[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ذكر الصحافي محمد حسنين هيكل انه زار الجنرال الفرنسي شارل ديجول موفدا من الرئيس جمال عبدالناصر، وأثناء الحوار استعمل هيكل كل الالفاظ الأدبية المنمقة، لكن ديجول رد عليه بالقول ان هذا الكلام ليس له علاقة بالواقع، وكان رأيه ان السياسة لا تفهم الا عبر الخرائط فطالب ان تؤتى إليه.
حين يقال هذا المثل فلكي نقول ان الجغرافيا تصنع التاريخ، وما بين سلطنة عمان وايران جغرافيا لا تحتاج كثيرا لفهم المغزى التاريخي منها. انها رابط متين ووشائج قربى وعامل تفاهم. واذا ما ادركنا طبيعة العلاقات بين الدولتين، وهي ذات قِدم، سنعرف بالتالي جوهر اللقاءات فيها من اجل تعزيزها وجعلها نموذجا يحتذى.
لا شك ان زيارة الرئيس الإيراني الشيخ الدكتور حسن روحاني للسلطنة اليوم هي استكمال للزيارة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى ايران في لحظة فارقة من عمر الضرورة إليها. فلقد كانت بادرة في صناعة السلام الذي تحقق لاحقا وقيل فيه الكثير بل كتب عنه انه الدور الذي لعبه جلالته في قلب الصورة المعتمة إلى دفء وشفافية وانجاز اتفاق، الذي لولاها كما يعتقد كثيرون، لكان الواقع الدولي أبعد ما يكون عما يعيشه اليوم.
تعكس العلاقات الإيرانية العمانية حالة نموذجية للعلاقات المفترضة بين دول الخليج وإيران .. ذاك الخليج الذي تعيش فيه شعوبه متآلفة وتتوخى السلام الدائم فيما بينها. وتحمل تطلعات تلك العلاقات آمال شعبين محبين للسلام ويودان الخير للمحيط ولما هو أبعد. كما تعكس ايضا حاجة التفاهم المتبادل لما يمكن أن يحفظ استقرار المنطقة وصمودها في وجه عواصف مفاجئة ..
لا شك ان الزيارة التاريخية التي يقوم بها الرئيس الإيراني ستكون حافلة ايضا بالإنجازات التي تهم البلدين، وبالاتفاقات التي ستوقع من أجل خير البلدين، وايضا للمنطقة كلها.
خلال الزيارة التي قام بها جلالة السلطان المعظم إلى طهران سمع من المرشد الإيراني علي خامنئي أن إيران لن تنسى نبل جلالته، قيل كلام من هذا القبيل، ولعل العودة إلى فحوى العلاقات الايرانية العمانية سوف يشير إلى الدور الهادئ والمتزن الذي لعبته دائما السلطنة على اكثر من صعيد، وكيف ان خياراتها الدائمة كانت متجذرة في المعنى الوسطي الذي يعبر عن توازن في مفهوم العلاقات الأخوية ومن ثم الدولية، وكيف تفهم السلطنة المدى المطلوب لعلاقة متينة راقية خالية ترتفع فيها راية الحق والعدالة.
وفي هذا الإطار، لا بد من ان يكون الوضع في سوريا مدار بحث بين جلالته والرئيس الإيراني .. وتعرف ايران سلفا كما يعرف العالم موقف السلطنة القائل بضرورة الحل السياسي في سوريا بما يحفظ وحدتها ويصون شعبها وينقذها من حالة التدمير والخراب والموت المجاني الذي تعانيه.
تستقبل السلطنة ضيفها المميز الشيخ الدكتور حسن روحاني بكل الترحاب وهي على ثقة بأنها تبني وايران تعميم السلام والمحبة والعلاقات الأخوية في منطقة كثيرا ما تحتاج إليها في هذه الظروف.