زليتن ــ وكالات: قتل وجرح نحو 177 شخصا أمس حين انفجرت شاحنة ملغومة في مركز تدريب للشرطة بمدينة زليتن في واحد من أسوأ التفجيرات التي تشهدها ليبيا منذ سنوات. يأتي ذلك فيما ارتفع عدد خزانات النفط المشتعلة إلى سبعة في كل من ميناءي السدرة ورأس لانوف وسط ليبيا، بفعل الاشتباكات واستهداف تنظيم "داعش" لها.
وقال رئيس بلدية زليتن مفتاح الحمادي إن الشاحنة انفجرت بينما تجمع مجندون في مركز تدريب الشرطة في زليتن وهي مدينة ساحلية تقع بين طرابلس وميناء مصراتة. وقالت مصادر طبية ان الضحايا نقلوا الى مستشفى مصراتة في عربات إسعاف وسيارات خاصة وإن كثيرا منهم أصيبوا بجروح من شظايا بينهم بعض المدنيين . ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم (حتى الان) وتعد هذه التفجيرات الاكبر من حيث عدد القتلى منذ بدأ المسلحون توسعة نطاق وجودهم مستغلين الفوضى التي أعقبت سقوط معمر القذافي في 2011.
وافادت وكالة الانباء الليبية التابعة لسلطات طرابلس غير المعترف بها دوليا، عن مقتل 65 شخصا واصابة 112 بجروح في الانفجار. وقال مدير مستشفى زليتن عبد المطلب بن حليم لوكالة الانباء الليبية ان "الحصيلة الأولية للانفجار بلغت 65 قتيلا و112 جريحا". ونقلت الوكالة ان دعوة للتبرع بالدم اطلقت في المدينة. وتقع زليتن في المناطق الخاضعة لسيطرة البرلمان المنتهية ولايته ومقره طرابلس.
وتحدثت وكالة انباء الحكومة المعترف بها في شرق البلاد عن سقوط 15 قتيلا في الانفجار نقلا عن مصدر طبي مطلع. وتشهد ليبيا منذ عام ونصف نزاعا مسلحا على الحكم بين سلطتين، حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي في شرق تلك البلاد، وحكومة وبرلمان موازيين يديران العاصمة طرابلس بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا" ولا يحظيان باعتراف المجتمع الدولي.
وانتهز (داعش) فرصة انتشار الفوضى في ليبيا بعد سقوط معمر القذافي في 2011 ليتمركز في تلك البلاد. وقد تبنى اعتداءات دامية عدة كان آخرها في سبتمبر على قاعدة معيتيقة الجوية في طرابلس والذي اوقع ثلاثة قتلى. ويسيطر التنظيم الارهابي منذ يونيو على جزء كبير من مدينة سرت، على بعد 450 كلم شرق طرابلس ويسعى الى توسيع نفوذه الى مناطق اخرى. ويقاتل التنظيم القوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليا في شرق تلك البلاد وكذلك التابعة للحكومة الموازية غير المعترف بها في طرابلس. وجرت مواجهات الاثنين والثلاثاء بين (داعش) وحرس منشآت نفطية بالقرب من المرافىء الرئيسية في شمال تلك البلاد. وتقع مرافىء السدرة وراس لانوف والبريقة في منطقة "الهلال النفطي" على الساحل وهي الاهم في تلك البلاد واساسية لتصدير النفط الليبي. واوقعت المواجهات عددا من القتلى فيما اشتعلت النيران في اربع خزانات نفط. ويضغط المجتمع الدولي على مختلف الاطراف الليبية للتفاهم وتشكيل حكومة وحدة وطنية. ودان رئيس بعثة الامم المتحدة الى ليبيا مارتن كوبلر على حسابه على تويتر الانفجار الناجم عن الهجوم الانتحاري. وقال "أدين باشد العبارات الهجوم الانتحاري الدموي في زليتن، وادعو كل الليبيين الى ان يتحدوا بشكل عاجل في المعركة ضد الارهاب".
ووقع اتفاق سياسي برعاية الامم المتحدة في 17 ديسمبر في المغرب بين اعضاء من البرلمانيين ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، الا ان رئيسي البرلمانين التابعين للسلطتين الحاليتين يرفضان هذه الحكومة. والغربيون مقتنعون بوجوب التحرك بسرعة في ليبيا لمواجهة التهديد المتنامي لـ(داعش) وهم يدفعون الليبيين في اتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ويقول مالكولم تشالمرز من مركز "ار يو اس ايه" للابحاث في لندن ان الغرب "يزداد قلقا" ازاء توسع تنظيم داعش، وبالتالي هناك احتمال بان يتدخل في ليبيا. لكن "السؤال هو: اي تدخل؟ ما ستكون طبيعته؟ ما هو حجمه؟ يتوقف ذلك على تطور التهديد المتمثل بالتنظيم في غضون شهر من الآن". ويبلغ عدد عناصر التنظيم الارهابي في ليبيا ثلاثة آلاف، بحسب باريس. ويخشى الغربيون ان يتمكن من السيطرة على هذه المناطق ومن اقتناء مزيد من الموارد النفطية وبالتالي زعزعة الاستقرار في افريقيا الجنوبية، واستخدام المنطقة لنقل الارهابيين الى اوروبا، عبر سلوك طريق المهاجرين في المتوسط.
الى ذلك، طالبت المؤسسة الليبية للنفط على موقعها، المساعدة في إطفاء الحريق وإنقاذ ما تبقى من مصادر الدخل لتلك البلاد. وكان المتحدث باسم حرس المنشآت، علي الحاسي، قد صرح، في وقت سابق، أن قذائف وصواريخ داعش سقطت بمحيط ميناء السدرة، فيما وصل بعضها حتى مجمع رأس لانوف النفطي ليتسبب في حريق بخزان بميناء السدرة. وعن الاشتباكات المسلحة قال الحاسي إن مسلحي داعش انسحبوا غرباً إلى ما بعد منطقة بن جواد، وإن الاشتباكات دارت صباح الأربعاء بمنطقة "الكحيلة" على مسافات بعيدة من منطقة السدرة، مما يجعل مواقع النفط في أمان بعيداً عن ساحات القتال. وأضاف الحاسي إن حرس المنشآت فقد 10 مقاتلين إضافة لعشرات الجرحى خلال اليومين الماضيين. وعن قتلى تنظيم داعش قال: "لقد عثرنا على عشرات الجثث أثناء تمشيطنا لمنطقة غرب السدرة، مما يؤكد تجاوز قتلى التنظيم إلى ما يقارب 100 مسلح ولكنها تقديرات".