[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”.. ما دمنا في الأسئلة الاقتصادية، لا يكتمل التشخيص في هذا الشأن ما لم يتم التطرق إلى أسئلة جوهرية عن ضعف التعامل العربي مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في حين أن هناك العديد من الخبراء الذين يرون أن مستقبل التنمية يكمن في إطلاق هذا النوع من المشاريع، لأنها لا تحتاج إلى كلف مالية عالية، ولا إلى إجراءات لوجستية كبيرة.”

من الأسئلة الحائرة التي لا بدّ أن يرثها العام الجديد 2016، أسئلة تستمد حضورها من الأوضاع العربية ضمن النطاق الاقتصادي العام على الرغم من أن كل المؤشرات تفيد بضرورة أن تكون هناك غرف عمليات في بعض البلدان العربية لصالح حلول تغطي المشاكل التي ما زالت الاقتصادات العربية تعاني منها، وفي مقدمتها العجز المتفاقم في ميزانيات عربية كانت إلى عهد قريب لا تعرف معنى العجز وكيفية تغطيته.
كما يترتب على الأوضاع الاقتصادية أيضًا أسئلة أخرى ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعجز العربي العام من الإمساك بحلول تشاركية لمواجهة هذا الواقع، ومن الأسئلة التي لا بدّ أن يرثها العرب خلال عام 2016 هي التي تستبصر عن سبب الإدمان على التهاون الواضح لديهم في التعامل مع البنى التحتية للمجتمعات العربية، في حين أن الكثير من دول العالم بدأت تحسب للبنى التحتية، وكيف ينبغي أن تكون عرابًا لأي مشروع استثماري تقوم بتنفيذه، بل إن بعض هذه الدول تستبق تنفيذ المشاريع الاستثمارية في الإعداد لمشاريع البنى التحتية لتكون وعاءً لهذه المشاريع التنموية وسياسات التطور الاقتصادي والإنتاجي.
إن أقرب الأدلة على هذا التوجه، القرار التي اتخذته الحكومة الصينية بتأسيس بنك برأسمال قدره 308 مليارات دولار مخصص فقط لمشاريع البنية التحتية (المشاريع الخضراء)، بعد أن شعر الصينيون أن هناك كوارث تنتظرهم، سوف تهز اقتصادهم القوي إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن.
وما دمنا في الأسئلة الاقتصادية لا يكتمل التشخيص في هذا الشأن ما لم يتم التطرق إلى أسئلة جوهرية عن ضعف التعامل العربي مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في حين أن هناك العديد من الخبراء الذين يرون أن مستقبل التنمية يكمن في إطلاق هذا النوع من المشاريع، لأنها لا تحتاج إلى كلف مالية عالية، ولا إلى إجراءات لوجستية كبيرة، كما أن الحرص على تنفيذها يكون أكبر ولا مجال للفساد أن يعبث بها مثلما يفعل في المشاريع الكبرى، مع ملاحظة أن أحد عوامل قوة المشاريع الصغيرة والمتوسطة أن تكون بغطاء بشري عائلي.
ومن الأسئلة الحائرة الأخرى ولكن في المجال الفكري والثقافي والتعبئة الاجتماعية، إذ لم يفلح العرب حتى الآن أن ينتصروا لمواقف تضمن الحفاظ على الهوية العربية العامة من التأثيرات الإقليمية والدولية وكأن العرب لا يتألقون اجتماعيًا إلا بالانفصال عن واقعهم العام.
ولا أريد هنا أن أقدم قائمة دقيقة عن الأسئلة التي تتعلق بالمواقف السياسية والأمنية، فما زال العرب يراوحون بنزعات سياسية وأمنية يحكمها انتصار هذه الفئة أو تلك على حساب المواقف العربية الموحدة، في حين أن المشكلة لا تكمن أصلًا في ما يدعيه العرب أن انحسار وحدتهم حصل بسبب الآخرين وفق نظرية المؤامرة، رغم أن هذه النظرية وإن كانت في بعض الأحيان صحيحة، ولكن لا يمكن أن تكون السبب الوحيد.
إننا نواظب عربيًّا في تعليق هزائمنا على كثرة أعدائنا وامتلاكهم المزيد من الأسلحة التي يمكن أن تحسم القضايا لصالحنا، مع العلم أننا لم نجرب حتى الآن العودة إلى الضمير القومي العام بوصفه القادر على التشخيص الصحيح وتحقيق حوار الإخوة الشجعان تماهيًا مع (سلام الشجعان) الذي كان قد أطلقه الرئيس الراحل ياسر عرفات!!