**
في ظل الإجراءات التي تتبعها الدولة بشكل عام في التقليل من الإنفاق لمحاولة التخفيف من آثار انخفاض أسعار النفط على وضع السلطنة المالي، أصبح الرأي العام متابعا بشكل دقيق ومستمر في مدى الجدية في التقليل من الإنفاق وأصبح يتابع أي مشروع يقام وحجم ما أنفق من أجله، حيث يبدو له المشهد غير واضح تماما ففي بعض الأحيان لا يجد جدية في موضوع ترشيد الإنفاق خصوصا عندما يرى أن الإنفاق على بعض المشاريع وفي ظل هذه الأزمة غير مجد، وهنا يأتي الدور الحكومي في أهمية توضيح كافة التفاصيل مهما كانت بيسطة ليكون المشهد أمام المواطن واضحا تماما حتى نبعد التأويلات والتحليلات من البعض والذين ينصبون أنفسهم متحدثين عن الحكومة وهم في الواقع بعيدون كل البعد عن ذلك وغير مخولين، ففي كثير من الأحيان تأتي تحليلاتهم غير منطقية الأمر الذي يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في وجود ثغرة بين المواطن وصناع القرار ممثلا بالحكومة خصوصا في تقليص الإنفاق أو ترشيده أيا كانت المسميات.
ومع وجود وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصا والتي يجد فيها الجميع وعلى حد متساو الحرية بشكل كبير في التعبير عما يخالج مشاعره من أفكار وآراء وتعابير، فإنه بالتالي تتوافر لدى الحكومة رؤية واضحة فيما يشعر به المواطن والذي بالتالي يفسح المجال لها للرد والتوضيح على أي استفسار أو استفهام غير كامل الصورة لدى المواطن بشكل عام والذي هو محور هام في أي قرار أو مشروع فبالتالي فإن عملية التحاور وبشكل شفاف أصبحت ضرورة ملحة خصوصا في مثل هذه الظروف.
ومن خلال ما يدور هذه الأيام من نقاشات بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام يتضح جليا بأن كثيرا من الشعارات التي تغنى بها الكثير خلال المرحلة الماضيه خصوصا فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وإيجاد مصادر دخل بديلة للنفط لم يتم العمل عليها بشكل جاد، الأمر الذي بدأ بالفعل يؤثر بشكل ملموس في تأثرنا بشكل مباشر بانخفاض أسعار النفط، وخير دليل على ذلك التعميمات التي تصدر بين فترة وأخرى، إلا أنها تبدو بأن هذه الإجراءات غير مرضية للرأي العام خصوصا وأنه يراها قد ذهبت إلى تقليص الإنفاق على أمور لم تكن مؤثرة بشكل كبير على اقتصاد الدولة بقدر ما تؤثر عليه أمور أخرى لم يتم التطرق إليها.
كذلك فإن معيشة المواطن التي سبق وأن تم التأكيد عليها من قبل مسؤولين مرموقين بالدولة على أنها (خط أحمر) ولن يتم المساس بها أصبحت قاب قوسين أو أدنى أو قد تجاوزت الخط الأحمر في المساس بها والمواطن يشعر بذلك، خصوصا في موضوع مراجعة أسعار الوقود وهو حقيقة (رفع الدعم عن الوقود) الأمر الذي سيشكل فرصة سانحة لدى الكثير وبعذر يعتبرونه مقبولا بأن يرفعوا الأسعار في جميع المواد خصوصا الأساسية منها نظرا لكلفة النقل التي من المتوقع لها أن ترتفع بعد الأسعار الجديدة التي سيتم تطبيقها مع منتصف هذا الشهر.
وكما هو واضح من خلال الواقع ولعله غير واضح ففي هذا الموقف يأتي دور الحكومة في أن تفصح عن الواقع وبشكل مباشر وصريح، حتى لا ينصدم المواطن أو يكون في حيرة من أمره بين ما هو قادم وما هو متوقع.
فمن هنا نجد بأن قنوات من التواصل المباشر بين المواطن والحكومة يجب أن يتم فتحها بشكل كامل والتحاور والأخذ بالرأي ودراسة الآراء لإيجاد بيئة من الثقة لعبور هذه الفترة الحرجة، لا أن يتم فتح المجال للاجتهادات الشخصية التي أثبتت التجارب بأنها غير مجدية.

سهيل بن ناصر النهدي
[email protected]