فرض الله سبحانه علينا الصلاة ونظم لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أداءها وكل ما يتعلق بها، وترتبط الصلاة بتوقيت محدّد، حيث توجد خمس صلوات في اليوم لها أوقات محددة، وقد أمرنا أن نؤدي الصلاة في هذا التوقيت (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً)، فهناك وقت يُرفع فيه الأذان، حيث ينادي المؤذن (حيَّ على الصلاة) أي: تعال إلى الصلاة والفلاح.
وكما هو معلوم فهناك وقت بين الأذان والإقامة يكفي لان يفرغ المسلم مما في يده من طعامٍ أو غيره ويسرع إلى المسجد للصلاة في الجماعة، وهذا هو المعمول به في صلاتي الفجر والعشاء حيث يكون هناك التزام بمدة (20) و (25) دقيقة بين الأذان والإقامة وهو مدة كافية ـ كما قلنا ـ لأن يفرغ الإنسان من طعامه أو يفرغ مما بين يديه أو في حالٍ كان يقود سيارته أن يصل إلى مسجد في طريقه ليؤدي الصلاة، أما صلاة المغرب فلها خصوصيتها لضيق وقتها، حيث تكون الإقامة بعد الأذان بدقائق بسيطة.
وهنا أتطرق لأمرٍ هامٍ في هذا الموضوع وهو ما نراه في إقامة الصلاة في صلاتي (الظهر والعصر)، حيث نرى تفاوتاً كبيراً في إقامة الصلاة فيهما، فهناك الجوامع التي تقيم الصلاة لها في توقيت هاتين الصلاتين كالمعتاد بعد الأذان (20) دقيقة تقريباً حتى الإقامة، أما بعض المساجد ـ للأسف الشديد ـ فان الأمر يختلف كثيراً ويتباين بشكلٍ كبير من منطقة إلى أخرى داخل الولاية الواحدة وليس المحافظة فقط، فهناك عدد من المساجد تقيم الصلاة بعد نحو (50) دقيقة من الأذان في صلاة الظهر، ووصل الأمر لبعضها إلى إقامة صلاة العصر بعد نحو ساعة أو أكثر من الأذان .. فهل هذا يُعقَل؟ أي أنه عندما يؤذن المؤذن وينادينا (يا مسلمين تعالوا وأسرعوا للصلاة والفلاح)، يكون الرد هو (لا)، لن نأتي إلى الصلاة في ذلك الوقت، بل سنذهب إلى النوم. لماذا الاستعجال فلننام ساعة أو أقل ثم نفكر في المجيء إلى الصلاة!!، لا .. ليس الآن فهناك البعض عاد من دوامه مُرهَقاً ومُتعَباً وذهب للأكل والنوم بما يكفيه ثم نُفكِّر بعد ذلك في أمر إقامة الصلاة، وأنسب التوقيت لها حسب راحتنا ومصلحتنا وليس وفق وقتها والمطلوب بشأنها ومقتضاياتها. فهل أصبح توقيت الصلاة حسب أهوائنا ومصالحنا الخاصة؟! أمر في غاية الدهشة من البعض في بعض المساجد!!.
علماً أن وزارة الأوقاف والشئون الدينية ـ وهي الجهة المعنية بهذا الأمر ـ قد حددت مواعيد الإقامة بما لا يتجاوز عن 20 إلى 25 دقيقة بعد الاذان دون تفريق بين فجر وظهر وعصر وعشاء.
ومن هذا المنطلق .. فإنه من غير المنطقي أن يأتي أناسٌ ويقولون إننا نسهر كثيراً بالليل ويطالبون بتأخير صلاة الفجر حتى قبل شروق الشمس بقليل، أو غير ذلك .. إننا هنا نسُنُّ سُنةً سيئةً للأسف يغفل عنها البعض .. فما هي العبرة في تحديد إقامة صلاة الظهر من وقت الأذان إلى الإقامة بحوالي (45) أو (50) دقيقة .. وكذلك الحال بالنسبة لصلاة العصر من وقت الأذان وحتى الإقامة بعد حوالي ساعة أو أكثر..؟!
وما يزيد مثل هذه الحالة سوءاً هو أنه حتى عند هذا الوقت غير المعقول، وعندما يشرع المؤذِّن في الإقامة يطالبه البعض بانتظار الإمام أو شخص ما أتى لتوّه ودخل دورة المياه ليتوضأ لينتظر دقائق أخرى.
إننا نخشى أن يعد هذا تكاسلاً .. ونخشى أن نقترب ممن ذمهم الله سبحانه والذي كان من صفتهم (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) (النساء ـ 142)، ان الامر جد خطير وعلينا ان نحذر من الاقتراب وليس الوقوع في ذلك الصنف.
مطلوب هنا وقفة جادة في هذا الأمر وان يكون هناك التزام بمواعيد الاقامة الحقيقية وعدم ترك هذا الامر ليتصرف فيه البعض حسب هواه، فالأهواء لا تدخل في العبادات، وإلا فإننا نفتح باباً للتهاون وتضييع أركان الدين ونحن لا ندري. فإذا كان هذا تعاملنا مع أهم ركن من أركان الإسلام ـ الذي أساسه التوقيت والانضباط ـ فماذا يمكن أن يكون التعامل فيما عداه؟.

السيد عبد العليم
[email protected]