مع الأخذ بمرئياته في صياغة القوانين التي تخصه
أصحاب الأعمال لا يعارضون فرض ضرائب بنسب معقولة ومدروسة وبتدرج مريح مقابل التسهيلات

مسقط ـ «الوطن » :
قال سعادة سعيد بن صالح الكيومي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان إن أهمية القطاع الخاص تظهر في الأزمات الاقتصادية كالتي تمر بها الدول المعتمدة على النفط كمورد رئيسي للدخل في الوقت الحالي، وتتجه إليه الأنظار كمنقذ، ويوكل إليه دور بالغ الأهمية في تحسين مستوى مساهمته في الدخل الوطني وإخراج البلاد بأقل قدر ممكن من الخسائر من جراء الأزمة،
ولذا ومن هذا المنطلق ومن أجل أن يستطيع القطاع ممارسة دوره بأداء عال فإنه ينبغي على الحكومة توفير ما يمكن توفيره من سبل وأساليب الدعم الذي يكفل نموه وأخذه بزمام المبادرة في مثل هذه الأزمات، والبعد كل البعد عن التشريعات التي قد تكون سببا في هجرة المال والأعمال كما حدث خلال الأزمة المالية في العام 2008 حينما قامت دول بما فيها الولايات المتحدة الأميركية بضخ أموال لدعم القطاع الخاص والحفاظ على مكوناته.
وأضاف سعادته: نعم نتفق أن القطاع الخاص بحاجة لمزيد من التنظيم، ولكن قبل ذلك هو بحاجة لمزيد من الثقة من قبل الحكومة، وهو بحاجة إلى أن يكون له صوت مسموع والأخذ بمرئياته في صياغة أي مسودة للقوانين التي تخصه واعتباره شريكا مع الحكومة في كل ما يتعلق بالتشريعات الاقتصادية ولكن مع الأسف الواقع غير ذلك، حيث يطلب من الغرفة مراجعة قوالب جاهزة من القوانين مع مساحة ضيقة من الوقت، ومما يدعو للاستغراب أن قوانين أخرى بدرجة عالية من الحساسية تمرر من الحكومة إلى مجلس الشورى دون الالتفات إلى أهمية استشارة الغرفة كممثل للقطاع الخاص العماني ! في الواقع أنه لا يمكن لأحد أن يفتي في قوانين كهذه إلا العاملين في الحقل نفسه من أصحاب أعمال ومختصين وتبقى وجهات نظر من هم خارج الميدان مجرد اجتهادات قد تخطئ وقد تصيب، ثم إن السؤال المطروح : من المسؤول عن تغييب دور الغرفة كجهة استشارية للحكومة وممثلة للقطاع الخاص العماني؟ في الواقع هذه الممارسات لها تداعياتها السلبية على الاقتصاد الوطني دون شك.
وبحسب قربنا الدائم من مجتمع الأعمال وحواراتنا معهم فإن هاجس الوطن والخروج به من الأزمة الحالية هو هاجس الجميع فهم مواطنون بالدرجة الأولى ثم رجال أعمال في المقام الثاني إلا أن التصور المغلوط الذي ساهمت وسائل الإعلام وبعض المؤسسات الحكومية في رسمه والذي صور مجتمع الأعمال على غير حقيقته هو تصور غير عادل وينبغي تصحيحه. لا يعارض أصحاب المؤسسات فرض ضرائب بنسب معقولة ومدروسة وبتدرج مريح على مؤسساتهم بمقابل جملة من التسهيلات فيما يتعلق بإنهاء الإجراءات واستخراج التصاريح والتراخيص والمأذونيات وتحجيم البيروقراطية وتحسين بيئة الاستثمار وحل مشكلة تعدد التصاريح وتداخل الاختصاصات بين مؤسسات الدولة وسرعة تفعيل عمل المحطة الواحدة، فعنصر الوقت هو العنصر الأهم في لغة الأعمال وعندما يتم إيجاد الآلية التي تكفل عدم اضاعة الكثير من الوقت والجهد بين الجهات الحكومية بالآلية التي تحقق معادلة العلاقة التكاملية بين القطاعين فبذلك يبلغ النجاح ويخرج الطرفان رابحين.

وأشار إلى أن التحديات التي تنهك القطاع ما زالت عديدة والجهود نحو تذليلها لم تفض لنتائج واضحة على أرض الواقع ومن وجهة نظر الغرفة نرى أن تفعيل اللجان المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص سيكون له أثره في إيجاد حلول للكثير من التحديات مع التشديد على أنه لا يمكن لأي من القطاعين أن يعمل بمعزل عن الآخر.
وحيث إنه من المعلوم أن الأصل في حل المشكلة هو معالجة الأسباب التي أدت إليها، فعند الحديث عن الزيادات الضريبية مثلا نجد أن هناك خللا واضحا في آلية تحصيل الضرائب بالنسب الحالية وعدم اصلاح هذا الخلل عبر رفع كفاءة التحصيل وتفعيل الرقابة والمتابعة فسيتفاقم الخلل مع النسب الإضافية المقترحة وسترتفع نسبة التهرب الضريبي، مما سيحجم ريع الدولة من هذه الضرائب.
ومن منطلق حق الغرفة في ابداء مرئياتها ورفع مقترحاتها التي قد تكون أكثر جدوى تعميم ضريبة الدخل على الشركات بكافة فئاتها، والإبقاء على نسبة 12% لسنة قادمة مع مراعاة رفع كفاءة آلية التحصيل وسن الأنظمة والتشريعات التي تحد من التهرب الضريبي لا سيما وأنه حسب المتوفر من معلومات 4000 شركة فقط من أصل 300 ألف شركة مسجلة لدى الغرفة هي الملتزمة بدفع الضرائب، مما يؤكد وجود خلل ما في آلية التحصيل، علاوة على ذلك خصخصة بعض القطاعات العامة ونقل ملكيتها وإدارة تشغيلها للقطاع الخاص، وتقييد عدد السجلات التجارية ونوع وعدد الأنشطة بالنسبة للمالك غير المتفرغ فذلك من شأنه تقليل تضارب المصالح وخفض أعداد الباحثين عن عمل، وتطوير شبكة مواصلات عامة بمواصفات عالية تؤسس لثقافة جديدة في هذا الإطار وتهيئ للمرحلة المقبلة بعد رفع الدعم، حتى لا نضطر لإعادة الدعم مستقبلا.
أما فيما يخص قطاع التعدين وقبل فرض اتاوات اضافية عليه أو تشريعات تخصه يجب الفصل بين مناجم المعادن الفلزية والمحاجر والكسارات على أن يصار إلى فرض الضرائب من صافي الأرباح فهو ثروة وطنية يجب أن يستفيد منها الوطن والمواطن أيضا، فهو قطاع واعد وحيوي جدا إلا أن المشكلة الرئيسية التي تعيقه تكمن في ضعف تنظيمه والعشوائية التي تسوده فهو بحاجة إلى وقفة جادة لحل مشاكله، ونؤمن بأن مشروع القطار سوف يخدمه كثيرا ويزيد من انتاجيته.