يجزم كثير من عقلاء البشر أن طرق التنمية المتكاملة للحياة البشرية لا تتحقق ولا يتم تنفيذ متطلباتها أيضا إلا عن طريق نهج تنمية للذهن فكريا أي عن طريق مبدأ الأخذ من آراء وأفكار الآخرين من أبناء الجنس البشري.
فالحوار الذي يهدف إلى الاستفادة وتقويم اعوجاج العقل الإنساني هو الذي يكون منارا للطريق القويم لا العكس فمن خلاله تتولد شعلة النور الذي ينير درب الحياة السعيدة للبشر، وكل فكر يؤدي إلى بروز المشكلات وتعقد الأزمات وتشعب الأفكار الهدامة التي تؤخر الأمم ولا تقدمها فلا يكون هذا الفكر سبيل إلى تحقيق التنمية الذهنية للعقل لان طرقه المعوجة لا تفيد الأمم ولا تحرك من ساكنها أي شئ فالانفراد بالرأي لا يحقق التكامل الايجابي للوصول الهدف المنشود في الحياة مهما اختلفت الأهداف فمن شروط التنمية وجود قناعة بضرورة تغير بعض الأنماط السائدة عند بعض الناس التي تشكل عوائق الإصلاح في ذات الفرد أو مجتمعه وبتعبير أدق لابد من إبدال بعض القوانين والنظم إلي يعتبرها البعض في نظرهم التفكيري من المسلمات التي لا يمكن التنازل ولا تجدي أي عملية للإرشاد أو موعظة من اجل تلين فكر هذا المتصلب ذهنيا فلابد من توفير جو فكري أساسه القناعة للقيام بعملية التغير الجذري في بعض الأنماط السائدة لدى بعض الأشخاص الذين يعتقدون بصحة أطروحاتهم ويعتقدها العقلاء أنها غير مجدية وتقود في نهاية الأمر إلى خراب أفكار الفرد وتشتت المجتمع وتفاقم مشكلاته.
إن من المزايا المهمة التي تحقق التكامل الذهني للعقل هو (وجود حاسَّة المقارنة الجيدة بين الأوضاع المختلفة التي يعيشها المجتمع العصري، إذ الشعور بالرضا أو السخط لا ينبع من داخل الإنسان، وإنما من خلال مقارنة الإنسان لأوضاعه مع أوضاع الآخرين.
وفي هذا المقام، فإننا نعتقد أن المرء لن يعدم من وجود أناس هم أسوأ منه حالا في التفكير، ولذا فان المحك النهائي في هذا الموضوع هو شعور المرء بتفوقه على ذاته، وبأن يومه خير من أمسه ..) بسبب تداركه بعض الأخطاء التي لم تكن في حسبان ذاته عند التخطيط لها فأكتشفها عندما اخضع عقله للنقد من قبل الآخرين وهكذا ينبغي على العقلاء السعي الجاد على تحسين أفكارهم فلا يدرك الناس الحقيقة الكاملة وكما قال: الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) رأي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.

إعداد/ إبراهيم بن حبيب الكروان السعدي