت وسط حالة من التكتم من قبل الحكومة في أديس أبابا، حيث لم يصدر عنها أي تعليق، سوى إعلان مقتضب حول وجود خمسة قتلى في اندلاع مظاهرات .. وقال الناطق باسم الحكومة الإثيوبية إن "التظاهرات السلمية" التي بدأت في نوفمبر الماضي تحولت إلى أعمال عنف، متهما المحتجين "بترهيب الناس"، في حين توالت ردود أفعال دولية تعرب عن قلقها إزاء سقوط قتلى وتعامل الشرطة مع المتظاهرين.
موقع "نازرت" الإثيوبي قال إن الاحتجاجات التي تشهدها إثيوبيا حاليا مختلفة عن أي احتجاجات سابقة، حيث إنها الأكبر والأكثر تنوعا، واشتملت على حرق مراكز الشرطة ونهب بعض الشركات المملوكة للأجانب. إلا أن الفارق الأكبر حتى الآن هو رد الحكومة عليها، فبدلا من السماح لشرطة المنطقة بالتعامل معها تم إرسال قوات محاربة الإرهاب.
كما أكد الموقع بأن الحكومة الإثيوبية تتعامل مع الاحتجاجات على أنها تمثل تهديدا وجوديا للدولة، واستبعدت أن يكون هناك فرصة للتفاوض بين المحتجين والحكومة، ولفتت إلى أن بعض معارضة الحكومة الإثيوبية، لا سيما في الخارج يصفون هذه الاحتجاجات بأنها انتفاضة طال انتظارها من قبل شعب الأورمو ضد الحكومة ويرفضون توصيف الأزمة على أنها صراع عرقي.
وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن الاحتجاجات التي تواجهها إثيوبيا ربما تعرقل مراحل بناء سد النهضة المثير للجدل والذي يؤثر بمواصفاته الحالية على حصة مصر والسودان من مياه النيل، أكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها أن ما تشهده إثيوبيا من أعمال عنف "شأن داخلي"، معربة عن أملها في أن يتم احتواء تلك الاحتجاجات في أقرب وقت، مشددة على أن استقرار إثيوبيا يهم مصر والقارة الإفريقية بأكملها، وأن مصر تتطلع إلى استمرار استقرار الأوضاع واستكمال برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة فس إثيوبيا بما يعود بالنفع والرخاء للشعب الإثيوبي.
ومن المعروف أن ملف وضع مصر المائي في ظل سد النهضة الذي تسعى إثيوبيا إلى إنشائه على النيل الأزرق يسيطر على فكر الدولة المصرية، ويثير بناء السد قلقا لدى المصريين، بل ويرى بعضهم ومن بينهم خبراء مياه وساسة ومفكرون أن هذا السد مشروع سياسي كيدي، وأن من يرغب في الكهرباء كما تؤكد الحكومة الإثيوبية لن يحتاج لبناء سد بهذا الحجم إنما يكفيه مجموعة سدود بجانب بعضها، وأن الغرض من بناء هذا السد هو خنق مصر من المنبع. ويرى هؤلاء أن مفاوضات الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا" لم تسفر عن أي نتائج تطمئن مصر في الوقت الذي تستغل فيه إثيوبيا هذه المفاوضات لتستكمل بناء السد.
وفي الواقع أن مصر أهملت ملف سد النهضة لسنوات وأخيرًا وقعت على الاتفاق الثلاثي الذي يعطي شرعية لإثيوبيا في الاستمرار ببناء السد، ويسمح لها بالذهاب للدول المانحة لإعطائها قروضا، لكن ذلك لا يمنع مصر من حقها في المطالبة بحصتها في مياه النيل.
وللأسف، هناك دول داعمة ومساندة لبناء هذا السد خاصة إسرائيل، وهو ما دفع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى أن يولي اهتماما بهذه القضية بذهابه للبرلمان الإثيوبي ومخاطبة النواب من أجل التعاون بين البلدين في الوقت الذي لا تعول فيه مصر كثيرا على الاحتكام للمحكمة الجنائية الدولية، لأن المحكمة لا تقبل الدعاوى إلا بموافقة الطرفين، وإثيوبيا سترفض بكل تأكيد رغم أن هناك اتفاقية تم توقيعها عام 1993 لاحترام حصص المياه بين مصر وإثيوبيا.
ويمكن القول بأنه حتى الآن لا يوجد أي مؤشر على أن الاحتجاجات التي تشهدها إثيوبيا في الوقت الحالي ستؤثر سلبا على عملية بناء السد، وإن كان من الممكن أن تؤخر وتعرقل عملية بنائه.