تدخل اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي العام الجديد 2016 وسط موج متلاطم من الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية والإقليمية، ووسط تحديات برزت اليوم على السطح ولكن جذورها ممتدة لسنوات طويلة خلت دون معالجات ملائمة.
لذلك، فإن التوقعات تشير إلى أنه من المستبعد أن تتمكن دول مجلس التعاون الخليجي من سد العجز المجمع في ميزانياتها في ظل هبوط أسعار النفط خلال العام 2016، وأن البدائل على مستوى السياسة المالية بشأن هبوط النفط ستكون محدودة على الأرجح مقارنة مع ما تفقده من إيرادات في 2015 و 2016. وأن حجم التحديات المالية الناجمة عن هبوط سعر النفط يختلف من بلد لآخر ويرتبط إلى حد كبير بنصيب الفرد من إنتاج النفط.
ويقدر البنك الدولي أن انخفاض أسعار النفط قد يكلف دول مجلس التعاون الخليجي 215 مليار دولار أو حوالي 14 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لاقتصادياتها هذا العام.
وتتفق تقديرات عدد من المؤسسات الدولية أن آفاق الاقتصاد الخليجي لا تزال غير مواتية على المدى المنظور، نظرا لتوقع استمرار بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة وانخفاض توقعات النمو العالمي، حيث إن معالم الاقتصاد العالمي لن تتضح سواء في النصف الثاني من العام المقبل حيث يستطيع الاقتصاد الأميركي تثبيت قدمه على طريق النمو، بينما تتحرك الاقتصاديات الأوروبية ببطء نحو النمو، وتبقى معدلات نمو الاقتصاديات الناشئة وفي مقدمته الصين دون مستوياتها التاريخية.
لكن مع ذلك يمكن القول إن المخاطر التي تواجه آفاق الاقتصاديات الخليجية تتسم بطابع التوازن على وجه العموم، حيث يرجح أن تتوازن احتمالات تجاوز التوقعات بسبب الطلب المحلي مع مخاطر النتائج دون المتوقعة الناشئة عن القطاع الخارجي. ويمكن أن يؤدي انخفاض أسعار النفط ورفع أسعار الفائدة الأميركية إلى انخفاض الطلب المحلي بدرجة تفوق التوقعات في مجلس التعاون الخليجي. في الجانب الآخر، فإن انخفاض أسعار النفط سيحفز الطلب الخارجي من الدول الناشئة بما في ذلك الصين وأوروبا مما يعزز التوقعات بتحسن الأسعار خلال النصف الثاني من العام المقبل.
أما التحدي الأكبر أمام سياسات الاقتصاد الكلي الأساسية على المدى القصير فيتمثل في تعاكس السياسات النقدية الخليجية مع السياسات النقدية الأميركية بعد إن قام الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة الأميركية بمقدار 0.25% مؤخرا ودفع بقية البنوك المركزية الخليجية للإقدام على خطوات مماثلة، علاوة على تحديات حماية الاستقرار الخارجي في سياق تقلبات أسعار النفط واتجاهها للتراجع مع تباطؤ النمو العالمي بالنسبة للبلدان الصناعية.
والاحتمال كبير بأن يقع عبء التصحيح على عاتق سياسة المالية العامة، حيث يمكن أن يؤدي أي تغير في نظام سعر الصرف إلى إثارة الاضطرابات في الفترة السابقة على إقامة الاتحاد النقدي المزمع. ولكن مساحة التصرف المتاحة على مستوى سياسة المالية العامة محدودة أيضا في ظل الحاجة إلى زيادة الاستثمارات لتخفيف اختناقات العرض والضغوط السياسية لزيادة الإنفاق على الأجور والبرامج الاجتماعية.

حسن العالي