[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
في هذا الجو المأساوي المحيط بالمرء، تهجم أفكار سوداء على عقل الكاتب أو من يفكر بمستقبل المنطقة وبلاده، وما أن تلوح فكرة غياب الرئيس بشار الأسد عن سوريا حتى تراني في قمة كآبتي ,, تصوروا أنه لمجرد ورود الفكرة خلقت هذا الاحساس، فكيف لو أنه تحول الى واقع.
هنالك ما يمكن قبوله كفكرة احيانا، وهنالك ماهو مرفوض لمجرد انه فكرة، ومع الايمان بالانسان، فاني لا اعترف كثيرا بلغة البدائل، لكل حضوره ونكهته وفكره وكاريزماته .. فكيف إن كان قائدا كبيرا حمل امانة كبرى في حياته وجسدها صمودا .. فأنا أميل الى الخوف من فقدان الزعماء الكبار، فقبله فقدنا عبد الناصر فتغيرت الدنيا من بعده ، وفقدنا الرئيس حافظ الاسد فكان الأمل في ابنه، وحين قلنا للعراقيين " احبوا صدام حسين .. احبوا مثله" هاجمونا، فاذا بي أراهم اليوم يترحمون عليه وعلى ايامه، على العراق الجميل في عهده كما سماه أحدهم. وحين كنا نلتقي ببعض الليبيين من ذوي المواقف غير المفهومة، كنا نحذرهم من مخاطر رحيل القذافي .. هنالك دول في العالم كأنما بنيت من أجل حاكم بعينه، وهنالك دول بناها حاكم وأودع فيها أسرار مكوثه الطويل، لكنه في الحقيقة سيترك يوما وراءه لغته الخاصة وسيماءه التي لا يتشارك فيها أحد ولهفته الوطنية، سيظل من بعده احساس الأماني بأنه لو بقي، لكننا ماذا نفعل بمشروع الحياة ومقاييسه.
لقد عشنا وشفنا كما يقال خلال القرن العشرين كيف أن الأوطان انبتت رجالا لهم مواصفات زمنهم، لكنهم أيضا بمواصفات كل زمان نظرا لقدراتهم وأبوتهم وحميميتهم.
أخاف إذن من الفكرة التي تهجم علي أحيانا حول وجود الرئيس بشار الاسد وخصوصا في ظروف اقرأ جيدا ابعادها، واعرف لماذا اتمسك بهذا الرئيس وما الذي يعنيني .. تماما كما تعنيني سوريا بشروق الشمس فيها وغروبها، بطلة دمشق وهي تسكن في حضن قاسيون، وببردى الذي يظل لهفة تاريخ أصيل .. تسكنني احيانا فكرة من هذا النوع فأحاول أن أعطيها مدى من الأفكار الملحقة بها، تراني على الفور أطردها خوفا وهلعا. إن أفقا بلا بشار الأسد هو أقسى ما يمكن أن يحل بوطن وامة: كيف لأمة عربية بدون مهد العروبة، وكيف للشام ان لاتكون لها دمشق التي نقرأ فيها اجمل التاريخ كان غدا، وكيف بالتالي ان يحلم عربي بنبض القدرة اذا لم تكن سوريا قلبها النابض.
إنها الهواجس التي تطلع أحيانا من عقل خائف، رغم إيماني بكل عيش الرئيس الأسد وما حوله ومن حواليه من شعب وجيش ، ومودة تكبر حتى باتت على أصولها المعهودة.
هي الأفكار التي اعتقد أن الحريصين على الأمة تتجاذبهم احيانا، تفر من عيونهم دمعات سخية اذا مالاحت لهم هاجسة من النوع الذي يدفع الى الاكتئاب الفعلي. صحيح أننا سلمنا بتغيير وجوه عربية ذات حضور ووزن وقيمة وإننا نبكيها اليوم، لكن صورة الأسد على رأس سوريا تبعث الطمأنينة بأنا مازلنا في المكان الصحيح وفي الزمن السليم.