مسقط ـ العمانية :
مع دخول سنة 2016، يتواصل الموسم الحالي لدار الأوبرا السلطانية مسقط بعروضه المتنوعة والراقية، وسوف يشهد شهر يناير الجاري خمسة عروض تتصف جميعها بالفخامة، بما يليق بسنة من العروض القوية والجاذبة، وفي نفس الوقت المتنوعة في مجالاتها الفنية.
يبدأ الشهر بحفلة للفنانة الهندية عازفة السيتار الشهيرة أنوشكا شنكر في 7 يناير الجاري، بعدها يكون لعشاق الأوبرا نصيب مع أوبرا (لوتشا دي لاميرمور) لـ جايتانو دونيزيتي، وهي واحدة من ثلاث أوبرات يتضمنها موسم 2015/2016 بدار الأوبرا السلطانية خلال الفترة من 14 وحتى 16 يناير الجاري.
وسيكون الجمهور أيضا على موعد مع الباريتون الروسي الشهير دميتري هفوروستوفسكي ليقدم مختارات من الأغاني الاوبرالية (أريا) يطرب بها عشاقه بصوته الفخم في 19 يناير الجاري. وبعده بليلتين تحل عازفة البيانو إيلين جريمو ضيفة على الدار بمصاحبة أوركسترا الحجرة في بازل، وهي فرقة متنوعة تقدم أعمال عصر الباروك والموسيقى الحديثة بنفس القدر من المهارة والإتقان في 21 ينايرالجاري.
أما مسك ختام عروض يناير فسيكون مع سالف كيتا سفير الموسيقى الأفريقية الذي انطلق من مالي إلى جميع أنحاء العالم في 28 يناير الجاري ليحقق شهر يناير بهذه التوليفة المبهرة عروضا جذابة تأتي كانطلاقة قوية للنصف الثاني من برنامج الدار لموسم عروض 2015/2016م.
وتعتبر عازفة السيتار والمؤلفة الموسيقية أنوشكا شنكر واحدة من أبرز الشخصيات الرائدة في موسيقى العالم اليوم نشأت بين أحضان الموسيقى الهندية الكلاسيكية، حيث درست أنوشكا حصريا وتعلمت من والدها ومعلمها العازف الأسطوري رافي شنكر منذ أن كانت في التاسعة من عمرها.
وظهرت أنوشكا لأول مرة كعازفة محترفة في سن الثالثة عشرة، وقدمت منذ ذلك الحين عروضها في أشهر القاعات، مثل قاعة "ألبرت" الملكية سوقاعة "كارنيجي" وعزفت أعمال والدها الأوركسترالية في حفلات منفردة بمصاحبة أشهر فرق الأوركسترا في العالم بقيادة عظماء على غرار زوبين ميهتا وقبل أن تتم أنوشكا العشرين، كانت قد سجلت ثلاثة ألبومات سيتار كلاسيكية مع شركة تسجيلات "إينجل/ إي إم آي" وحصلت على أول ترشيح لجائزة "جرامي" لتصبح أول امرأة هندية وأصغر مرشحة على مر التاريخ تترشح لجائزة "جرامي" عن فئة موسيقى العالم.
وفي العشرينيات من عمرها، وبعد أن رسخت اسمها كواحدة من أهم عازفات السيتار الكلاسيكي في العالم، بدأت التأليف الموسيقي، واستكشاف أراض جديدة خصبة تربط الموسيقى الهندية ومجموعة من الألوان الموسيقية الأخرى مثل الفلامنجو، والجاز، والموسيقى الإلكترونيك، والموسيقى الغربية الكلاسيكية وترشحت أنوشكا شنكر لنيل جائزتي "جرامي"، علاوة على الأوسمة العديدة والتكريمات التي حصلت عليها.
أما لوتشيا دي لاميرمور فهي أوبرا رائعة للمؤلف جايتانو دونيزيتي، الذي تعتبر أعماله التجسيد المثالي لأعمال الحركة الرومانسية الإيطالية المبكرة مستوحاة من رواية والتر سكوت "لوتشا دي لاميرمور"، وفيها تفقد البطلة عقلها ولا تستطيع تحقيق حلمها بالوقوع في الحب. وهذا الإنتاج المذهل لمسرح "كارلو فيليس" في جنوا من إخراج المخرج السينمائي الشهير داريو أرجينتو الذي يقدم أعمالا مبتكرة ساحرة في أجواء أسكتلندية قوطية. وفي الأراضي الأسكتلندية الغامضة، الرجال هم أصحاب القرار. وليس للمرأة مكان وسط الصراعات القبلية، والمناورات السياسية، والثأر القديم، ولا سيما إن كانت المرأة قد وقعت في غرام الرجل الخطأ.
وتقع "لوشيا" فريسة بين شبكة مؤامرات أخيها، ونوبات غيرة حبيبها، والعداء المحتدم بين قبيلتيهما حينما تتعرض "لوتشيا" للضغط لإتمام زواج مدبر، تتحطم روحها الرقيقة. وفي أشهر مشهد جنون في عالم الأوبرا، تتشابك ألحان دونيزيتي الساحرة مع كولوراتورا "لوتشيا" منقطعة النظير. يجسد هذا العمل النموذج الأصلي لأوبرا البل كانتو الرومانسية؛ بكل ما فيها من مشاعر فياضة، وقتل، وجنون، وهلاك، وكلها مندمجة في إطار غنائي مجيد.
من جانبه يقدم نجم الأوبرا عالمي الشهرة دميتري هفوروستوفسكي أجمل أغنيات الباريتون وأشهرها، بمصاحبة أوركسترا مسرح "كارلو فيليس" في جنوا. يتضمن الحفل أعمال عدد من أهم المؤلفين الروسيين والإيطاليين، على غرار مسورسكي، ورحمانينوف، وروسيني، وفيردي. وُلد الباريتون الروسي عالمي الشهرة دميتري هفوروستوفسكي ودرس في كراسنويارسك في سيبيريا. فاز في عام 1989 بجائزة "مطرب كارديف في المسابقة العالمية" المرموقة. منذ أول لحظة، افتتن الجمهور بصوت دميتري المصقول، وجرسه الموسيقي الساحر، وإحساسه الداخلي بالموسيقى والترابط الطبيعي.
وعقب ظهوره الأوبرالي الأول في الغرب في أوبرا "ملكة البستوني" لتشايكوفسكي في دار أوبرا "نيس"، انطلقت مسيرته الفنية بأقصى سرعة. وأصبح مرتبطا بتقديم عروض منتظمة في أكبر دور الأوبرا والمهرجانات في العالم، بما في ذلك دار الأوبرا الملكية "كوفنت جاردن"، ودار أوبرا متروبوليتان، ودار أوبرا باريس، ودار الأوبرا البافارية، ومهرجان "سالزبورج"، ومسرح "لا سكالا" في ميلانو، ودار أوبرا مدينة فيينا، وأوبرا شيكاغو الغنائية. يترك دميتري انطباعا هائلا لدى الظهور على المسرح، بفضل طوله وشخصيته الجذابة، وشعره الرمادي الذي يكسو رأسه. ومما يضيف إلى مكانته الأسطورية كموسيقي ممي، اختياره في مجلة "بيبول" ضمن خمسين أجمل شخصية على الإطلاق.
ويمكن اعتبار عازفة البيانو البارعة إيلين جريمو امرأة عصر النهضة في القرن الحادي والعشرين. فهي فنانة ملتزمة وشغوفة جدا، تلعب إنجازاتها الموسيقية دورا محوريا في حياتها. إنها إنسانة ذات اهتمامات جليلة قيّمة تتخطى حدود الآلة التي تعزفها، تتميز بالمهارة التقنية منقطعة النظير والتعبير الشعري الراقي. تماشيا مع اهتماماتها ومخاوفها البيئية، عملت إيلين بجد لتأسيس "مركز الحفاظ على الذئاب" في شمال ولاية نيويورك.
وقدمت إيلين جريمو أول عروضها على البيانو عام 1995 بمصاحبة أوركسترا برلين الفيلهارمونية بقيادة أحد أشهر قادة الأوركسترا على مر التاريخ: المايسترو الراحل كلاوديو أبادو. كان هذا أول إنجاز في سلسلة طويلة من الإنجازات الرائعة خلال مسيرتها الفنية الزاخرة. ومن بين إنجازات إيلين الأخرى تقديم أول حفل منفرد مع أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية بقيادة المايسترو كورت ماسور في عام 1999.
وفي سبتمبر 2013 أصدرت شركة تسجيلات "جراموفون" الألمانية أسطوانة لإيلين تضم كونشرتو البيانو الأول لبرامز بمصاحبة الأوركسترا السيمفونية للإذاعة البافارية بقيادة المايسترو أندريس نيلسونز، بالإضافة إلى كونشرتو البيانو الثاني لبرامز بمصاحبة أوركسترا فيينا الفيلهارموني. في أول ظهور لها في دار الأوبرا السلطانية مسقط، ستقدم إيلين جريمو عرضها بمصاحبة أوركسترا الحجرة في بازل، وهي فرقة متنوعة تقدم أعمال عصر الباروك والموسيقى الحديثة بنفس القدر من المهارة والإتقان.
أما الأصوات الساحرة فيقدمها سفير الموسيقى الأفريقية الذي انطلق من مالي إلى جميع أنحاء العالم حيث قدم سالف كيتا على مدار مشواره الفني موسيقى مبتكرة مستمدة من تقاليد موسيقى الجاز الأفريقي. بالفعل يستحق سالف كيتا أن يوصف بأنه "صوت أفريقيا الذهبي"، فهو يقدم موسيقى أفريقية بتأثيرات ساحرة مبتكرة. انطلق مشوار سالف في السبعينيات مع فرقة "السفراء"، التي ساعدته أن يحصل على الشهرة العالمية. وفي عام 1984، انتقل إلى باريس ليقدم أعماله إلى قطاع عريض من الجماهير باقتحام الساحة الغربية.
وصدر ألبومه المنفرد "سورو" في عام 1987 وكان بداية رحلة متواصلة مستمرة من تسجيل الألبومات وأحدث تسجيلاته الناجحة هي ألبوم "مقتطفات" (2011) وألبوم "قصة" (2012). بذل سالف كيتا جهودا حثيثة في الدفاع عن حقوق الإنسان، فحصل على لقب سفير الأمم المتحدة للموسيقى والرياضة في عام 2004. شجعه هذا التكريم وألهمه أن يشارك في جهود مكافحة مرض الملاريا، فضلا عن مواجهة مشكلات تتعلق بالأشخاص الأمهقين في مالي وباقي دول العالم.