[author image="http://alwatan.com/files/2014/04/talebalzabary.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طالب الضباري[/author]
منذ ان بدأت أزمة اسعار النفط في التراجع بعد ان وصلت الى اعلى المعدلات لسعر البرميل ومكن العديد من الحكومات التي تعتمد عليه كأساس لمدخولها الوطني، ورسم خططها الخمسية على معدلات مرتفعة من نسب ذلك العائد وجدت نفسها امام تحد كبير لتفادي ما سوف ينتج عن ذلك من خلل في الاقتصاد وفي تأمين العديد من الخدمات للمواطنين فضلا عن مشروعات البنية الاساسية التي لم تستكمل بعد، وبعد ان كانت في سبات عميق نتيجة التأثير الذي وجدته إيجابيا في ارتفاع مؤشر سعر النفط وغياب من لديه مساحة من النظرة المستقبلية لاستثمار على الأقل الجزء المتبقي من سعر البرميل المرسوم للخطط السنوية وتوجيهه في مشاريع تحل ولو جزئيا محل الاعتماد الكلي على البترول مثل الزراعة والأسماك والسياحة وتشجيع المحافظات او الولايات على انشاء شركات مساهمة والبحث عن اليات وأدوات تكون من خلالها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة داعما رئيسيا للاقتصاد الوطني كما هو الحال في عديد الدول المتقدمة ومن بينها الولايات المتحدة الاميركية، نجد ان الحكومة في مواجهتها لهذه الأزمة تلجأ الى المواطن ليكون داعما في ذلك سواء من خلال ما تملكه في يدها من اجراء قطع العلاوات او المكافآت او بعض الامتيازات عن الموظفين او التلويح برفع الدعم عن بعض الخدمات او التوجه لفرض بعض الرسوم وتكثيف مراقبة الطرقات بزرع المزيد من اجهزة ضبط السرعة بطرق واساليب مختلفة وكأنها تأكيد للجانب العقابي قبل التوعوي أو التوجيهي، والعمل على تغيير ثقافة المواطن بين عشية وضحاها بعد مرور اكثر من ٤٥ عاما من اعتماده على الحكومة إلى الاعتماد على النفس دون ان تكون هناك مراحل يكون لها اثرها البالغ في التغيير المطلوب.

فالمواطن في نظر الحكومات يعتبر اسهل حلقة للوصول إليه لكي تنتزع منه المساهمة لعلاج ما يطرأ من مشاكل وازمات اقتصادية، في الوقت الذي يوجد فيه بديل آخر قوي يتمثل في ذلك العديد من المليارديرات والمليونيرات ممن جنوا ثرواتهم الطائلة اللهم لا حسد وأفاض عليهم من نعمائه من خير وخزائن الدولة طوال السنوات الماضية، ولست بمبالغ فيما ادعي ويدعي غيري الكثير ان البعض منهم لديه القدرة اذا ما فتح خزائنه لدعم اقتصاد البلاد لعام كامل ناهيك عن الآخرين الذين اذا ما فتحوا ايضا خزائنهم لن تضطر الحكومة إلى إلغاء المكافآت او الأجر الاضافي عن الموظفين والتي تسهم في تحفيزه نحو المزيد من الإنتاجية التي ينعكس اثرها على الاداء المؤسسي او حتى فرض رسوم او رفع الدعم، فلماذا لا توجد هناك مبادرات من هؤلاء كما سبق حسب علمي للبعض في بعض مراحل مسيرة النهضة المباركة وتحمل جزءا من اثار الأزمة او الضائقة الاقتصادية بدلا من ان يتحملها المواطن من قوته وقوت عياله؟ او لجوء الحكومة إلى الدين الخارجي، الا يدرك هؤلاء ان الذي تحت أيديهم من مال هو حصاد التسهيلات التي قدمتها الحكومة لهم وتمتعهم بامتيازات في مقدمتها عدم فرض ضرائب والدعم في الخدمات الاساسية مثل الماء والكهرباء وغيرها من الخدمات التي تدخل ضمن أنشطتهم ومشاريعهم المتعددة ؟.
ان البلد في هذا الوقت لا شك يحتاج من هؤلاء وقفة جادة وصريحة فمثل ما كان بالنسبة لهم وقت الرخاء مغارة علاء الدين يحتضنهم بصدر حان ويقدم لهم ما في خزائنه من خيرات مادية ومعنوية، آن الاوان ان يرد ذلك الجميل الوطني لكي تمر ضائقته او ازمته بسلام ويرجع للجميع وفي مقدمتهم هؤلاء باقتصاد اكثر قوة وصلابة ترد إليهم مساهمتهم وقت الشدة ويحظون بشرف اولوية مشاريع استكمال المنجزات الوطنية ونمو الاقتصاد الوطني الذي يفترض ان يكون مغايرا عما كان عليه، مستندا على افعال وليست نظريات لأبحاث ودراسات وإنما خطط.
وبرامج عمل فعلية تجنب الحكومة الوصول إلى حالة من التقشف الذي يلامس احتياجات ومتطلبات المواطن اليومية، فهناك ولله الحمد العديد من افراد المجتمع ممن لديه القدرة على اقراض الحكومة ومساندتها في هذه الأزمة، ليس حسدا اذا قلنا ان احدهم وهو مواطن ليس لديه تلك الشهرة من عقاراته يضاف إلى رصيده في البنك أسبوعيا حوالي ٥٠ ألف ريال، فما بالك بأصحاب الاستثمارات والشركات متعددة المواقع والتخصصات البعض كونها بجهده والبعض الاخر بما كان يملكه من سلطة ونفوذ الوظيفة التي وضعتها الحكومة في يده من اجل خدمة الوطن والمجتمع فاستغلها ليكون صاحب ثروة، أدامها الله عليه اذا أحسن انفاقها وساهم بها في ضائقة ومحنة بلده وجنبها بها اللجوء الى دائن يفرض شروطا لا مفر من القبول بها.
الأزمة او الضائقة الاقتصادية لاشك ستمر بسلام كما مر غيرها من الأزمات وستعود الأمور الى نصابها بإذن الله، وبالتالي لا خوف على ما تقدمونه للبلد من خزائنكم فهي سترد إليكم كما سترد الى غيركم، فلتبدأوا بإنشاء صندوق اقتراض لدعم الحكومة ومساندتها في هذه الأزمة لكي تحققوا هدفين أساسيين أولهما تشغيل هذه الأموال بدلا من كنزها وثانيهما حفظ الأمن والاستقرار الاجتماعي للمجتمع.