رفض فلسطيني واسع لإرهاب المستوطينين

القدس المحتلة ـ الوطن:
ذكرت مصادر إسرائيلية، صباح امس أن رئيس منظمة «لاهافا» اليهودية المتطرفة الحاخام بينتسى جوبشتاين، جدد دعوته، بالتزامن مع الاحتفال بأعياد الميلاد، لحرق الكنائس في القدس المحتلة وهو ما تم قبوله برفض فلسطيني رسمي وأهلي واسع حيث أكد المسيحيون الفلسطينيين صمودهم في وجه مخططات المجموعات الارهابية الإسرائيلية التي تهدد الوجود الفلسطيني في عمومه.
وقد بث موقع القناة العبرية الثانية تصريحا للمتطرف غوبشتاين قال فيه إن «الوجود المسيحي في القدس غير مرغوب فيه، وهذا ما يجب أن نترجمه بالأفعال وليس بالأقوال فقط».
ووصف الحاخام المتطرف غوبشتاين المسيحية بأنها «نوع من أنواع الوثنية، ويجب محاربتها ووضع العراقيل أمام انتشارها في القدس، وأيضا أمام الممارسات الدينية المتعلقة بالديانة المسيحية في القدس».
ووفقا للقناة العبرية، فإن منظمة «لاهافا» متهمة بحرق ثلاث كنائس مسيحية في القدس، وتوجيه الإهانات لقساوسة الكنائس وملاحقتهم والتضييق على تحركاتهم في المدينة المقدسة.
من جانبه ندد الشيخ محمد حسين – المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك– بدعوة منظمة "لاهافا" اليهودية المتطرفة لحرق الكنائس في القدس المحتلة، واعتبار الوجود المسيحي فيها غير مرغوب فيه، وقال سماحته: إن هذه الدعوة المتطرفة تصب في خانة الإجرام والتطرف، وتعبر بوضوح عن عنصرية الاحتلال وتطرف منظماته، وإنكارهم الآخر، واستباحة مقدساته.
ونوه المفتي إلى أن الدعوات للتعدي على حرية العبادة والمقدسات تأتي في إطار مسلسل العنجهية والعدوان الذي تنتهجه سلطات الاحتلال تجاه أصحاب الديانات السماوية الأخرى، والتحريض المتواصل ضد المساجد والكنائس، وفق خطة ممنهجة لطمس كل ما هو عربي في فلسطين واستبداله باليهودي، ضاربة بذلك عرض الحائط بالشرائع والأعراف والقوانين الدولية.
ودعا الهيئات والمؤسسات المحلية والدولية، وعلى رأسها منظمة اليونسكو إلى التدخل لوقف الاعتداءات المتكررة والمتزايدة على المساجد والآثار الإسلامية، محذراً من خطورة ما وصلت إليه سلطات الاحتلال ومستوطنوها من عنصرية بغيضة وإجرام مستفحل ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه وإنسانيته، وهي تتحمل عواقب هذه الاستفزازات، التي تزيد من نار الكراهية والحقد في المنطقة وتؤججها، وتنذر بحرب دينية لا يمكن تخيل عواقبها.
وعلى الصعيد ذاته؛ ندد بتهديد حكومة الاحتلال للمساجد من خلال التوعد بمعالجة الضجيج الصادر منها على حد هذا الزعم الباطل، الذي يتماشى مع اقتراح أحد الأحزاب الإسرائيلية، الذي يدعو إلى تحديد استعمال سماعات المساجد بادعاء أنها تستعمل للتحريض على العنف والإرهاب.
وقال المفتي: إن نداء (الله أكبر) الذي تصدح به مآذن المساجد هو شعار إيماني وتعبدي، وليس نداءً تحريضياً كما يظن الاحتلال، من خلال تفكيره الشاذ والعقيم، وتدخّله السافر في عبادات المسلمين.
كما أدانت وزارة الخارجية بشدة، التطرف والإرهاب اليهودي الذي بات يتعمق ويتجذر يوماً بعد يوم، وينتشر بسرعة في المجتمع الإسرائيلي ومؤسسات الدولة العبرية، ويتمأسس بشكل علني في مدارس دينية، وجمعيات ومنظمات دينية متطرفة، ويجد من يمثله في أروقة صنع السياسة والقرار في الدوائر الحكومية الرسمية.
وفي هذا الصدد، أدانت الوزارة أمس تصريحات عضو الكنيست بتسلئيل سموترتيش، الذي قال فيها أمام الكنيست إنه ليس هناك شيء اسمه فلسطين أو فلسطينيين، وتحدث فيها أيضاً عن ضرورة ضم الضفة الغربية لأنها أعطيت إلهياً لإسرائيل.
وفي ذات الوقت، أدانت الوزارة بأشد العبارات دعوة رئيس منظمة 'لاهافا' اليهودية المتطرفة الحاخام بينتسي غوبشتاين، وبالتزامن مع الاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة، لحرق الكنائس في القدس المحتلة، مشيرة إلى أن هذه المنظمة الإرهابية ووفقاً للإعلام العبري، متهمة بحرق ثلاث كنائس مسيحية في القدس، وتوجيه الإهانات لقساوسة الكنائس وملاحقتهم والتضييق على تحركاتهم في المدينة المقدسة.
وقالت الوزارة إن التطرف والإرهاب اليهودي أصبح لا محدوداً، ويتمثل قبل كل شيء في إنكار وجود الشعب الفلسطيني، ويطل علينا هذه المرة من خلال عضو برلمان منتخب وفي داخل البرلمان نفسه، ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراء لا في حالة عضو الكنيست، ولا في حالة رئيس منظمة 'لاهافا' الإرهابية، الذي دعا إلى القضاء على الوجود المسيحي في القدس.
وترى الوزارة أن هذا الإرهاب المتطرف أصبح ظاهرة طبيعية، ووضعاً طبيعياً داخل المؤسسة الإسرائيلية الرسمية، ويمارس أنشطته وبرامجه الإرهابية في وضح النهار، ويستطيع أن يُقدم متى يشاء على ارتكاب عمليات قتل وإعدام ومجازر جماعية ضد الفلسطينيين، دون أن يقابله أي إجراء أو محاسبة أو حتى مساءلة من أي جهة رسمية أو حتى غير رسمية، وكأن الأمر شيء طبيعي.
وقالت: لقد بات واضحاً أن التيار الصهيوني الديني المتطرف في إسرائيل ومؤسساته العلنية المرخصة يفرخ التطرف العنيف، الذي يتحول يومياً إلى إرهاب ضد شعبنا، بدعم وتمويل وحماية وتغطية وشرعنه من المستوى الحكومي الرسمي في إسرائيل، والذي أصبح يخضع لإملاءاته وشروطه ومطالبه، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر بقوة أمام العالم ودوله ومؤسساته الأممية، لما يحمله من تداعيات ومخاطر جدية على الشعب الفلسطيني، وعلى الأمن والسلام الإقليمي والدولي، والذي يتطلب وبشكل عاجل وقبل فوات الأوان من المجتمع الدولي التحرك لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني كمقدمة لنيل استقلاله الوطني وحريته.
كما اتفق مسؤولون مسيحيون وخبراء فلسطينيون في الشأن الإسرائيلي أن تصريحات رئيس منظمة "لاهافا" اليهودية اليمينية المتطرفة الحاخام بينتسى جوبشتاين، الداعية لحرق الكنائس في القدس المحتلة، انعكاس لتنامي التطرف في المجتمع الإسرائيلي، وتعكس التوجهات العبرية لتهويد المدينة المحتلة.
وقال المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس: إن هذه التصريحات ليست الأولى التي تحمل الطابع العنصري وتستهدف المسيحيين كما المسلمين وكل الشعب الفلسطيني.
وأضاف حنا "حقيقة سواء أرادنا هذه العنصري أم لا، نحن موجودون في وطننا وهو المستعمر الغريب والمحتل، وهو العنصر والدخيل العنصري على هذه الأرض".
وتابع: "نحن كمسلمين ومسيحيين نعيش في أرضنا ووطننا ومدينتنا، موجودون في أرضنا لسنا غرباء، لسنا بضاعة مستوردة من الخارج كما هذا العنصري، نحن أصليون بانتمائنا لهذه الأرض، وتشبثنا بكل حبة تراب فيها".
غير أن عطا الله رد عليه بقوله: "باقون في القدس، وباقون في فلسطين، شاء من شاء، وأبى من أبى"، ولن نتنازل عن حقنا التاريخي والديني في أن نبقى بوطننا، هذا وطننا، ولا نعرف إلا هذه الأرض وطنا لنا".
وشدد على "رفض هذه التصريحات العنصرية التي تدل على حقد وعنصرية هؤلاء"، لافتا إلى أن المسيحيين يمثلون 2 % من الوجود العربي في القدس المحتلة، لكنه حرص على التأكيد "نحن شعب فلسطيني واحد، عندما نتحدث عن فلسطين والقدس نحن طائفة واحدة اسمها الشعب العربي الفلسطيني".
وأضاف: "المسيحيون حريصون على انتمائهم الوطني، والتأكيد أنهم فلسطينيون عرب يدافعون عن قضيتهم ومقدساتهم".
من جهته، أكد الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أن هذه التصريحات "لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة"، لافتاً إلى تصريحات مماثلة للحاخام نفسه، في 5 أغسطس الماضي دعا فيها إلى حرق الكنائس.
وأضاف عيسى في تصريحات صحافية أنه كرر ذلك في 22 ديسمبر الماضي، ودعا إلى منع المسيحيين من الاحتفال، ووصفهم بأنهم "مصاصو دماء ويجب طردهم"، وأعاد الكرة لمواقفه العنصرية على القناة الثانية يوم أمس السبت.
وشدد على أن بينتسى جوبشتاين، حاخام يهودي متطرف يهدف من وراء تصريحاته إلى "تفريغ القدس من المسيحيين لتصوير الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كأنه ليس على الحقوق السياسة بل صراع بين الإسلام واليهودية".
ورأى أن هذه التصريحات "مؤشر على تنامي التطرف في الكيان الإسرائيلي"، معتبرًا أن هذه المجموعات باتت تشكل خطرا على الكيان الإسرائيلي.
ولفت إلى أن بعض الاتجاهات الإسرائيلية تحذر من خطورة هذه المجموعات المتطرفة، ومن سعيها للانقلاب والسيطرة على كامل مقاليد الحكم في إسرائيل.
وأضاف: "هذا الحاخام يكره كل شيء فلسطيني، خاصة المسيحين، ويعتمد على التوراة في طروحاته، ويقول عن المسيحيين أنهم مصاصو دماء وأنهم يهددون الوجود اليهودي، وأنه يريد القضاء عليهم بعد أن أصبح لإسرائيل جيش قوي".
ولفت إلى أن هذه التصريحات المتكررة مضت دون أن يجري تجريمه أو محاسبته على تحريضه وعنصريته المقيتة، لافتا إلى أن الاحتلال والمتطرفين يقتنصون هذه الفترة، في ظل الوضع الفلسطيني الحالي، والبيئة الإقليمية والوضع الدولي الراهن لمحاولة القضاء على الفلسطينيين، سواء بمثل هذه التصريحات والمواقف العنصرية أو عبر الإعدامات الميدانية التي تجري.
وتابع: "يعتقدون أن هذه فرصة.. كل ذلك مبرمج من أعلى المستويات السياسية في إسرائيل"، مشددا على أن "هذه التصريحات تعكس عنصرية وسياسة تمييز مقيتة وأحقادا دفينة ضد الشعب الفلسطيني".
رعاية رسمية للتطرف
بدوره، قال الدكتور عمر جعارة، الخبير في الشأن الإسرائيلي: إن هذه التصريحات تعكس إلى أي مدى وصل التطرف والعنصرية في إسرائيل وبرعاية رسمية من الدولة والإعلام.
وأشار إلى أن هذه الجماعة لها سجل حافل في الإرهاب والعنصرية، فقد أحرقت 5 كنائس و17 مسجدا، ولم يستطع القضاء الإسرائيلي تجريمها.
ولفت إلى أن هذه الجماعة العنصرية نظمت مظاهرة ضد زواج فلسطيني من حملة الهوية الزرقاء (مقدسي) من يهودية من حملة الهوية الزرقاء.
وشدد على أن هذه التصريحات تناقض الفطرة السوية التي تؤكد أن "الإنسان أخو الإنسان".
وقال: "فليصعدوا إلى السماء ليلحقوا بثقافتنا وتاريخنا وآدابنا"، منبهاً إلى أن "كل الجرائم التي تمارسها هذه المجموعة تحت سمع ونظر الحكومة الإسرائيلية، ولم تستطع أن تفعل شيئًا.