[author image="http://alwatan.com/files/2014/04/mostafaalmaamary.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]مصطفي المعمري[/author]
تمثل الإدارات الناجحة في المؤسسات الحديثة واحدة من عناصر التميز والتفوق في منظومة العمل المؤسسي الذي يقوم في أساسه على التطوير والتجديد في منظومة العمل بكافة جوانبه الإدارية والمادية والبشرية بغرض الوصول لإنتاجية حقيقية تراعي متطلبات المرحلة من الخدمات والاحتياجات وتوفر بيئة عمل إنتاجية مرنة ومتجانسة بين الإدارات العليا والعاملين أو بينها وبين الجهات الأخرى.
كان ذلك ردي في حوار دار مع زميلي بالقسم المحلي بالجريدة عندما أبدى إعجابه بالتنظيم والإدارة الناجحة لقسم الطوارىء بالمستشفى العسكري بالخوض وبمستوى الخدمات والرعاية الصحية أثناء مرافقتي لإجراء بعض الفحوصات ومدى الالتزام والحرص الذي يبديه العاملون لتقديم خدمات صحية نوعية. لحظتها تبادر لذهني ندوة كنت قد شاركت فيها حول الإدارات الناجحة وكيف يمكن لهذه الإدارات أن تحدث فارقا في مستوى الخدمة من حيث النوعية وسرعة التنفيذ والتجاوب مع طبيعة الحالة عندها أدركت أنه كلما كانت الإدارة الناجحة قريبة من الواقع وتراعي احتياجات ومتطلبات العاملين وقدرتها على التكيف مع الظروف وإيجاد الحلول السريعة لكل المشكلات انعكس ذلك على أداء المؤسسة وخدماتها ونقل الصورة الذهنية للمتلقي عن مستوى الخدمة هذه وغيرها من الأسس التي باتت جوانب مهمة تشتغل عليها إدارات المؤسسات الحديثة الناجحة خاصة بالنسبة لدعم وتوجيه العنصر البشري العمود الفقري لنجاح أي مؤسسة وتطورها.
إن الواقع الذي تعيشه بعض من مؤسساتنا الحكومية والخاصة وتحديدا تلك التي ترتبط ارتباطا مباشرا مع احتياجات المجتمع بمؤسساته وأفراده هي بحاجة لإدارات فاعلة تمتلك فرص الإبداع في تقديم خدمات نوعية تنتشلها من حالة الجمود والعجز الذي يبدو أنه أصبح حالة مستعصية لدى البعض من المؤسسات نتيجة ضعف الإدارة الرشيدة ومشكلة البطء في الإجراءات وسوء في التعامل وقلة في الإنتاجية وعدم إدراك للمسؤولية مع الافتقار لجوانب عديدة تتعلق بمفاهيم العمل المؤسسي وغيرها من الجوانب التي غيبت عن أساليب الإدارات الناجحة في مؤسساتنا وربما نرجع ذلك لغياب عنصر الرقابة والمتابعة والتوجيه والتجديد في الإدارات والقيادات.
الخروج من حالة الجمود والعمل بأسلوب المزاجية والمحسوبية يتطلب دراسة متخصصة وسريعة للوقوف على أسباب ضعف هياكل هذه المؤسسات بغرض الوصول لاحداثيات المشكلة وجوانب التطوير والتعزيز.. فحالة بعض المؤسسات بحاجة لبرمجة عمل جديدة تراعي توظيف عناصر إدارية إبداعية تواكب متطلبات المرحلة بمفهوم إداري شامل وواسع يستطيع التعامل مع الواقع باختصار المسافات وتجاوز التعقيدات الطويلة التي أثقلت كاهل المؤسسات.
ولأن مفهوم الإدارة بات علما متطورا يتصف بالمنهجية والشمولية مع ارتباطه مباشرة بالحراك الاقتصادي والاجتماعي فكان لابد أن يصاحبه أيضا توافق في أساليب عمل المؤسسات وقدرتها على التفاعل مع التطورات وقربها من متطلبات واحتياجات المجتمع بكل فئاته ومطالبه لكن الواقع يختلف بالنسبة لمؤسسات عديدة لدينا لذلك فقد بات من الأهمية أن يكون لدينا مركز متخصص لقياس مستوى الأداء في مؤسساتنا والوقوف على مكامن الضعف والقوة التي بمقدورها أن تخرج بكفاءات قيادية ومستوى عال من الإنتاجية وتنويع في أساليب حديثة لتقديم الخدمة.
في المقابل من الواجب أن نشيد بمبادرات نموذجية رائدة لبعض من مؤسسات الدولة والتي أثبتت كفاءة عالية في تحقيق أهدافها وتوجهاتها مستفيدة من وجود إدارات تمتلك مرتكزات أساسية في التعامل مع مفاهيم الإدارات الحديثة مما رفع من مستوى الإنتاجية والتزام العاملين مستفيدة من جوانب المنافسة والتطوير في الخدمات وتأهيل العاملين ورفع معدلات الأجور والحوافز ووضوح الرؤى والأهداف مما مكنها من أن تتبوأ مركز الريادة في جوانب عديدة مختلفة.
إن اعتماد الفكر الإداري التقليدي أصبح من الماضي ولذلك بات من الضرورة أن تمتلك مؤسساتنا في الإدارة والإرادة السليمة لبلوغ الغايات والأهداف من وجود كيانات مؤسسية وطنية قادرة على التطور والتغير مع طبيعة المرحلة وفكر الإدارة السليمة.