[author image="http://alwatan.com/files/2014/04/mostafaalmaamary.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]مصطفي المعمري[/author]
**
يبدو أن الخيارات ستبقى مفتوحة أمام الحكومة خلال الفترة القادمة لاتخاذ تدابير احترازية جديدة بالإضافة لتلك الإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء الأسبوع الماضي في ظل مواصلة أسعار النفط تسجيل مستويات متدنية بلغت 31.21 دولار أميركي أمس الأول ورغبة الحكومة في تصحيح مسار أداء العديد من القطاعات التي بمقدورها أن تضيف عائدا ماليا جيدا على خزينة الدولة.
ورغم تراجع مستوى حجم الإنفاق والإيرادات في ميزانية 2016 إلا أن الموازنة جاءت متزنة ومعتدلة راعت الكثير من الجوانب المتعلقة بالإنفاق الذي تراجع بنسبة 15.6% عن موازنة العام الماضي كنتيجة طبيعية للضغوط المتزايدة التي تعترض مالية الدولة للارتفاع في بند المصروفات وللمحافظة على مستويات آمنة للعجز المقدر في الموازنة والبالغ 3.3 مليار ريال عماني.
كل المؤشرات في مشروعي الموازنة والخطة الخمسية التاسعة تدلل على تعاطي الحكومة مع الوضع الحالي للمتغيرات الاقتصادية وقدرتها على التكييف قدر الإمكان مع طبيعة الحالة الراهنة باتخاذ أو ما سيتخذ من إجراءات وتدابير ربما في حالة استمرار تراجع أسعار النفط فقد تطول جوانب أخرى مع حرصها ألا تمس الجانب الاجتماعي بصورة مباشرة وبما يضمن استمرارية تنفيذ المشروعات الإنمائية في مختلف القطاعات حسب الأولويات والإمكانيات المالية المتاحة.
قد نتفق أنه ربما لا توجد خيارات وبدائل قد تلجأ إليها الحكومة في هذه المرحلة تحديدا سوى التقليل من حجم المصروفات المهدرة بالنسبة للعديد من المجالات التي استنزفت مالية البلاد لسنوات وهي كما أشرنا سابقا فرصة لإعادة الحسابات ولملمة الأوراق والوقوف على جوانب الصرف المهدرة والتي كلفت لسنوات خزينة الدولة ملايين الريالات كما أن الإجراءات التي أعلن عنها مجلس الوزراء تأتي في نفس الإطار فبعض مما أعلن عنه كانت مطالب سابقة ومنها موضوع الضرائب على أرباح الشركات التي تحقق أرباحا مليونية ويدخل خزينة الدولة الفتات منها أو بالنسبة لرفع الدعم عن الوقود الذي بلغ حجمه خلال الخمس سنوات الماضية 4.4 مليار ريال عماني كان يمكن أن تستثمر في مشروعات استراتيجية من شأنها أن توجد فرص عمل للمواطنين هي وغيرها من المجالات الاقتصادية التي كان يستلزم مراجعة أدائها وتطوير تشريعاتها وتنظيمها بما يحافظ على هذه الثروات الوطنية لصالح الأجيال الحالية والقادمة وبما لا ينعكس تأثيره على القطاعات الحيوية والإنتاجية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
الموازنة ورغم الضغوط المترتبة عليها لكن قطاعات مثل التعليم والصحة والإسكان والمشاريع الخدمية أخذت أولوياتها في خطط وبرامج الحكومة في تأكيد على ما تمثله هذه القطاعات من ارتباط باحتياجات وتطلعات المجتمع من الخدمات الأساسية المختلفة هذا مع التأكيد على مواصلة الحكومة تنفيذ برنامجها الاستثماري الذي يعتبر جانبا أساسيا ومهما ترتبط بها العديد من مرتكزات الخطة الخمسية التاسعة وفي مقدمتها تنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص العمل وتحفيز إقامة مشروعات اقتصادية تكاملية واستغلال الفرص المتاحة في قطاعات مثل السياحة والصناعة والمعادن واللوجستيات والزراعة والثروة السمكية هذه المجالات اذا ما أحسن استثمارها واستغلالها فإنها بالتأكيد ستمثل نقلة نوعية في مسيرة الأداء الاقتصادي للدولة خلال السنوات القليلة القادمة.
ما جاء في المرسوم السلطاني رقم 1/2016 وتحديدا في المادة السادسة من مرسوم الخطة عن قيام المجلس الأعلى للتخطيط بإجراء تقييم دوري للخطة الخمسية التاسعة في ضوء المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية. وكما أشار أيضا في المادة السابعة بأن يتولى المجلس الأعلى للتخطيط إعداد خطة تنفيذية للخطة الخمسية التاسعة، وتلتزم كافة الجهات الحكومية المعنية بتطبيقها وذلك بعد إقرارها من مجلس الوزراء، وهو أيضا ما أكد عليه المرسوم رقم 2/2016 حول موازنة 2016 وفي المادة الثانية بأن على جميع الوزارات والوحدات الحكومية تنفيذ أحكام هذا المرسوم كل في حدود اختصاصه والاستمرار في اتخاذ الاجراءات الضرورية لضبط وترشيد الإنفاق العام أما المادة الثالثة من المرسوم فقد أشارت إلى قيام مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة بمراجعة وتقييم الميزانية العامة للدولة والعمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة للحفاظ على الوضع المالي للدولة هذه المواد في المرسومين تعطي الصلاحيات للمجلس الأعلى للتخطيط ومجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة لتقييم أداء تنفيذ الموازنة ومتابعتها والتعديل عليها بما يتناسب مع طبيعة الظروف الاقتصادية كما أنها تفتح مجالا أمام هذين المجلسين للمحاسبة والتقييم ومدى التزام الجهات بتنفيذ ما جاء في مشروعي الخطة والموازنة والوقوف على الأسباب والمسببات وراء تأجيل أو ترحيل أو عدم الالتزام بتنفيذ المشاريع المعتمدة في الخطة أو الموازنة وهذا من شأنه أن يضبط أداء هذه الجهات ومعرفة مدى التزامها ومكامن الخلل ومعالجته عكس ما كان يتم في السابق.
إن المرحلة القادمة تتطلب وقفة الجميع مع كل هذه الإجراءات للخروج بأقل الخسائر ودراسة واقعية لمتطلبات السوق وتعزيز الشراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص ودراسة شاملة لمطالبه واحتياجاته من تسهيلات وإجراءات وخدمات طالما باتت تشكل عائقا وراء تفعيل دور القطاع الخاص في العملية التنموية خلال السنوات الماضية حتى يستطيع هو الآخر أن يقوم بدوره التنموي المطلوب منه.