[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
بإعلان كوريا الشمالية الاربعاء عن نجاحها في إجراء تجربة قنبلة هيدروجينية، تتزايد مخاوف الدول المحيطة بها من خطورة امتلاك بيونج يانج لهذا النوع من الأسلحة التدميرية.
ويقول المختصون بأن القنبلة الهيدروجينية اقوى قدرة زلزالية تدميرية اذا ماقورنت بالقنبلة النووية، مستندين في ذلك الى اعتماد الهيدروجينية على خواص الاندماج النووي الذي تنتج عنه طاقة تدميرية هائلة، بينما تعتمد النووية على خواص الانشطار النووي.
وكيفما كان الفرق بين قوة القنبلتين، اﻻ ان امتلاك اي دولة لاي منهما او للاثنين معا، يعتبر انضماما لتلك الدولة لقوة الردع النووي التي تشتمل على عدد من الدول ابرزها حتى الآن كل من اميركا وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين.
وبما ان الهيدروجينية مصنفة من اسلحة الردع التي يكون استخدامها اقرب للندرة ان لم يكن للاستحالة باعتبار شمولية التدمير لمثل هذا النوع من السلاح غير القابل للتسويق التجاري كبقية صناعات الأسلحة، ينبري سؤال عن مدى حاجة العالم اجمع لهيدروجينية كوريا الشمالية في الوقت الحالي؟.
يكون السؤال منطقيا بمجرد ان ندرك ان الاعداء التقليديين لبيونج يانج مثل اليابان وكوريا الجنوبية ليس لهم نشاط عسكري نووي كان أو هيدروجيني، ما عدا اميركا التي ﻻ تعتبر كوريا الشمالية خصما نديا متكافئا عسكريا معها، فضلا عن ان الصراع بين الكوريتين حول ملكية شبه الجزيرة الكورية يعتبر من الصراعات الميتة من الناحية العملية رغم انه ظل غير محسوما منذ هدنة الحرب الكورية في عام 1953 م.
كما ان ارتفاع التكلفة العسكرية والتجارية والاقتصادية لانتاج هذا النوع من الاسلحة باعتبار نتائج التداعيات التي بينها العقوبات الدولية التي بالضرورة ان تتبع مثل هذه التجارب تجعل الاقدام على مثل هذه التجارب غير مجديا من الناحية الاقتصادية والعسكرية معا، خصوصا وان تعليق الامين العام للامم المتحدة يشي باجراءات اممية دولية ﻻحقة كون الرجل وصف وبجرأئة نادرة التجربة (بانها خطوة تعتبر ضربا عميقا للاستقرار بالمنطقة).وفي سياق الحديث عن التكلفة الاقتصادية لهكذا تجارب رغم انغلاق بيونغ يانغ وتكتمها على المعلومات التي تتعلق باداء اقتصادها، اﻻ ان وصول تجاربها النووية والعسكرية الاستراتيجية لاربعة تجارب في الاعوام 2006 و 2009 و2013 و2016 بالضرورة ان يكون له تكلفة تراكمية عالية خصما على الرفاهية الاقتصادية لشعبها وشعوب من ينافس كوريا في السباق المحموم من اجل امتﻻك الاسلحة النووية.
كما يأتي اعلان كوريا الشمالية عن نجاح تجربتها الهيدروجينية في وقت وصل فيه عدد الجوعى في العالم سبعمائة وخمسة وتسعين مليون جائع، فهو رقم رغم تراجعه عن اعداد 1990 التي وصلت الى تسعمائة مليون جائع اﻻ انه امر يعتبر من الناحية الاخلاقية اولى باهتمام كافة دول السباق النووي بلا استثناء بان توجه استثمارات الردع العسكري لصالح انتاج الغذاء بدﻻ من انتاج الفزع والهلع في مختلف انحاء العالم.
كما كان حري بكوريا الشمالية تلك الدولة الفقيرة تجاريا ان توجه تلك الاستثمارات في الصناعات الاستهلاكية والالكترونية وبعض الزراعية بمساحاتها الصغيرة، علها في ذلك تستفيد من الكثافة السكانية العالية لحلفائها التقليديين من دول الجوار الكوري كالصين وروسيا وكليهما اسواق ذات قدرة استهلاكية عالية.
وكيفما كانت مبررات بيونغ يانغ حول استخدام حقها في امتلاك الاسلحة النووية سواء لصون سيادتها او لغير ذلك، وفي ظل تشكيك المنافسين لها في صحة ما ادعته من نجاح التجربة، يظل السؤال حول مدى حاجة العالم لهكذا تجارب.