واشنطن ــ وكالات : شكل اعلان كوريا الشمالية عن تجربة قنبلة هيدروجينية ناجحة نكسة لاستراتيجية الولايات المتحدة الهادفة للحد من انتشار الاسلحة النووية خصوصا وانها تعمل في موازاة ذلك على تطبيق الاتفاق النووي المبرم مع ايران. وهذه التجربة المحتملة لقنبلة هيدروجينية دفعت بمجلس الامن الدولي أمس الاول الاربعاء الى عقد اجتماع طارىء، كما انها تأتي في وقت لا تزال فيه العملية الدبلوماسية الدولية مع النظام الستاليني مجمدة. ونزع الاسلحة والحد من انتشار الاسلحة النووية يعتبران من ركائز السياسة الخارجية المتعددة الاطراف التي اطلقها الرئيس باراك اوباما في خطابه الشهير في براغ في ابريل 2009 حين دعا الى "عالم خال من الاسلحة النووية". وكان ذلك احد الاسباب وراء منح الرئيس الاميركي الجديد جائزة نوبل للسلام انذاك. ومذاك، تشدد الادارة الاميركية على الانجاز الذي حققته عبر ابرام اتفاق تاريخي في فيينا مع ايران الى جانب القوى الكبرى الاخرى في يوليو الماضي يضمن عدم سعي الجمهورية الاسلامية لامتلاك السلاح النووي مقابل رفع العقوبات الدولية عنها. وهذا النص الذي يأتي نتيجة اعوام من المحادثات الدبلوماسية المكثفة، اعتبر تقدما كبيرا في مجال منع انتشار الاسلحة الذرية رغم ان الاتفاق ليس سوى في بداية تطبيقه من قبل طهران تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومنذ اعلان كوريا الشمالية نجاح تجربتها الاولى لقنبلة هيدورجينية، وهو ما يشكك به البيت الابيض، هاجم الخصوم الجمهوريون للرئيس الاميركي استراتيجيته حيال بيونغ يانغ. وقال اد رويس رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب "انه فشل ذريع" داعيا الى "ممارسة المزيد من الضغوط بشكل ملح لمواجهة تهديدات كوريا الشمالية". واضاف "في وقت تستعد فيه ايران لكسب مليارات بفضل تخفيف العقوبات، تظن كوريا الشمالية ان بامكانها ترهيب ادارة اوباما بالطريقة نفسها" مقارنا بين الجمهورية الايرانية كما حصل ابان حقبة الرئيس السابق جورج بوش (2001-2009) الذي كان يتحدث انذاك عن "محور الشر".
ورد وزير الخارجية الاميركي جون كيري بان الولايات المتحدة "لم تقبل ولن تقبل ان تمتلك كوريا الشمالية السلاح النووي" وقد رد مجلس الامن عبر التهديد بتشديد العقوبات على بيونج يانج. وادت التجارب النووية الثلاث السابقة التي قامت بها كوريا الشمالية في اكتوبر 2006 ومايو 2009 وفبراير 2013، الى تشديد العقوبات ضدها من قبل الأمم المتحدة وواشنطن والاتحاد الاوروبي. واستهدفت مؤسسات مالية او شركات مرتبطة بانشطة نووية او بالستية لكوريا الشمالية. لكن الخبراء يعتبرون هذا الامر غير كاف. وقال بروس كلينغنر من مركز الابحاث المحافظ "هيريتج فاونديشن" ان "ادارة اوباما لم تطبق بالكامل القانون الاميركي (في مجال العقوبات) واستهدفت منظمات كورية شمالية اقل مقارنة مع ما قامت به بالنسبة لدول البلقان وبورما وكوبا وايران وزيمبابوي".
من جهته ندد دوغ باندو المستشار الاسبق رونالد ريجان (1981-1989)، بصراحة "بفشل الولايات المتحدة" في مقاربتها مع كوريا الشمالية. ودعا في مقالة لمركز الابحاث "كاتو انستيتوت" الى "سياسة حوار (دبلوماسي) وليس حول نزع الاسلحة النووية" مع بيونج يانج. لكن العملية الدبلوماسية مجمدة. فالمفاوضات السياسية التي تضم الكوريتين والصين واليابان وروسيا والولايات المتحدة توقفت في ديسمبر 2008 ولم تستأنف منذ ذلك الحين. من جانب اخر، عبرت وزارة الخارجية الاميركية عن اسفها لان كوريا الشمالية "لم تبد اي اهتمام على الاطلاق بالعودة" الى طاولة المحادثات. ولطمأنة حلفائها في اليابان وكوريا الجنوبية، يمكن لواشنطن ان تنظم سريعا لقاءات ثلاثية وتعزز التعاون في مجال الدفاع والاستخبارات كما توقع فيكتور شا من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.