[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
يبدو أن هناك قرارًا إقليميًّا وبضوء أخضر أميركي وأمر صهيوني بخلط الأوراق والتشويش وقطع الطريق عن الجهود القائمة لإطلاق مفاوضات الحل السلمي والسياسي في سوريا، بعد الضربة القاصمة والمحكمة والدقيقة التي وجهتها سوريا مؤخرًا ضد قيادات التنظيمات الإرهابية المتمثلة في ما يسمى "جيش الإسلام وأحرار الشام".الصفيح الساخن للأحداث في المنطقة لا يحتاج إلى الكثير من التدقيق والتمحيص لاستنتاج ذلك.
فكل المؤشرات تدل على أن حلف التآمر والعدوان بقيادة الولايات المتحدة يحاول تدارك خسائره ولملمة أشلائه المتناثرة على الساحات، وبخاصة على الساحة السورية، واستعادة زمام المبادرة والإمساك بخيوط المؤامرة، واللهاث وراء إيجاد هوامش أخرى للمناورة يلعب من خلالها على أوتار الترهيب والترغيب، ولا بأس أن تصل الأمور على حافة الهاوية، وارتكاب المزيد من الموبقات.
المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي قال في مؤتمر صحفي أمس الأول في ظل الاحتقان الذي تشهده المنطقة ومدى تأثيره على الجهود الساعية لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا "لا نزال نأمل ونتوقع للاجتماعات بين الجماعات المعارضة و"النظام" أن تجرى هذا الشهر".قد يكون هذا الكلام الإنشائي صحيحًا، لكنه لن يغير من الموقف التآمري الثابت ضد سوريا؛ لأن الولايات المتحدة إن كانت صادقة وجادة لحل الأزمة في سوريا، يكفيها أن ترفع إصبعها أمام ذيولها لتخرس وتعرف حجمها، وتمنعها من العبث والتشويش وتأجيج جذوة الصراع والاحتقان.
في الحقيقة لا تزال الشكوك قائمة وقوية تجاه الولايات المتحدة وحلفها المتآمر الذي تقوده، لتمييع قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) حول التسوية السياسية في سوريا، وبعثرة الجهود الروسية وقلب الكراسي، لتصبح طاولة الحوار مجموعة اتصال تحاول واشنطن عبر بيادقها التشويش على سير الحل والابتزاز، وفرض أجندات وطرح مطالب يستفيد منها حلف التآمر والعدوان بشكل عام، وتحت ذرائع متعددة على طريقة التفاوض الإسرائيلي ـ الفلسطيني العقيم والعبثي والمضيِّع للوقت والزمن، والمُستَثْمَر على أرض الواقع، كالمطالبة بالإفراج عن المدانين بالإرهاب وبالجرائم داخل السجون السورية، بذريعة أن على الحكومة السورية إثبات حسن النوايا، تؤكد بها رغبتها في الحل.
والهدف المراد من ذلك هو تسويق تلك البيادق نفسها أمام الشعب السوري والرأي العام الدولي بأنها تدافع عن الشعب السوري، وتعمل على مساعدته لتحقيق تطلعاته، في إطار محاولة استمالته بدغدغة عواطفه، في حين أن الهدف الأكبر هو توظيف مئات المدانين في القضايا المختلفة في تنفيذ عمليات إرهابية بدمجهم في التنظيمات الإرهابية.
وبالنتيجة فإن ذلك لا يخرج عن مراهنة تحالف التآمر والعدوان بالقيادة الأميركية على ورقة "داعش" واستمراريتها تحت ظل "المعارضة المعتدلة"؛ وإعداد صفوف من "الخلفاء" و"الولاة" لـ"لخليفة" أبو بكر البغدادي.
من الواضح أن إرادة تأجيج جذوات الأزمات والصراعات والاحتقانات تقف خلفها إرادة التشويش وخلط الأوراق لتعطيل الحل السياسي بعد مقتل زهران علوش قائد التنظيم الإرهابي المسمى زورًا بـ"جيش الإسلام" وقادة تنظيم ما يسمى "أحرار الشام" الإرهابي، وبعد الفشل في ضم هذين التنظيمين القاعدييْنِ الإرهابيين في ما يسمى "المعارضة المعتدلة" في مفاوضات إدارة الإرهاب والمؤامرة المزمعة تحت الراية الأميركية، بقوة الموقف الروسي ـ السوري ـ الإيراني، وبقوة التدخل العسكري الروسي الذي فرض واقعًا جديدًا في الميدان والسياسة، والذي تستجمع أطراف بالتحالف المعادي لسوريا قواها ـ وبضوء أخضر أميركي وأمر صهيوني ـ لإفشال الاستراتيجية الروسية، سواء في الميدان أو في السياسة.
ولذلك وفي ضوء التطورات الأخيرة بالمنطقة، ليس مستبعدًا أن تقوى شوكة تنظيم "داعش" الإرهابي وبقية الأذرع التابعة لتنظيم القاعدة، بقوة الدعم الناتجة عن التحالفات الجديدة، وتوجيه تلك الأذرع والتنظيمات الإرهابية باتجاهات مختلفة، ما يعني أن المنطقة مرشحة لمزيد من الاستنزاف وإراقة الدماء والموت المجاني، ما لم تحصل معجزة تجنب الأبرياء من المشانق وسواطير الإرهاب المعدة لجز الرؤوس.